كيف أتخلص من الماضي الأليم الذي عشته وأقلع عن المعاصي؟

0 508

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

كيف أنسى ماضي أليما عشته وترك آثاره مخلدة في ذاكرتي؟

وسؤال آخر: كيف يمكنني الإقلاع عن المعصية؟ بالرغم أني أقلع عنه ثم أعود إليه مرة أخرى؟

وشكري لك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فليس من الضروري أبدا أن ينسى الإنسان ماضيه، ولكن يجب أن لا يضخمه ويجسده مهما كان مؤلما، إنما يعتبره نوعا من الخبرة والعبرة والتجربة، ومن خلال هذا التفكير سوف يضع الماضي في خزانة النسيان، هذا أولا.

ثانيا: من أهم أسس التفكير النفسي الصحيح حول الماضي إذا كان الإنسان يرى أنه مؤلم هو أن يتذكر أن هذا الماضي لن يعود مرة أخرى، فهو قد انتهى، والمهم هو الحاضر والمستقبل، والحاضر يعيشه الإنسان بقوة وفعالية، والمستقبل يعيشه أو ينتظره بأمل ورجاء، فإذن الماضي قد انتهى ولن يعود.

ثالثا: التفكير في الماضي على أنه فترة ومرحلة عابرة في حياة الإنسان، والأخطاء التي حدثت في الماضي خاصة في مرحلة الطفولة واليفاعة يكون الإنسان فيها ضحية أكثر من أنه معتديا، والضحية غالبا لا تحاسب، فإذن أنا أتصور أن هذا الماضي الأليم بالنسبة لك لست مسئولة عنه؛ وذلك لأنك لم تكوني في سن التكاليف، وأرجع مرة أخرى وأقول لك أنه يجب أن تعيشي الآن بقوة بفعالية بإيجابية بأن تكوني نافعة لنفسك ولغيرك، وهذا هو المهم.

إذا اتبعت هذا المنهج الحياتي الأصيل فسوف تجدين أن ذكريات الماضي أصبحت تنقشع وتنحسر وتطوى في صفحة النسيان إن شاء الله تعالى، والماضي دائما له ظروفه البيئية والأسرية، وهذه الظروف تتغير، ولابد أن تكون قد تغيرت الآن، هذه هي الوسائل الأساسية لأن يتخطى الإنسان ما يعتبره مؤلما في مرحلة من مراحل حياته خاصة مرحلة الطفولة.

وهنالك أمر آخر مهم جدا وهو أن الإنسان إذا سيطر عليه الفكر السلبي وشيء من عسر المزاج والكدر تجده يحلل ويفسر ماضيه بصورة خاطئة جدا، بمعنى أنه حتى ولو كانت هنالك سلبيات في هذا الماضي لابد أن تكون هنالك إيجابيات لا يعيرها أي اهتمام، إنما يضخم ويجسم تجربة سالبة ويجعلها تسيطر تماما على وجدانه، فهذا أيضا يجب أن ننبه إليه، وهو أن كثيرا ما يكون تقييمنا لماضينا ليس دقيقا وليس صحيحا.

أما من الجانب النفسي فأقول لك أن الإنسان ما دام في كامل عقله ووعيه، ويفرق بين الخير والشر، والحق والباطل، لابد أن لا ينتهج سبيل المعاصي، فالخير واضح، والشر واضح، قال تعالى: {وهديناه النجدين} وقال تعالى: {قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها} والإنسان يجب أن يعبد الله تعالى كأنه يراه، لأننا إن لم نكن نراه فإنه يرانا، ولا شك في ذلك،هذا الفكر المعرفي الأصيل يبعد الإنسان من المعاصي.

ثانيا: قسمي الحياة إلى مراحل ثلاث (الحياة الدنيا، حياة البرزخ، الحياة الدائمة/حياة الآخرة) وكلها مرتبطة ببعضها البعض، فإذا كانت بداية الإنسان خطأ، أي في المرحلة الأولى، أي في مرحلة الحياة الدنيا، فسوف ينتهي به المآل إلى ما هو أسوأ في حياة البرزخ وحياة الآخرة، الموضوع في غاية البساطة.

الأمر الآخر هو أن تجاهدي نفسك وتبحثي عن النموذج والقدوة الطيبة، فهذا مهم جدا، والإنسان يحتاج لمن يسانده في أمور الدنيا والآخرة.

ثالثا: هنالك نظرية تعرف بالتنافر المعرفي، وهي أن الحيز العقلي والفكري عند الإنسان لا يستوعب أمرين متنافرين، مثلا يقول أحد الناس أنه يصلي ولكنه يرتكب المعاصي، فلا شك أن صلاته لم ترتق للمرحلة التي توصله إلى النهي عن الفحشاء والمنكر، لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ونظرية التنافر المعرفي تقول لا يمكن أن يجتمع الاثنان.

فإذن يجب على الإنسان أن يرتفع بطاعاته حتى تنهاه صلاته وعباداته عن المعصية، ويجب أن يراقب الله تعالى في سره وعلانيته، وأن لا يجعل الله تعالى أهون الناظرين إليه.

ويرجى كذلك الاطلاع على هذه الاستشارات بعنوان أتوب ثم أعصي فكيف أستمر على التوبة (249423- 246818 - 228333 - 293842-2120436)
ووسائل الثبات على التوبة (293842) وكيفية التوبة من الذنوب -(255977 - 54902 - 254887 - 16287 - 234641).

ولا بأس أن يذكر خطوات عملية للإقلاع عن المعاصي بالإضافة للمطابقة الموجودة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات