تعرفت عليه عن طريق الإيميل... فهل أواصل معه بغرض الزواج؟

0 529

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله
تحية طيبه لكم سادتي

أنا فتاة في ربيعها 18 أعيش في أسرة صغيرة، حياتها هادئة، ويغلب عليها الطبع الراقي، أما أنا فشخصية حالمة رومانسية، لدي عاطفة لا أعلم أين أوجهها، ولكن والله الحمد كنت دائما ما أحكم عقلي قبل قلبي، فلم يصدر مني قط فعل مشين في توجيهها.

ولكن قبل فترة تعرفت على شخص من دولة أخرى، وبدأنا نتحدث على الإيميل ولم أكن قد تحدثت مع شاب غيره على الإيميل قط (ما عدا ابن خالتي ) شعرت بارتياح كبير نحوه، لقد كان لائقا معي ولم يحاول التحدث بصورة سيئة، لم أكن لأفسر هذا حبا لولا مكوثي ساعات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر لأنتظر دخوله، لقد كنت أشتاق له فعلا، ولكن للأسف لم يكن يستطع الدخول إلى الإيميل يوميا بحسب ظروفه، فطلب مني أن أكلمه على هاتفه الجوال، ولكنني رفضت، لم يحاول الضغط علي كثيرا، ولكن بعد فترة عندما بدأت بالاشتياق له كثيرا ولم يكن موجودا أصر علي أن آخذ رقمه وأنا لا أتحدث معه، فقط نتبادل الرسائل، أعجبني كثيرا هذا الحل، ولكنني كنت خائفة من عواقبه، فلا أريد جرح ثقة عائلتي بي، وكذلك خوفا من غضب أمي إذا اكتشفت ذلك؛ فهي صارمة بعض الشيء!

استشرت صديقي الوحيد ابن خالتي فهو مقرب لي كثيرا، فطلب مني أن يتواصل معه ويرى مدى جديته، أعطيته الإيميل ورقم الهاتف ولكن لم يتحدثا معا.

آسفة على الإطالة عليكم، ولكن سؤالي هو هل يمكن أن ينتهي هذا الحب بالزواج؟ فهو في بقعة وأنا في بقعة أخرى من الأرض؟ وهل فعلي صحيح بعدم مكالمته على الجوال مع العلم أنه محترم ومؤدب؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا فأنا في حيرة من أمري، فجل ما أعمله الآن أننا نحب بعضنا كثيرا ولا أريد تركه لأني لا أستطيع.

جزاكم الله خير العطاء وأثابكم وأحسن إليكم، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حلا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.

مرحبا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب.

فلقد أصبت عين الحقيقة أيتها البنت العزيزة حين امتنعت عن محادثة الشباب عبر الإيميل أو غيره من وسائل الاتصال، كما أصبت أيضا حين امتنعت من تكليم هذا الشاب على الهاتف، وهذا كله يدل على رجاحة في عقلك، نسأل الله تعالى أن يهديك وأن ييسر لك الخير حيث كان، ونحن نتمنى أيتها البنت العزيزة أن تستعملي هذا العقل الذي منحك الله عز وجل إياه في التفكر في عواقب الأمور بجدية، وأن تتفكري في مدى النفع الذي ستجنينه من وراء هذه العلاقة القائمة بينك وبين هذا الشاب.

ثم ينبغي أن تتنبهي أيتها البنت العزيزة أن الإنسان مهما كان عاقلا فإن العقل وحده لا يكفي لدلالة الإنسان على مصالحه الحقيقية، فالعقل محتاج أيضا أن يستضيء ويستنير بنور الوحي الذي أنزله الله عز وجل للمؤمنين والمؤمنات تعليما لهم وتأديبا ودلالة لهم على الخير وتجنيبا لهم الشرور والآثام، فإن البشر والواحد منا قد يبدو له الشيء القبيح في صورة حسنة فينخدع به ويغتر، ولكن الله عز وجل العليم الحكيم الخبير أنزل شرعه، وحد حدودا، وعلمنا آدابا وفرض علينا فرائض وحرم علينا محرمات، إذا التزمنا بهذا نلنا أولا رضى الله عز وجل الذي برضاه تصلح الدنيا والآخرة، وحافظنا على أنفسنا ثانيا.

