مع نفي الأطباء ذلك، إلا أنني متأكد من إصابتي بمرض القلب، أفيدوني.

0 536

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الدكتور العزيز محمد عبد العليم: بداية أحب أن أنتهز هذه الفرصة وأهنئكم بقدوم شهر رمضان المبارك، وكل عام وأنتم والأمة الإسلامية بألف خير.

سبق لي وأن استشرتكم بخصوص حالتي، بسبب آلام كنت أشعر بها في القلب وقلق وغيرها، وذكرت في استشارتي السابقة أنني خضعت لفحص الإيكو، وظهرت النتيجة بأن القلب سليم تماما -ولله الحمد- وطمأنتموني بأنها مجرد وساوس، ونصحتموني باستخدام دواء اسمه (سيبرالكس) إلا أنني في الحقيقة لم أستخدمه، خوفا من أعراض الدواء، ولكن بعد استشارتي لكم يا دكتور كان لدي موعد آخر لفحص جهد القلب، أو ما يسمى (Stress Test)، والنتيجة ظهرت سليمة -ولله الحمد- إلا أن هذه الآلام لازلت أشعر بها في منطقة القلب، ولدي إحساس وخوف أنني سأموت بالسكتة القلبية أو بأزمة قلبية حادة، وأشعر بنبض في جميع أنحاء جسمي، وأحيانا يتحرك الثدي الأيسر لدي عند النبض.

هل من الممكن للإنسان في عمري أن يتعرض لسكتة أو لأزمة قلبية؟ ففي الحقيقة يا دكتور أنا أعيش في دوامة وتعاسة، وغير مطمئن تماما لكلام الأطباء بخصوص سلامتي من الأمراض، بالرغم من طمأنتهم لي، وتطور المجال الطبي لدينا في دولة الإمارات، ونصحني الأطباء بالرياضة، إلا أنني لا أمارس الرياضة إطلاقا للأسف.

أرجو منك الجواب السريع والمفصل يا دكتور، وبارك الله فيك، وشكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأنا أبادلك التهنئة بشهر رمضان المبارك، نسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعا من الصائمين القائمين، وأن يتقبل صلاتنا وصيامنا وقيامنا وأن يجعلنا من عتقائه من النار.

رسالتك واضحة جدا، وأقول لك بدون أي مبالغة: درجة وضوحها والطريقة التي صغت بها جعلتني أشعر كأنك تجلس أمامي، وتشتكي من أعراض المخاوف المرضية ذات الطابع الوسواسي، وهذا هو تشخيص حالتك، وأنا أعرف أن من طبيعة قلق المخاوف الوسواسي أن الشخص لا يقتنع بسهولة بما يتم توضيحه له وأن الحالة ليست حالة عضوية، إنما هي حالة نفسية بسيطة والألم ناتج من انقباضات عضلية، والانقباضات العضلية سببها القلق والتوتر، ولماذا هذا الألم في منطقة القلب؟ الإجابة بسيطة جدا وهي أن الناس في هذا الزمان انشغلت كثيرا بأمراض القلب والتي أصبحت منتشرة ويوميا قد تسمع هذا مات بالسكتة القلبية، وهذا حصلت له ذبحة صدرية، وهكذا.

إذن أصبح على مستوى العقل الباطن هنالك تراكمات لدى الناس تجعلهم يتخوفون من أمراض القلب ومن الموت من خلال السكتات القلبية.

أنا أود أن أؤكد لك أن الحالة حالة نفسية، وفي نفس الوقت أجد لك العذر أنك لم تقتنع بسهولة، لأن من طبيعة القلق في مثل هذه الحالات أن يجعلك لا تقتنع بما يقال لك، لأن ما يشغل بالك هو حالة القلب، ومهما يقال لك فربما تجد صعوبة في الاقتناع، لكني أريدك أن تقتنع.

أتاني أحد الإخوة منذ فترة وكان يتخوف من مرض السرطان، وقد ذهب لعدة أطباء، نصحه أحد الإخوة الأصدقاء من الأطباء أن يقابلني، وحين جلست معه وتحاورنا وجدته رجلا لطيف جدا، وفي نهاية الأمر قلت له: يا أخي كأنك تريد أن أقول لك نعم فعلا أنت مصاب بالسرطان؟ كانت هذه المقولة مقنعة له جدا بأنه فعلا يعاني من الوساوس.

فيا -أخي الكريم-: أنا لا أريدك أن تنتظر من يقول لك أنت مصاب بأمراض القلب، أنت لست مصابا بأمراض القلب، لكن في نفس الوقت مصاب بمرض مزعج، وهو قلق المخاوف الوسواسي، ونحن يجب أن نعترف أنه مزعج، وهذه لا أحد يستطيع أن ينكرها، لكن أيضا أنه غير خطير، والحقيقة الأخرى والأهم أنه يمكن أن يعالج، والسبرالكس الذي وصف لك هو من أفضل الأدوية التي تعالج هذا المرض، وأنا أقول لك أعرف مريض يبلغ من العمر أربعة وتسعين عاما وهو يتناول عشرين مليجراما من السبرالكس، وهو الآن في أمان الله وفي صحة ممتازة، كانت لديه مخاوف مرضية وقلق، والرجل يعاني من ضيق في الشرايين، ومن مرض السكر.

الذي أود أن أصل إليه أن السبرالكس سليم جدا، يستعمل حتى بالنسبة لكبار السن، وأنت - والحمد لله تعالى - تتمتع بالصحة الجسدية الكاملة وأنت في بدايات سن الشباب، فأرجو أن تتناول السبرالكس، وأرجو أن تتناوله لمدة لا تقل عن ستة أشهر، لأن هذه هي المدة العلاجية، ابدأ بخمسة مليجرام -أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام- يوميا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها عشرة مليجرام (حبة واحدة)، ولا أعتقد أنك محتاج لأكثر من هذه الجرعة، تناولها يوميا لمدة خمسة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

الجانب الآخر في العلاج هو ممارسة الرياضة، وأضف إلى ذلك لا بد أن تمارس تمارين الاسترخاء أيضا، وهذه يمكنك أن تتعلمها من خلال تصفح أحد المواقع على الإنترنت، والشيء الأهم من ذلك هو أن تتذكر دائما أنك في حفظ الله وفي حرزه وفي أمانه، وعليك بالأذكار وعليك بالدعاء، عليك بالصلاة في وقتها مع الجماعة، تلاوة القرآن، وتذكر أخي الكريم أن الخوف من الموت لا يقدم في عمر الإنسان ولا يؤخر فيه لحظة واحدة، ركز على دراستك، فسلاح العلم وسلاح الدين هي التي من خلالها يستطيع الإنسان أن يواجه تحديات الحياة في هذا الزمان.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات