أعاني من توتر شديد وتلعثم عند محادثة الناس أو النظر إليهم.

0 567

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة جميلة - والحمد لله - ولكني أتوتر جدا عند محادثة الناس والنظر إليهم، وأتلعثم عند مخاطبتهم ونسيان الأشياء التي أقولها وسط الكلام، مما يسبب لي الإحراج الشديد والإحباط عند مواجهة الناس وتقديم العروض الجامعية، أتذكر دائما المواقف السيئة بحياتي ولا أنساها، وفي بعض الأحيان أفكر بالانتحار ولا أستطيع، لأني أخاف الله، وتصدر مني أفعال غريبة، أحب الانطواء والعزلة، أغوص في أحلام اليقظة وأتفاعل معها، تأتيني وساوس في العبادات مما تعيقني عن أدائها،، مع العلم أني عكس ذلك تماما.

أرجو المساعدة وجزاكم الله خيرا، ساعدوني أرجوكم من بعد الله تعالى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شوق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن الأعراض التي ذكرتها في مجملها هي أعراض قلق نفسي لها جزئيات متعددة، منها المخاوف، خاصة المخاوف في المواقف الاجتماعية، وكذلك لديك الوساوس، وفي ذات الوقت لديك ما نسميه بالاكتئاب العصابي البسيط، وهذا ليس من أنواع الاكتئاب الخطيرة، إنما هو نتاج لعملية القلق والمخاوف والوساوس التي تعانين منها.

أولا: أريد أن أتوقف عند تفكيرك في الانتحار، وحقيقة استغربت جدا لذلك، فما الذي يدعوك إلى الانتحار؟ هذه أعراض كثيرة وشائعة، والخوف والوسواس والقلق هي أنواع من الطاقات النفسية الإنسانية، يمكن أن توجه إيجابيا ويمكن أن توجه سلبيا، والإنسان الذي لا يقلق ولا يوسوس ولا يخاف بدرجة معقولة لا يستطيع أن ينجز، لا يستطيع أن يكون إيجابيا، لا يستطيع أن يكون له وجود وحضور في الحياة.

فأيتها الفاضلة الكريمة: هذه الفكرة – فكرة الانتحار - انزعيها من رأسك تماما، وجزاك الله خيرا عندما ذكرت أنك لولا مخافة الله تعالى لربما أقدمت على هذا الأمر، هذا جميل، أضف إلى ذلك: يجب أن تفكري بصورة أفضل، أنت الحمد لله تعالى في بدايات الشباب، الحياة طيبة، الحياة جميلة، أنت تخرجت من الجامعة، وهبك الله تعالى الجمال، فما الذي يدعوك حقيقة للإقدام على الانتحار، على العكس تماما: أنت يجب أن تتمسكي بالحياة وتعيشيها بقوة وبفعالية وبالمزيد من التقدم والإنجاز إن شاء الله تعالى.

هذا هو الأمر الأول وهو مهم، والذي أقصده من خلال ما ذكرته لك هو أن تكوني إيجابية في تفكيرك وتخلصي تماما من هذا التفكير السلبي.

ما يحدث لك من تلعثم ومن حرج أمام الناس خاصة عند مخاطبتهم، هذه الجزئية هي مرتبطة بما نسميه بالرهاب أو الخجل الاجتماعي البسيط.

ثانيا: أريدك أن تقيمي نفسك تقييما صحيحا، أنت لديك المقدرات الحمد لله تعالى، ودائما فكري مع نفسك، قولي (ما الذي يجعلني أخاف؟ أنا مثل الآخرين، وربما أكون أفضل من بعضهم) فلا تقللي من شأنك أبدا.

ثالثا: ألفت نظرك أنه لا أحد يقوم برصد تصرفاتك أو مراقبة أفعالك أو طريقة كلامك، ودراسات كثيرة جدا أشارت أن الذي يعاني من الخوف الاجتماعي تصوراته حول نفسه دائما مبالغ فيها، فأنا متأكد أن التلعثم الذي ذكرته غير موجود، وهذا التوتر الداخلي الذي تحسين به لا يشعر به الآخرين، هذه حقيقة علمية مهمة جدا.

الجزئية الأخرى في العلاج هي العلاج الدوائي، فهذه الحالات تستجيب بصورة ممتازة جدا للأدوية المضادة للقلق والمخاوف والوساوس، وأنا أرى أن من أفضلها في حالتك العقار الذي يعرف تجاريا باسم (زيروكسات) ويعرف علميا باسم (باروكستين) هو من أفضل الأدوية، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة نصف حبة (عشرة مليجرام) تناوليها يوميا بعد الأكل لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة، استمري عليها لمدة شهر، ثم اجعليها حبة ونصف حبة يوميا لمدة شهر آخر، ثم ارفعي الجرعة إلى حبتين في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، يمكن أن يتم تناولها بمعدل حبة صباحا وحبة مساء.

بعد ذلك – أي بعد انقضاء الثلاثة أشهر على جرعة الحبتين – خفضي الجرعة إلى حبة ونصف لمدة شهر، ثم إلى حبة واحدة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

لابد أن يكون هنالك التزام قاطع بهذه الجرع من الدواء، وبحسب الترتيب والنظم التي شرحناها لك، لأن كل مرحلة علاجية لها ضوابطها ولها مآلاتها، فالإنسان الذي يلتزم دائما تكون النتائج رائعة جدا.

الدواء غير إدماني غير تعودي، لا يؤثر على الهرمونات النسائية، وفعاليته معروفة جدا، - وإن شاء الله تعالى - يكون سببا في أن يشرح صدرك وأن تزال هذه المخاوف وكذلك الوساوس.

الوساوس في العبادات يجب أن تحقر، يجب أن يتم تجاهلها، ويجب أن يقاومها الإنسان، وإن شاء الله تعالى سوف تجدين أن الدواء قد ساعدك ومهد لك الطريق لتطبيق هذه الإرشادات السلوكية.

هنالك تمارين الاسترخاء أيضا نعتبرها ذات أهمية خاصة في علاج المخاوف والقلق والتوتر، لذا أرجو التدرب عليها، يمكنك تصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، أو يمكنك التواصل مع أخصائية نفسية – وليست طبيبة نفسية – لتقوم بتدريبك عليها.

أرجو أن تستثمري وقتك بصورة طيبة وفعالة، هنالك أنشطة تساعدك كثيرا، مثلا الذهاب إلى مراكز تحفيظ القرآن، ونحن الآن مقدمون على شهر الصيام شهر رمضان، على موسم الخيرات، هذه فرصة عظيمة لحضور الدروس والذهاب إلى مراكز التحفيظ وصلاة التراويح في المسجد إذا أمكن، والتفاعل مع الأخوات من اللواتي يرتدن هذه المرافق، فالتفاعل في مثل هذه الأجواء والمحيط الآمن المطمئن يعطي دفعة معنوية قوية جدا للإنسان.

أنا على ثقة كاملة أنه سيتم شفاؤك، وأؤكد لك أن الحياة طيبة وجميلة، عيشيها بقوة، وعيشي المستقبل بأمل ورجاء، وأسأل الله أن يسددك ويوفقك، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات