أعاني من سوء معاملة أمي لي، فما الحل لذلك؟

0 779

السؤال

لا أريد العيش مع أمي كل يوم وهي تحطمني؟

أنا بنت عمري 19 سنة، انتهيت من الثانوية -ولله الحمد- عيبي أنني خجولة لا أحب أتكلم مع الناس، ليس كل أحد يدخل قلبي، وكثير من الناس قالوا لي اتركي الخجل، لكن ليس بيدي، لا أستطيع، كرهت أمي، لدرجة أحس أنها لا تتمنى لي الخير، كل يوم أنا وهي في مشاكل، لكن أنا عمري ما بدأت في مشكلة معها، عندما تستيقظ تأتي إلي تصرخ، وما عملت شيئا، تقول أصلا أنت غبية، وما تفهمين الناس، انظري كيف فلانة شاطرة لدرجة مرة قلت لها سأدخل علمي فقالت أنت تتدخلين علمي، وتضحك، تحطمت ودخلت أدبي، وكذلك تقول لو جلست في البيت تربين إخوانك وتنظفين البيت بدل الشغالة أحسن، والله أنا تعبت لدرجة لما آتي أنام لازم أبكي، وتقول لي أنت أصلا ستكونين خياطة أو شغالة في البيوت أحسن لك.

كرهت شيئا اسمه البيت؛ لأنها موجودة معنا في البيت، وطول الوقت وأنا جالسة في غرفتي لا أطلع منها، لما تكون مستيقظة لا أحب أقابلها نهايئا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ reemo حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يصلح ما بينك وبين والدتك، وأن يفتح عليك فتوح العارفين، وأن يوفقك في دراستك، وأن يجعل لك سبيلا للتخلص من هذه الحياة الصعبة القاسية، وأن يعطف قلب أمك عليك، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فإنه ومما لا شك فيه أن هذه الصفة الكريمة التي أكرمك الله -تبارك وتعالى- بها صفة عظيمة وجليلة ورائعة، وهي في الواقع ليست خجلا كما تذكرين، وإنما هذا يعرف في الإسلام باسم الحياء، والحياء لا يأتي إلا بخير كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، والفتاة أو البنت العفيفة بطبيعتها خاصة البنت البكر التي عاشت حياة نظيفة وفاضلة بعيدة عن التسفل وعن الابتذال وعن الاختلاط المفضوح تتمتع بمثل ما تتمتعين به أنت من الحياء، وهو حقيقة ليس صفة مرضية وإنما هو ظاهرة طبيعية، فإن الخجل مرض، وعلامته أن الإنسان يستحي من كل الناس سواء كان من النساء أو الرجال ولا يتكلم مع أحد، أما أنت ولله الحمد والمنة تتكلمين مع بعض الناس ولا تتكلمين مع البعض الآخر، فهذا يدل على أن هذا حياء، وليس خجلا، فالخجل مرض، وهذا المرض يحتاج إلى علاج ويحتاج إلى أخصائي نفساني، أما الحياء فهو أمر عظيم ومحمود، والذي أنت فيه إنما هو حياء ولا يسمى خجلا، فأنت صحيحة والذي تتصرفينه تصرف طبيعي جدا، وليس فيه ما يعكر الصفو، وليس فيه أي عيب بالنسبة لك.

أما فيما يتعلق بالعلاقة ما بينك وبين أمك، وهذه التصرفات التي وردت برسالتك وهي مما لا شك فيه تصرفات غير مقبولة، وهي تدمر كل الطموح وتقضي على كل أمل، بل وتصيب الإنسان مهما كانت قوته بالإحباط واليأس.

