السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا أدري من أين أبدأ، سأحاول أن أقول كل ما أعاني منه.
عمري 18 سنة، بدأت مشكلتي منذ شهرين، قبل امتحانات الثانوية العامة بيوم خفت من الذهاب للامتحان، وهذه المرة الأولى التي أخاف فيها بهذه الطريقة صرت أبكي وجسمي يرتعش، ذهبت للامتحان وبعد أن جئت شعرت بالتعب، وذهبت للدكتور، وطمئنني على صحتي، منذ هذا اليوم بدأت المشكلة، الحقيقة أنني صرت لا أستوعب ما حولي من الدنيا، وفقدت الإحساس بمتعة الحياة، وأصبحت أستغرب كل من حولي مثل ذي قبل.
وبدأت أخاف من اللعب، ومن الأكل، ومن بذل أي مجهود خشية أن أموت في أي وقت، وفقدت بعض من وزني، وبدأت أفكر أني أعاني من مرض خطير أفقدني بعض وزني، وعندما أصلي تزداد نبضات قلبي، فصرت أصلي بمفردي في المنزل.
ذهبت لدكتور نفسي فأجرى لي رسما للمخ، والحمد لله مخي سليم، فأعطاني دواء( xel 50 mg_larogen 25 mg)، ولكن لم يتغير الأمر ماذا أفعل ساعدوني أرجوكم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن فترة الامتحانات والاختبارات معروف عنها أن القلق النفسي يسيطر على كثير من الناس خلال هذه الفترة، والناس يختلفون في درجة تحملهم النفسي، فهنالك من لديه الاستعداد للقلق وللتوتر، وهنالك من له القدرة على التحمل الذي قد يصل إلى درجة الجمود أو الركود العاطفي والوجداني، فالناس يتفاوتون ويختلفون، وأعتقد أن في حالتك ربما يكون لديك استعداد للمخاوف وللقلق، وكان الامتحان هو الرابط الأساسي الذي حرك عندك مشاعر القلق والخوف، ويظهر أنه بدأت تنتابك ما نسميه بنوبات الهلع أو الهرع، وهي حالات من القلق الحاد تتميز بوجود أعراض نفسية تتمثل في الخوف والتوتر والشعور الداخلي بعدم الارتياح، والبعض يأتيهم شعور بأنه على وشك أن يموت، وهذا يتطور لاحقا إلى مخاوف مرضية متعددة.
كل هذا نسميه قلق المخاوف، وهي من الحالات النفسية المنتشرة جدا والبسيطة في ذات الوقت، وكما ذكرت لك في حالتك يظهر أنه لديك استعداد للقلق، وبعد ذلك كان موضوع الامتحان هو المثير الرئيسي لظهور هذه الأعراض، فأرجو أن لا تنزعج لها، وأريد أن أذكرك بأن الإنسان يحتاج لدرجة معقولة من القلق ومن المخاوف، وكذلك من الوساوس، وذلك حتى يكون فعالا ومنضبطا، لكن هذه الانفعالات الوجدانية إذا زادت عن اللزوم هنا ربما تؤدي إلى القلق الزائد والتعب النفسي.
لي نصيحة مهمة لك جدا وهي: أن تمارس الرياضة، الرياضة ذات عائد إيجابي جدا على الصحة النفسية والجسدية.
ثالثا: لابد أن تسعى جاهدا لتجاهل هذه الأعراض، والتزامك بإدارة الوقت بصورة جيدة وفاعلة والاستفادة من وقتك، وذلك من خلال الانخراط في أنشطة مختلفة، هذا يبعدك إن شاء الله من الأثر السلبي للفراغ وللخواء الذي يعيشه بعض الناس، وهذا يؤدي إلى القلق، والقلق قد يتولد منه الشعور بما يسمى باضطراب الآنية أو الشعور بالتغرب عن الذات، وأنت أشرت إلى ذلك حين وصفت أنك أصبحت تستغرب كل ما حولك، هذا شعور مصاحب للقلق، وليس أكثر من ذلك، وكما ذكرت لك يسمى بالتغرب عن الذات، أو اضطراب الآنية كما يسميه البعض.
من المهم جدا أن تكثر من التواصل الاجتماعي، أنا على ثقة أن لديك شبكة من الأصدقاء والمعارف، يمكنك أن تستفيد من التفاعل معهم بصورة إيجابية مثل ممارسة الرياضة، أن تقترح عليهم عمل حلقة لتلاوة القرآن الكريم مثلا، هذا يقوي دفء الروابط الاجتماعية ويطور من المهارات والمقدرات الشخصية ويزيل الخوف والقلق والتوتر.
التسارع في نبضات القلب والخوف من الموت هو من صميم نوبات الهلع والتي هي جزء من القلق كما ذكرت لك، وهذه أيضا تعالج عن طريق التجاهل، وأن يدرك الإنسان الحقيقة الأبدية وهي أن الموت لا محال آت، والخوف منه لا يزيد في عمر الإنسان لحظة واحدة ولا ينقصه مثل ذلك، والذي يأتيك هو شعور مرضي أكثر مما هو حقيقي.
ممارسة الرياضة كما ذكرت لك تساعدك كثيرا في أن تشعر بأنك الحمد لله تعالى في وضع صحي ممتاز.
بقي أن أقول لك أن العلاج الدوائي مهم وفعال، وتوجد الآن أدوية كثيرة جدا، الدواء الذي ذكرته والذي قام بوصفه الطبيب لك غير معروف لدي، وذلك لسبب بسيط وهو أنك أرسلت الاسم التجاري للدواء، وهذه الأسماء التجارية تختلف من بلد إلى آخر.
كنت أتمنى أن أعرف الاسم العلمي للدواء، وإن تمكنت من أن ترسل لي الاسم العلمي فهذا أمر جيد، وإن لم تتمكن أنا أعتقد أن الاستمرار مع الطبيب ما دام طبيبا نفسيا مؤهلا فسيكون أمرا مفيدا، وأمرا جيدا وأنا أؤيده تماما.
هنالك دواء يعرف تجاريا باسم سبرالكس، واسمه العلمي هو استالوبرام، هذا الدواء ذو فائدة عظيمة جدا لعلاج مثل هذه الأعراض، وفي مصر أيضا يوجد دواء يعرف تجاريا باسم (مودابكس) ويعرف تجاريا أيضا باسم زولفت، أو لسترال، ويعرف علميا باسم (سيرترالين) هذا من الأدوية الشائعة الاستعمال لعلاج قلق المخاوف.
عموما ما دمت تواصل مع الطبيب فلا تنزعج أبدا لموضوع الأدوية، والطبيب سوف يقوم بتوجيهك التوجيه الصحيح. المهم في الأمر هو أن تلتزم بتناول الدواء في وقته وحسب ما وصفه لك الطبيب.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وكل عام وأنتم بخير.