السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب أبلغ من العمر 28 سنة، أبحث ومنذ فترة ليست باليسيرة عن شريكة حياتي، وأتحرى مصاهرة الأخيار.
قابلت يوما شخصا صالحا، وسمعت أن له ابنة في سن الزواج، بحثت عن الفتاة ورأيتها من بعيد، وأرسلت من يأخذ رأيها، فقالت اتصل بأهلي ولا حديث لك معي.
بدون تردد فاتحت أباها في الأمر، فقال إن ابنته لا زالت تدرس ولا يريد فتح الموضوع معها حتى لا يشوش عليها، ولكنه قال لي إن كانت من نصيبك فلن يأخذها أحد منك.
بعد أسابيع اتصلت به وحددت موعدا معه لأنظر رده، فقال لي ابحث لك في جهة أخرى فالموضوع مغلق تماما.
بعد أشهر بعثت له شخصا ذا منزلة عنده قصد النظر في الموضوع مرة ثانية، فكان رده كما قال لي سابقا.
أشيروا علي جزاكم الله خيرا، هل لي أن أكرر المحاولة أم خير لي أن أحافظ على كرامتي وأبحث عن غيره؟ علما أني كلما فكرت في عائلة أخرى أجدني أقارن بينها وبين عائلة الشخص هذا فترجح كفته.
هل لي أن أسأل الفتاة مرة ثانية عن طريق وسيط؟ علما أنني لمست منها بعض الارتياح للموضوع.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمن عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة، تكون عونا لك على طاعته ورضاه، وتتمتع بالصفات التي تريدها والتي تتفق مع شرع الله، وذلك من فضل الله ورحمته من حيث كونها حسيبة نسيبة من أسرة فاضلة، تمت بصلة إلى القيم والمبادئ والأخلاق والمثل، وهذا كله كما لا يخفى عليك من نعم الله التي أسأل الله أن يحققها لك، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك –أخي الكريم الفاضل– أقول لك أخي الكريم الفاضل: إنه ومما لا شك فيه أنه كما ذكر الرجل أنها إن كانت من نصيبك فلن يأخذها أحد منك، وهذا حق؛ لأن الزواج – أستاذ عبد الله – من الأرزاق التي قدرها الله قبل خلق السموات والأرض، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة) ومن هذه المقادير قضية الزوجات والأزواج، فلقد جعل الله تبارك وتعالى لكل رجل حظه من النساء، وجعل أيضا لكل امرأة حظها من الرجال، بل إن المرأة أحيانا قد يكون مما قدره الله عليها أن تتزوج أكثر من رجل، فتظل عند الرجل فترة من الزمن ثم يحدث أن يتوفاه الله تعالى أو أن تطلق منه لتدخل إلى حياة رجل آخر وتعيش معه وتنجب أولادا، وهكذا.
هذا الأمر يحدث كذلك بالنسبة للرجال مع النساء، فهي من أقدار الله تبارك وتعالى التي ينبغي علينا أن نسلم لها تسليما، إلا أنك تعلم أن الله تبارك وتعالى لم يأمرنا بالتواكل وإنما أمرنا بالتوكل، والتوكل هو عبارة عن الأخذ بالأسباب مع ترك النتائج إلى الله تبارك وتعالى، فعلى الإنسان أن يسعى وأن يجد وأن يجتهد، وعليه أن يتوجه إلى الله بالدعاء أن يقدر له الخير، فإن كان الخير في هذا الأمر فإن الله سيسوقه له، وإن كان الأمر على خلاف ذلك فإن الله تبارك وتعالى سيصرفه عنه لأنه جل جلاله يقول: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}.
وبخصوص مسألتك، فأنا أرى أنك ما دمت حاولت هذه المحاولات أن تتوقف عن ذلك، وأن تبحث عن غيرها.
كونك تقارن بين أسرتها وبين أسرة غيرها فتترجح كفة هذه الأسرة، هذا ليس معناه أنها أفضل ما خلق الله في الكون، وقد تكون في بعض الجوانب متميزة، في حين قد تكون في جوانب أخرى عادية أو دون العادية، والنبي عليه الصلاة والسلام أمرنا بالتوسط في الأمور كلها.
