السؤال
السلام عليكم.
أنا طالب جامعي، عمري 21 سنة، عندي مشكلة منذ زمن في الرهاب الاجتماعي، في حالة وجود أي مواجهة أو نقد حتى لو كان الخصم ضعيفا جدا، لكن تأتيني رجفة وتلعثم بشكل غريب، لدرجة أني أتساءل هل سأتحول إلى شخص جبان، وفي مواقف كثيرة أعاني فيها: مثل دخلت السكشن متأخرا، وأثناء دخولي أشعر بتوتر رهيب، لدرجة أني أقفل الباب بصعوبة، عدم القدرة على أداء انترفيو، عدم القدرة على المشاركة أثناء السكشن؛ لأني لو شاركت أشعر أن العالم كله يراقبني، وأرى كأن حنجرتي تحولت إلى صخرة، لا أقدر على الكلام، ورعشة شديدة في اليدين.
عموما هذه المشكلة تواجهني مع الأشخاص الغرباء فقط، مع الأقارب والأصدقاء لا يوجد أي رهاب.
أرجو مساعدتي يا دكتور، علما بأني أتناول دواء بروزاك لعلاج الاكتئاب، وبريانيل (كربونات الليثيوم)، لأن نسبة الليثيوم ناقصة عندي بالدم، فما هو الدواء المناسب للرهاب؟ وهل يجب أن أوقف البروزاك أو أستبدله بالبروزاك؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالخوف الاجتماعي هو في الأساس نوع من القلق النفسي، وأنت متفهم تماما لحقيقة حالتك، وأعتقد أن ذلك سوف يساعدك كثيرا في العلاج.
أولا: أريدك أن تصحح مفهومك بأنك تحت مراقبة الآخرين، فهذا ليس بالصحيح أبدا.
هنالك تجارب علمية تمت وتمثلت هذه التجارب في أن الذين يعانون من الخوف الاجتماعي تم تصويرهم عن طريق الفيديو أثناء المواجهات الاجتماعية، وبعد ذلك تم تحليل هذه الصور وعرضت عليهم، واتضح أن مفاهيمهم كلها كانت خاطئة، فمن كان يظن أنه يتلعثم، ومن كان يظن أنه على وشك أن يسقط، ومن كان يعتقد أنه يرتجف، اتضح أن هذه المشاعر كلها مبالغ فيها، على الأقل بنسبة ثمانين إلى تسعين بالمائة، فيا أخي الكريم أرجو أن تطمئن.
الذي يحدث هو أن التغيرات الفسيولوجية الداخلية هي التي تجعلك تحس بهذه الرهبة بصورة واضحة، وأقصد بالتغيرات الفسيولوجية أن الإنسان بطبيعته في أثناء المواجهة في أثناء اللقاءات لابد أن يكون هنالك تحفيز من جانب الجسد واستعداد، وهذا يتمثل في إفراز مادة تسمى بالأدرانين، وهذه تؤدي إلى تسارع في ضربات القلب، يساعد الجسم لأن تضخ كمية أكبر من الدم وينتشر الأكسجين بصورة أفضل من أجل تحسين الأداء، لكن لدى بعض الناس هذه الصورة قد تتحول إلى صورة سلبية ويزيد القلق ويحدث التوتر، وهكذا، فإذن أرجو أن تصحح مفاهيمك حول الذي تعاني منه.
ثانيا: الرهاب الاجتماعي ليس جبنا، وليس ضعفا في الشخصية، إنما هو خبرة سالبة قد يكون تعلمها الإنسان في الصغر من خلال أحداث معينة ربما لا يستذكرها الآن، والشيء المتعلم يفقد من خلال التعليم المضاد، والتعليم المضاد يتأتى من خلال التجاهل وأن أقوم بفعل الضد، وفعل الضد هنا يتطلب منك أن تواجه، وأن لا تستصغر نفسك أبدا، وأن تتذكر دائما أن الذين أمامك حتى وإن كانوا من أصحاب الهيبة أو السلطة أو ما يسمى بعلية القوم فهم في نهاية الأمر بشر وليس أكثر من ذلك.
وحين تود أن تقوم بعرض موضوع معين، خذ هذا الموضوع بكل روح مستبشرة وبأريحية، وتذكر أنه لابد أن تصاب بشيء من القلق في بداية تقديم الموضوع، وهذا القلق نسميه بالقلق الإيجابي، قلق الأداء، بدونه لا يستطيع الإنسان أن يؤدي، وحين يصيبك هذا القلق تذكر أن هذا هو الذي سميناه بالقلق الإيجابي.
تطوير المهارات الاجتماعية يتم أيضا من خلال أشياء كثيرة جدا، فمثلا الرياضة الجماعية مثل كرة القدم، الإنسان حين يلعب الكرة مع زملائه تحدث له تفاعلات مباشرة وغير مباشرة، إرادية وغير إرادية، تجده يطلب الكرة من زملائه دون أن يشعر، وهكذا. هذا وجد أنه من أفضل الطرق التي تؤدي التفاعل الاجتماعي الإيجابي وإزالة الخوف.
كذلك المشاركة في حلقات تلاوة القرآن، والصلاة في المسجد في الصف الأول، وحضور دروس العلم والمحاضرات، هذه كلها إضافات إيجابية جدا لإزالة الخوف.
بالنسبة للعلاج الدوائي فهنالك أدوية كثيرة اتضح أنها تساعد الناس في علاج الخوف الاجتماعي، والبروزاك منها، لكنه ليس الأفعل، ولذا أنا أقول لك: أعط البروزاك فرصة، ولكن اجعل الجرعة أربعين مليجراما في اليوم، وهذه جرعة مناسبة جدا لإزالة المخاوف الاجتماعية، وكذلك الرهاب، وإذا لم تتحسن بعد ذلك يمكن استبدال البروزاك بدواء آخر مثل المودابكس – في مصر – والذي يعرف تجاريا أيضا باسم (لسترال) أو (زولفت) ويسمى علميا باسم (سيرترالين) وحقيقة ما دمت أنت تتناول كربونات الليثيوم – وهذا دواء خاص جدا سيكون من الأفضل تماما أن تتواصل مع طبيبك، نفس الطبيب الذي وصف لك كربونات الليثيوم وقام بإعطائك البروزاك، أعتقد أنه في وضع أفضل ليقوم بتعديل الدواء، ولا مانع من أن تقترح له ما ذكرناه لك من آراء، وأنا متأكد أنه سوف يتقبلها بكل أريحية.
أمر آخر مهم جدا، هو أن لا تجد لنفسك عذرا في أن تعطل أدائك في الحياة، الطلابية تتطلب الاجتهاد، تتطلب المثابرة حتى تكون متميزا، إدارة الوقت بصورة صحيحة دائما مطلوبة، وهذه تحسن من دافعية الإنسان وتشجعه على أن يشعر بثقة كبيرة في نفسه.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.