أقول: هذه العبارات وتلك التصرفات وهذه الطريقة في المعاملة طريقة حقيقة محزنة للغاية، وطريقة فعلا مدمرة للغاية، وعلاجها كما أتصور إنما هو في المصارحة، فأنت الآن انتهيت من الثانوية العامة، وأصبحت الآن من فضل الله -تبارك وتعالى- على قدر من الوعي والثقافة، والإدراك وتقدم السن، فتستطيعين بارك الله فيك أن تقومي بمواجهة أمك مواجهة كلها أدب وكلها احترام وتقدير، ولكن لابد لهذا المسلسل الهزلي أن يتوقف، لا بد لهذه التصرفات الغير معقولة أن تتوقف، لا بد لك أن تشعري فعلا بأن الحياة ليست بهذه السوء، ولابد أن تعلم أمك أن الذي كان مقبولا بالأمس أصبح الآن غير مقبول، ولابد أن تعلم أن تلك التصرفات تصرفات غير شرعية، ولا يقبلها الشرع، ولا يؤيدها الواقع، وأنها تربية خاطئة بنسبة مائة بالمائة، وأن عملية الإحباط التي تمارسها أمك بالنسبة لك عملية صعبة جدا وعنيفة وقاسية، فينبغي عليها أن تتوقف عنها، وحتى يتم ذلك أقول: لا بد أن تقومي أنت بهذا الدور بنفسك، أتمنى أن تجلسي مع أمك وحدكما، وأن تقولي لها (يا أمي أنا أريد أن أتكلم معك بصراحة)، فإن قبلت منك هذا العرض، وجلست أنت وهي بيني لها أن هذه الأشياء التي تقولها، وتلك التصرفات التي تصدر عنها تدمرك، وتحطمك فعلا، وأنها بذلك تضرك ولا تنفعك، وتبيني لها أنك واثقة أنها تحبك وتتمنى لك الخير ولكن طريقتها في التعامل ليست طريقة شرعية ولا مقبولة ولا محمودة.

بهذه الطريقة بارك الله فيك تستطيعين أن توصلي لها رسالة، وأن تقولي لها: (إن هذه الطريقة ليست طريقة صحيحة في التعامل معي، وإنما أنا أريد منك أن تتعاملي معي بالطريقة الفلانية) وتبينين لها كيف تتعامل معك.

إن استطعت أن تبلغيها هذه الرسالة بنفسك فأعتقد أن هذا إنجاز وإعجاز، وأنه نقطة تحول في حياتك وحياة والدتك -بإذن الله تعالى-.

إذا لم تتمكني من ذلك بارك الله فيك فأتمنى أن تدخلي أحدا بينك وبين أمك، وليكن والدك، لأني لم أشعر أنك أشرت لوجود والدك ولو بطريق التعريض، فهل يا ترى والدك موجود أم غير موجود؟ إذا كان موجودا فلا بد أن يتحمل مسئوليته، ولا بد -بارك الله- فيك أن تشكي إليه حالك، وأن تبيني له المشاكل التي تتعرضين لها، وأنه يجب عليه أن يقوم بدوره في محاولة الإصلاح فيما بينك وبين أمك.

إذا لم يكن موجودا فلا مانع من الاستعانة مثلا بأخت كبرى أو أخ كبير أو عم أو خال مثلا من الذين يتكلمون مع الوالدة ليبين لها أنها تدمرك وهي لا تدري، لا بد من إيصال الرسالة إلى أمك، رسالة بينها واضحة، لأن الذي تفعله نوع من الدمار فعلا، وأنها تدمرك تدميرا حقيقيا.

ولذلك أقول: ضرورة لا بد من ذلك، إما أن تقومي أنت بهذا الدور وليكن ما يكون ما دمت تتعاملين معها بالأدب والاحترام والتقدير، وإما أن يقوم بذلك أحد نيابة عنك ممن يستطيع أن يؤثر في أمك، ولا مانع أن تكوني موجودة وأن تواجهي أمك بأن هذه التصرفات سببت لك نوعا من الإحباط وترتب على ذلك أنك تركت القسم العلمي، وانتقلت إلى الأدبي، ورغم ذلك أيضا هي ما زالت تلاحقك بهذه العبارات المسمومة المدمرة المحبطة المؤيئسة التي تجعلك إنسانة هشة، ولا تستطيعين أن تنجزي أي إنجاز لا في مجالك الدراسي، بل ولا في مجالك الحياتي اليومي، فإنك عما قريب ستتزوجين وستظل هذه الكلمات تدوي في سمعك أنك لا تصلحين وأنك فاشلة وغير ذلك، وقد يسبب ذلك أيضا فشلك في حياتك الجديدة التي نرجو الله أن تكون حياة طيبة وسعيدة وموفقة -بإذنه تعالى-.

أتمنى لك التوفيق، وأتمنى أن تجمعي قواك، وأن تبدئي في مواجهة أمك، ولفت نظرها إلى خطورة ما تفعل، وأبشري بفرج من الله قريب.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات