السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على الموقع الرائع، وعلى المجهودات التي تقدمونها، وأسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم.
سؤالي: سأتقدم لفتاة ذات خلق، ولا يعيبها شيء، ولكن عندها مشكلة أنها تعاني من شحنات زائدة في الجسم ( الصرع)، ومتردد لأني لا أعرف عن المرض شيئا، وأخاف أن يؤثر في المستقبل على حياتنا الزوجية وعلى الأطفال؛ لأنني دائما أحاول أن أتخيل حياتي معها، وماذا لو أتتها الشحنات وهي في الحمام أو وهي حامل؟ ومحتار جدا.
لذلك أريد مشورتكم ورأيكم الطبي، ماذا أفعل لو كنت موجودا وأتتها الشحنات؟ كيف أتصرف؟ وهل ينفع السوار الذي يوضع على المعصم لمنع هذه الشحنات؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو سارة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
ففي مثل هذه المواقف، أي الاستفسار عن الفتاة وحالتها الطبية، ومدى تأثير هذه الحالة على الزواج بها، أريد أن أؤكد لك بعض الحقائق.
أولا: ربما يكون ليس من الجيد أن نعطيك معلومات طبية عن شخص آخر، لأننا لا نملك هذه المعلومات، لا نملك هذه التفاصيل.
ثانيا: لكل إنسان خاصة فيما يخص المرض خصوصيته الذي يجب أن يحترمها الطبيب، ويجب أن يحترمها الآخرون، وليس من أصول الأخلاق الطبية الحقيقية أن نحدث شخصا عن إنسان آخر إلا بعد استئذانه.
أخي الكريم: أرجو أن لا تعتبر أنني أتهرب من الموضوع أو أريد أن أتجنب الإجابة أو أجحد عليك بمعلومات، فقط أريد أن أوضح لك الأصول الطبية.
هذه النوبات الصرعية متعددة الأنواع والأشكال، فهنالك النوبات الجزئية، وهنالك النوبات العامة، وهنالك النوبات الناشئة من الفص الصدغي، فهي كثيرة جدا ومتعددة جدا ومختلفة، وحتى علاجاتها يوجد بينها شيء من الاختلاف، كما أن مآلها – أي الشفاء والتحسن وتأثيرات الحالة – أيضا تختلف من حالة إلى أخرى.
هنا في أمر حساس كهذا – أي أنك تريد أن تقدم على الزواج من هذه الفتاة – أعتقد أن التعميم لن يكون أمرا حميدا، ربما تكون تعاني من حالة بسيطة جدا، وهذه قطعا لا تؤثر على الزواج، لا تؤثر على الحمل، وربما تكون هذه الحالة وسيطة أيضا في مثل هذه الحالة، لا نعتقد أن الزواج يمنع، ولكن هنالك تحوطات علاجية أساسية، لابد أن تتخذ، إذا كانت الحالة من الحالات الشديدة، من الحالات المطبقة التي تم محاولة عدة أسس وسبل وطرق علاجية لكنها لم تنجح، هذه قطعا ربما لا ينصح لها بالزواج إلا إذا وجد من يقبل بحالتها وكان متفهما لها التفهم الكامل، هذا موقف أساسي.
النقطة الأخرى وهي هامة جدا: أود أن أبشرك بأن معظم مرضى الصرع نستطيع أن نقول إن ثمانين بالمائة منهم الآن يمكن أن يعيشوا حياة طبيعية، ونقصد بطبيعية أنه يمكن أن يدرسوا، أن يعملوا، أن يتزوجوا، وليس هنالك ما يمنع الإنجاب.
أخي الكريم: أستطيع أن أقول إن عشرين بالمائة فقط هم الذين قد يحجبهم المرض من أن يعيشوا حياة طبيعية.
الذي أنصحك به هو أن تفاتح هذه الفتاة بوضوح شديد مع شيء من الفطنة والكياسة والتقدير والاحترام لها، إذا حدثتك قليلا عن طبيعة مرضها، أو إذا سمحت لك بالذهاب والاستفسار من طبيبها المعالج، وهذا جائز جدا، لكن الطبيب لن يقوم بذلك إلا بعد استئذانها، هذا هو الإجراء العلمي الصحيح، وأعتقد أن مثل هذا التوجه فيه إنصاف لجميع الأطراف.
بصفة عامة: لا أريدك أن تبني انطباعات سلبية عن هذه الفتاة، فكما ذكرت لك جل مرضى الصرع يتم علاجهم بصورة ممتازة جدا، وحتى العدد الذي لا يستجيب للعلاج منهم مجموعة وشريحة كبيرة جدا يكون عدم استجابتهم للعلاج ناتج من عدم انتظامهم على العلاج، وحين يتم تنبيههم لهذه النقطة تجدهم يأخذون الأمور بجدية شديدة، وتجدهم أن الأمور قد تحسنت وتم التحكم في النوبات، ويصل الواحد منهم -إن شاء الله تعالى- لمرحلة التعافي.
بالنسبة للسوار الذي يوضع على المعصم، لا أعتقد أنها وسيلة علاجية صحيحة، أعرف أن هذا الموضوع قد طرق، لكن الصرع في الأصل ناتج من ومضات كهربائية مضطربة تكون هنالك بؤرة تنطلق منها هذه الشحنات الكهربائية بترتيب معين، وهنالك تأثيرات كيميائية، وهذه المسارات الكهربائية والكيميائية تصحح عن طريق الأدوية، وليس هنالك وسيلة أخرى، من حقها أن تتعالج، لكن تتعالج بصورة صحيحة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.