لهذا ينبغي أيتها البنت العزيزة أن تفكري جيدا في موقفك من هذه الآداب والتعاليم الشرعية وأين مكانك منها، هل أنت فعلا سائرة في الطريق الذي يرضى بها الله عز وجل، وإذا رضي عنك أسعدك في الدنيا والآخرة؟ أم أنت سائرة في غير ذلك الطريق؟

تيقني جيدا أيتها البنت العزيزة أن غضب الله عز وجل إذا غضب على الإنسان فإن غضبه لا تقوى عليه السماوات والأرض، فكيف بهذا الإنسان الضعيف، ومن ثم فينبغي أن تفكري في تجنب غضب الله عز وجل وسخطه، كما تفكرت في غضب أسرتك وجرح مشاعرهم وجرح ثقتهم، بل التفكير في غضب الله عز وجل وتجنبه أولى وأحرى.

إننا أيضا نشكرك على تعقلك وتفهمك لهذه القضية الكبيرة وهي الحفاظ على سمعتك وسمعة أسرتك، وهذا دليل أيضا على رجاحة عقلك.

بعد هذا كله نقول أيتها البنت العزيزة: إن كثيرا من هؤلاء الشباب الذين يتعرفون على الفتيات عبر وسائل الاتصال الحديثة كثيرا ما يظهرون بالمظهر الحسن، ويظهرون بالتدين والأدب والأخلاق ونحو ذلك من المظاهر التي تفتتن بها الفتيات، وتظن الواحدة منهن أن هذا الشاب مخلق مؤدب ونحو ذلك من الظنون الحسنة، ثم في كثير من الحالات التي عرفناها وأنت لم تعرفيها لم نر إلا وحوشا كاسرة، هم الواحد منهم قضاء حاجته وأربه، ثم يلقي بتلك الفتاة في بحار الأسى والحزن تتجرع الغصص وتحصد الحسرات.

من ثم فنحن ندعوك أيتها البنت العزيزة إلى عدم الاغترار بهذا الشاب لمجرد ما سمعت منه أو قرأت من كلماته، وهذا سيسهل عليك إن شاء الله سبحانه وتعالى العزوف عنه وقطع العلاقة به.

ينبغي أن تدركي جيدا بأن مراسلة الفتاة لشاب، وتبادلها له الرسائل، والتي قد تحتوي ما تحتوي فيها من كلمات الحب والمغازلة أو نحو ذلك، كل ذلك مما حرمه الله عز وجل، فإن الله عز وجل قطع أسباب الافتتان بين الرجل والمرأة، وسد كل باب يؤدي إلى الحرام، فأمر المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار، وأمر نساء المؤمنين بالتزام الحشمة إذا تحدثت مع الرجل الأجنبي فقال: {ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا} وأمر بارتداء الحجاب فقال: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} وحرم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية ولمس الرجل المرأة الأجنبية، وغير ذلك من المحرمات، كل ذلك بقصد حفظ المرأة وصيانتها وتجنيبها أسباب الفتنة، والانخداع بالشيطان وخطواته، فإن الله عز وجل حذرنا من هذه الخطوات بقوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر}.

أما ما ذكرته في آخر استشارتك فإن التعلق بهذا الشاب أيتها البنت العزيزة والطمع في أن يكون زوجا يبدو أنه شيء من الخيال والوهم، فأنت في أسرة ربما لا ترضى بهذا الشاب والوصول إليك ولو كان جادا صادقا قد لا يتيسر له، ومن ثم فإن الخير كل الخير لك بأن تجاهدي نفسك في قطع العلاقة بهذا الشاب، والانصراف عنه، وكذلك عليك أن تلتزمي بالحدود الشرعية التي ذكرناها في التعامل مع ابن خالتك، وكوني على ثقة بأن فلاحك وسعادتك ونجاحك في هذه الدنيا وسعادتك في الآخرة بالتزام هذه الآداب.

كذلك الحال في ابن خالتك الذي أشرت إليه في سؤالك يجري عليه ما يجري على هذا الشاب، فهو أجنبي عنك وليس محرما لك، ولا يجوز الخلوة به وما إلى ذلك!

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير ويرضيك به، وييسر لنا ولك أسباب الهداية.

هذا ونشكر لك تواصلك مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات