السؤال
عندما أدخل الأسواق المغلقة أشعر بضيق نفس وكأن الدنيا تلف من حولي، ولا أحتمل المكث حتى لقياس ملابس أولادي، أضجر وأشعر بالاختناق، مع أني لا أتردد على الأسواق إلا للضرورة وعند الحاجة.
علما بأني بطبعي لا أطيق الحر، حتى بالشتاء أحب أن أجلس أمام نافذة السيارة ليأتيني الهواء البارد على وجهي، أحب البرد وخاصة وجهي، لا أرتاح إلا إذا كان باردا، فهل هذا يعتبر مرضا؟ حتى وأنا أحمم أطفالي والباب مفتوح أحس بالكتمة على نفسي، أستعجل لأنتهي بسرعة، حتى بعض الأماكن كالقبو مثلا، لا أقدر أن أتحمل أن أنزل بها، أحس بكتمة وضيق بصدري ويبدأ جسمي بضخ حرارة ووجهي يشتعل نارا.
أرجوكم أن تطمئنوني، ما هذه العلة التي بي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سورية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إن الخوف من الأماكن الضيقة هو أحد المخاوف المعروفة، والتي تعطي الإنسان الشعور بالكتمة والضيق وكأنه سيفقد السيطرة على الموقف، أو أن مكروها سيقع به، وهذه تعتبر من المخاوف البسيطة، وفي بعض الأحيان تكون مرتبطة بما نسميه برهاب الساح أو الخوف من الأماكن المزدحمة، وبعض الناس أيضا يعتريهم شيء من الخوف الاجتماعي، أي عدم القدرة على مواجهة بعض المواقف الاجتماعية.
المخاوف أيا كان نوعها فهي أمر مكتسب، ومن الناحية السلوكية يمكن للإنسان ومن خلال ما يسمى بفك الارتباط الشرطي أن يقضي تماما على هذه المخاوف، وربما تكون هنالك خبرة سابقة أو رابط نفسي هو الذي جعلك تكونين عرضة للمخاوف حين تكونين في هذه المواقف، أي الأماكن الضيقة.
الذي أنصحك به هو تحقير فكرة الخوف، قولي لنفسك: (لماذا أخاف؟ الناس كلهم يذهبون إلى الأسواق ويكونون في الأماكن الضيقة، هنالك المصاعد الكهربائية التي يستعملها الناس، فأنا لماذا لا أكون مثلهم؟) إذن تحقير فكرة الخوف من الأماكن الضيقة هو الأساس العلاجي الرئيسي.
ثانيا: التعريض والتعرض، بمعنى أن لا تتجنبي هذه المواقف، أنا أريدك أن تذهبي إلى الأسواق بصفة يومية لمدة أسبوع، وسوف تجدين بعد ذلك أن مستوى القلق بدأ ينخفض تماما.
هذا هو العلاج الأساسي لمثل هذه الحالات، وخطوة العلاج الثانية هي أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس المتدرج: اجلسي في مكان هادئ، أغمضي عينيك، افتحي فمك قليلا، ضعي يديك على ركبتيك، خذي نفسا عميقا وبطيئا عن طريق الأنف، واجعلي صدرك يمتلأ بالهواء، أمسكي على الهواء لمدة خمس ثوان في صدرك، بعد ذلك أخرجي الهواء بكل قوة وبطء عن طريق الفم.
عملية الشهيق والزفير هذه تساعد كثيرا في إجهاض نوبات الخوف والهلع التي قد تحدث عند التعرض للأماكن الضيقة، والتمرين يحتاج منك أن تكرريه خمس مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، وأيضا حين تكونين عرضة لهذه المواقف ابدئي وخذي نفسا عميقا بطيئا، وأخرجيه كذلك ببطء، هذا يساعدك كثيرا.
الخط العلاجي الآخر هو العلاج الدوائي، وتوجد - الحمد لله تعالى - أدوية ممتازة جدا لعلاج مثل هذه الأعراض، منها عقار يعرف تجاريا باسم (لسترال) ويعرف تجاريا باسم (زولفت) ويعرف علميا باسم (سيرترالين) أنت محتاجه أن تتناوليه بجرعة نصف حبة – أي 25 مليجراما – يوميا، تناوليها ليلا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء، وهو من الأدوية السليمة الفعالة، ولا يحتاج لوصفة طبية، وهو غير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، لكن لا ينصح باستعماله مع الحمل.
هذا هو الذي أود أن أرشدك إليه، وأؤكد لك أن حالتك حالة بسيطة وبسيطة جدا، المهم أن لا تتجنبي مصدر الخوف، إنما تعرضي نفسك له، وسوف تجدين أن الأمور قد أصبحت أسهل مما تتصورين.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وكل عام وأنتم بخير.