أنا أنصحك بارك الله فيك أيضا أن تأخذ منهج الوسط، وأن لا تحاول أن تأخذ منهج الشطط أو الغرور؛ لأنه وإن كانت هذه مناسبة أفضل من غيرها، ولكن ماذا تفعل إذا لم يكن الله قد قدرها لك؟! قطعا فإنك ستبحث عن غيرها، أو مهما حاولت أن تنتظرها فلم ولن تكون من نصيبك.
أرى بارك الله فيك أن تترك هؤلاء القوم الآن، وأن تبحث حولك لعل الله أن يمن عليك بأخت لم تكن تعرفها، فتكون أفضل من هذه الأخت التي تقدمت لها وتم رفضك أكثر من مرة، وثق وتأكد فعلا كما أخبرك والدها بأنها لو كانت من نصيبك فلن يمكن لأحد أن يأخذها منك، ولكن أقول الآن: ما دام قد تقدم بك السن وأصبحت في حاجة ماسة إلى الزواج أرى أن تستعين بالله تعالى وأن تبحث عن أخت مناسبة تتوافر فيها الشروط الشرعية التي حث عليها النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، فإن كان لك فيها من نصيب فستسير الأمور في أفضل ما يمكن، وستكون المسائل تحت السيطرة، وستجد كل عون وتأييد من أهلها بعد توفيق الله تعالى.
أما إذا لم تكن لك فإنك ستجد عقبات ومعوقات كتلك التي حدثت في طريقك مع هذه الأخت التي تحدثت عنها في رسالتك.
فأرى أن تجتهد وأن تستعين بالله، وأن تتوجه إلى الله بالدعاء أن يمن الله عز وجل عليك بالزوجة الصالحة الطيبة المباركة التي تكون عونا لك على طاعته ورضاه، والتي ترزق منها بذرية صالحة تكون امتدادا لحياتك من بعدك.
إذن: أرى بارك الله فيك أن تجتهد في حسن الاختيار، ولكن مع التوسط في الأمر، فلا إفراط ولا تفريط؛ لأن الإفراط والتفريط كلاهما مذموم، ولا يلزم أن تكون الأخت في مستوى عائلة هذه الأخت التي تقدمت لها ورفضك أهلها، وإنما المهم أن تكون فيها الضوابط الشرعية، وأن تكون فيها الصفات التي ينبغي أن تكون في المرأة خاصة من وجهة نظرك أنت شخصيا، لأنك أنت الذي ستعيش معها، فقد تكون الأخت على قدر كبير من الدين، إلا أنها مثلا لا تتمتع مثلا بجمال فائق، فمن حقك أن ترفضها حتى وإن كانت صاحبة دين ما دامت نفسك ترى أنها لم تشبع منها، أو أنها لن تقنعك ولن تشفي غليلك.
إذن ابحث عن أخت أخرى صالحة صاحبة جمال، وقطعا هذا الأمر موجود وبكثرة، إلا أنه يحتاج إلى بعض الوقت والصبر حتى يتم الوصول إلى المراد المنشود.
أيضا قد تكون الأخت متوسطة الجمال وأفضل بكثير جدا من ذات الجمال الخارق والمتميز؛ لأنها ستكون طبيعية، ولذلك يقولون بأن المرأة الجميلة زوجها عادة ما يصاب بأمراض نفسية عصبية كثيرة، نتيجة شدة الغيرة عليها والتأثر بمن ينظر إليها، أما إذا كانت الأخت متوسطة الجمال أو مقبولة فإن الأمر يكون بالنسبة له أهون.
أرى أن تتوسط بارك الله فيك، وأبشر بفرج من الله قريب، ولكن أوصيك بالدعاء مع الاستغفار والإلحاح على الله تعالى أن يمن عليك بزوجة صالحة تقر عينك وتسكن إليها نفسك.
هذا وبالله التوفيق.