السؤال
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته
أنا فتاة بعمر 17 سنة، أصبحت هادئة بعد موقف تعرضت له، أفضل الجلوس لوحدي أكثر من الجلوس مع الناس أغلب وقتي أقضيه على الكمبيوتر.
أصبحت أشتكي من عيوني، وتطور الأمر وأصبح جفن العين يتحرك حركات لا إرادية ومزعجة، وبعد فترة أصبت بآلام في الرأس وبعد أيام أصبت بـدوخات مستمرة في أول مرة دوخت أكثر من دوخة في نفس الوقت، لا يفصل بين الدوخة الأولى والثانية إلا دقائق قليلة.
الآن أشتكي من وشوشة وطنين في رأسي يزعجني، أحيانا يكون قويا لدرجة أني لا أستطيع سماع من حولي بوضوح، الشيء الآخر أعاني من تنميل في كلتا يدي من بداية الكتف إلى نهاية الأصابع عند استيقاظي من النوم، وأخيرا أحيانا أصاب بضيق وغضب وبكاء بدون سبب، وأبقى لوحدي منعزلة عن الآخرين وأصبح هادئة أكثر من مما ذكرت وأبقى يومين على هذه الحالة ثم أعود على طبيعتي، وهي أني قليلة الهدوء.
أرجو منك الإجابة بأسرع وقت، فليس لي من بعد الله سواكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الحائرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أولا أنا لا أريدك أن تختاري مثل هذه الكنية، فأنت في بدايات الشباب، ولك أشياء طيبة وجميلة في حياتك، وليس هنالك ما يدعوك للحيرة أبدا، ونحن الآن في رمضان، في أيام طيبة، أنا أقدر هذه الرمزية التي انتهجتها، ولكن لا أريدك أبدا أن ترسخي في ذهنك أنك حائرة، أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.
هذه بداية رأيت أنها ربما تكون أفضل للإجابة على مثل سؤالك هذا.
محتوى الأعراض التي ذكرتها كلها تدل على أن هنالك مسبب نفسي، حدثت لك خبرة سلبية، هذه الخبرة السلبية ترسخ عنها شيء من الانعزال، قضاء وقت طويل مع الكمبيوتر، وقضاء طويل مع الكمبيوتر ربما ليس محبة فيه، ولكن تجنبا للآخرين، وهذه قد تكون إشكالية كبيرة، لأن الكثير من الذين أدمنوا على الكمبيوتر والتعاطي معه كانت بداياتهم هروبا من التفاعل الاجتماعي، وتجنبا للآخرين، نتج عنه قضاء وقت طويل للكمبيوتر، وبعد ذلك أصيبوا بالإدمان، وهذه حقيقة علمية معروفة الآن، أي إدمان الكمبيوتر.
الأعراض الجسدية التي تعانين منها والتي تتمركز حول العيون وكذلك الأذنين أرى أن هذه نفسية المنشأ، ولكن حتى نطمئن جميعا أرجو أن تعرضي نفسك على طبيب العيون وكذلك على طبيب الأنف والأذن والحنجرة، لأن كثيرا من حالات الدوخة والشعور بالوشوشة والتنميل، وهذه الأمور تكون ناتجة من التهابات بسيطة في الأذن الداخلية.
بقية الأعراض وهي التنميل في اليدين وفي الكتف، أنا أرى أنها أيضا نفسية المنشأ، لكن ذكر هذا الأمر للأطباء حين مقابلتهم أيضا سيكون أمرا جيدا، وإذا رأى الأطباء أنه من الضروري أن تقومي بعمل صورة مقطعية للدماغ أو لمقابلة طبيب الأعصاب أعتقد أن هذا أمر لا بأس به أبدا.
إذن أنت مطلوب منك إجراء الفحوصات والمقابلات الطبية، أقول لك هذا فقط لضمان جودة النصح الطبي لك، أنا على قناعة كبيرة أن أعراضك نفسية، لكن حين نتأكد من الوضع الجسدي هذا سيكون مطمئنا لنا ولك.
الخطوات الأخرى المطلوبة منك هي أن تسعي لتقليص عدد الساعات التي تقضيها في الكمبيوتر، هذا مهم جدا، ويجب أن يكون هنالك نوع من الفطام التدريجي، الإدمان على الكمبيوتر مصيبة كبيرة جدا وأصبح مرضا وأصبح علة، ويؤدي إلى الكثير من التدهور في شخصية الإنسان، يؤدي إلى الانطوائية، يؤدي إلى العزلة، يؤدي إلى الشعور بالقلق والتوتر، ويؤثر على الأنشطة والمرافق والواجبات الحياتية الأخرى التي ينبغي أن يقوم بها الإنسان.
يجب أن تعيشي على الأمل، يجب أن تعيشي على الرجاء، أنت في سن مبكرة كما ذكرت لك، وكل هذه الأعراض من خلال تناسيها، وحتى السبب الذي ذكرته اعتبريه قد مضى، هي خبرة وتجربة، وحتى إن كانت سلبية لكن يجب أن تسجن في خزائن النسيان.
قومي بإجراء تمارين رياضية يومية، هذا فيه فائدة كبيرة جدا، وقومي أيضا بممارسة تمارين الاسترخاء، ولتعلم هذه التمارين يمكنك أن تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت، حددي أهدافك، ركزي على الدراسة.
من أعظم ما يمكن أن يزود به الإنسان نفسه في هذا الزمان هو سلاح الدين وسلاح العلم، هذه لا أحد يستطيع أن ينزعها منك أبدا، وإن شاء الله تعالى لك فرصة طيبة لأن تنمي نفسك من خلال هذه الآليات الجوهرية، أي الدين والعلم.
كوني مفلحة في إدارة الوقت بصورة جيدة: وقتا للدراسة، وقت للرياضة، وقتا للعبادة، وقتا لصلة الأرحام، وقتا للترفيه عن النفس، وقتا للمشاركة في أعمال المنزل، أشياء كثيرة جدا يمكنك أن تقومي بها، وهذا إن شاء الله تعالى يساعدك كثيرا.
أنا حقيقة كنت أود أن أنصحك بأحد الأدوية المضادة للقلق والتوتر، لكن في ذات الوقت من الأفضل أن نتأكد أولا أن الحالة العضوية سليمة - وأنا أتوقع ذلك – وبعد ذلك إذا ظل هذا القلق وحالة الانسحاب معك أعتقد أنك يمكن أن تتناولي أحد الأدوية الجيدة والفعالة مثل عقار بروزاك، والذي يسمى علميا باسم (فلوكستين) سوف يكون مناسبا جدا، وجرعته بسيطة جدا وهي كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر.
هنالك أدوية بديلة أخرى كثيرة، ولكن البروزاك هو من الأدوية الجيدة والممتازة والتي لا تحتاج لوصفة طبية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.