السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لعل من نافلة القول أن أشكركم على ما تقدمونه من خدمات جليلة، جعلها الله في ميزان حسناتكم. منذ حوالي ثلاثة أشهر بالتحديد كنت في أحد المحلات وشاهدت ساعة يد جميلة، وسألت عن سعرها، وحينما خرجت من المحل باتت تأتيني أفكار غريبة بأني سرقت تلك الساعة، أبحث في جيوبي مفتشا نفسي فلا أجد شيئا، تظل الفكرة مما يضطرني لدخول المحل مرة أخرى! وحينما أنظر وأجد الساعة يطمئن قلبي، ولكن عند الخروج تتكرر نفس القصة!.
استمرت هذه الفكرة تأتيني كلما دخلت محلا، حيث أشعر أني سرقت من الكاشير وأنا لم أفعل، تظل الفكرة ويظل الخوف والقلق، حينما أمر في الشركة هناك كاميرات لمراقبة المداخل، حينما أمر أمامها أشعر للحظة أني تكلمت بالسب والقذف والأعراض وأنها سجلت كلامي.
وأخيرا تأتيني أحيانا فكرة وأنا في الشارع حينما أمر بجوار طفل بأني قد اغتصبت ذلك الطفل وأضل أقاوم الفكرة دون جدوى، ذهبت إلى طبيب وأكد أن لدي وسواسا قهريا مع ذهان مزمن، وكتب لي دواء سيروسكات 25 وسوليان 200.
في الحقيقة أنا في حالة يأس شديد، وتغيبت عن العمل يومين، لا أدري ماذا تعني كلمة ذهان مزمن؟ وهل هناك أمل في شفائي؟ وهل الدواء مناسب لي وهل هناك أمل أن أعود لطبيعتي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فكل عام وأنتم بخير، وتقبل الله طاعاتكم..
هذا الوصف الجميل الذي ورد في رسالتك بما مر بك من أفكار وأحداث، من وجهة نظري أنه يشير إشارة واضحة جدا لأفكار وسواسية، هذه الأفكار الوسواسية ربما تأتي فجأة وفي شكل موجات ويتغير محتواها من وقت لآخر، وليس هنالك ما يشير إلى وجود أعراض فصامية حقيقية، ربما يكون هنالك شيء ما يشبه الفصام، ويعرف تماما أنه يوجد خلط كبير جدا ما بين بعض الوساوس القهرية وبعض الأمراض الفصامية أو ما يشبه الفصام.
أنا أعتقد أن حالتك هي حالة وسواس قهري أكثر من أي شيء آخر، وأعتقد أن عقار زيروكسات هو من الأدوية الجيدة جدا، لكن يجب أن تلتزم بتناوله بصورة منتظمة، كما أن السوليان يعتبر دواء مدعما للزيروكسات، والبعض يفضل عقار رزبريادون على عقار سوليان.
عموما الذي يظهر لي أن الوساوس هي المسيطرة أكثر من أي شيء آخر، فلا تنزعج أخي الكريم، وأنا أقدر تماما درجة القلق التي تعاني منها، وهي لسببين: السبب الأول أن الوساوس في حد ذاتها وفي محتواها من النوع القبيح النوع الذي يسبب ألما للنفس.
والسبب الثاني هو أن الطبيب قد ذكر لك كلمة الذهان. أنا لا أريد أن أطمئنك دون ارتكاز على حقائق، أريد أن أطمئنك بحق وحقيقة، وفي نفس الوقت أقدر وأحترم جدا رأي الطبيب الذي قام بفحصك فهو في وضع أفضل مني، لأنه قد قام بمحاورتك واستقصاء أكثر ودرس حالتك بدقة أكثر.
فالاختلاف ليس بالكبير في التشخيص، الذي يظهر لي هو الوساوس القهرية، أما بالنسبة للفصام والذهان حقيقة أنا لا أرى له أدلة قوية تساعدني على أن اقول أن التشخيص هو تشخيص فصامي أو ذهاني، لكن وكثيرا من الحالات الوسواسية نعطي أيضا أدوية مضادة للذهان، فكما ذكرت لك مثل السوليان ومثل الرزبريادون، فلا تخف وتوكل على الله، ونحن الآن في هذه الأيام الطيبة إن شاء الله تعالى يزول الذي بك، وانتظم على علاجك، وراجع الطبيب بانتظام، ولا تتخوف من كلمة ذهان أبدا، الشيء الأساسي هو الوسواس القهري، وفي نفس الوقت أنصحك بأن تلجأ إلى العلاجات السلوكية، وهي أن تحقر هذه الأفكار الوسواسية، وتقول أن هذه وساوس، استعذ بالله تعالى منها ومن الشيطان الرجيم، وحقرها، وحاول أن تربطها بروابط منفرة لها، مثلا موضوع أنك قد سرقت الساعة من المحل، بدلا من أن ترجع لتنظر إلى الساعة أنها موجودة ليطمئن قلبك، اربط هذه الفكرة مع شيء آخر، مثلا تذكر حادث شديد أو تذكر أي أمر محزن وشيء من هذا القبيل، وهذه الروابط المنفرة كثيرا ما تضعف هذه الوساوس القهرية.
ونصيحتي لك أيضا أن تركز على عملك، أن تمارس الرياضة، أن تتواصل مع الآخرين، ونحن الآن في شهر رمضان، في شهر الخيرات، لابد للإنسان أن يرفع من معدل عبادته ويكون قريبا من ربه.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.