السؤال
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
أنا شاب عربي، أبلغ من العمر 17 عاما، أمارس الاستمناء تقريبا كل أسبوع، ولكني لا أفعلها في رمضان إطلاقا.
وفي كل سنة أختم القرآن مرتين في رمضان، وأقرأ سورة الكهف كل جمعة، وأحافظ على الصلوات.
في البلد وفي المدينة التي أعيش فيها علمت أنه هناك الكثير من النساء الأجنبيات غير المتزوجات، ويعرضن أنفسهم للجنس مقابل القليل من المال.
لقد فكرت في أن أزني مع إحداهن بعدما أعمل وأحصل على راتب ويكون لي سيارة.
فكما علمت أن الزنا مع أجنبية غير متزوجة من أقل أنواع الزنا، والتوبة بعدها وعدم العودة إليها يكون كأني لم أزن.
سأمنع نفسي عن الاستمناء، وعن مشاهدة الصور والأفلام الجنسية طوال السنين القادمة حتى أزني، وبعدها سأتوب، وأذهب للعمرة، وأتزوج زوجة صالحة، ويتوب الله علي.
وأنا دائما أحسن الظن بالله، فأعتقد بأن هناك آية أو حديث عن أنه من يحسن الظن بالله لا يخيب ظنه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الهلال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبا بك أيها الأخ الحبيب والولد العزيز في استشارات إسلام ويب بين آبائك وإخوانك، ونسأل الله تعالى أن يطهر قلبك، ويحصن فرجك، وأن يجنبك الزيغ والمعصية، وقد أحسنت أيها الحبيب فيما فعلت من خيرات من قراءة للقرآن، والمحافظة على الصلوات، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وصلاحا، ولا شك أن رغبتك في الخير على هذا الوجه دليل إن شاء الله على وجود الإيمان في قلبك، وعلى حبك لله تعالى، وقربك منه، ونحن على ثقة أيها الحبيب بأنك إذا أقمت الصلوات على الوجه الذي أراده الله تعالى من المحافظة عليها، وحضور القلب فيها فإنها ستنهاك عن المنكر، كما قال الله تعالى جل شأنه في كتابه الكريم: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر} وذلك لأنها ترغب صاحبها في الخير، فإذا تذكر المصلي أنه واقف بين يدي الله وأنه سيقف مثل هذا الوقوف يوم القيامة ليسأل عن أعماله، ويجازى عما كسب، فإن هذا التفكر كل يوم خمس مرات أو أكثر من شأنه أن يصلح القلب، وأن يحيى فيه ذكر الله تعالى، ويطرد عنه الغفلة.
فنوصيك أيها الحبيب بالاستمرار على هذه الأعمال الصالحة والدوام عليها، مع الأخذ بأسباب التعفف عن الحرام، وذلك بغض البصر، فإن الله تعالى أمر بغض البصر ليحفظ الفرج، والمداومة على الصوم ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وممارسة بعض الرياضات، وشغل نفسك بالشيء النافع من أمور الدنيا أو الآخرة، فإن هذه الأسباب كلها بإذن الله تحميك وتدفع عنك الوقوع في غائلة الشهوة.
وأما ما تحدثك به نفسك من الوقوع في فاحشة الزنى –والعياذ بالله – تحت تسويل الشيطان أو تزيينه القبيح وتقليله من شأن الزنى من المرأة الأجنبية، فإن هذا من غرور الشيطان، وقد حذرنا الله عز وجل من الاغترار به وبأمانيه، فقال جل شأنه في كتابه الكريم: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} فهو عدو بلا شك يدعوك إلى القبيح من الأفعال، ويزينها لك ويمنيك بأنواع الأماني، فإذا وقعت في معصية الله تبرأ منك بعد ذلك، لاسيما إذا لم يمن الله عز وجل عليك بالتوبة، ولقيت الله عز وجل على ذلك الوجه، وهذا ما لا تعرفه أيها الحبيب، فإنك لا تدري هل تعيش بعد فعلك للمعصية إلى أن تتوب، أو أن يتوفاك الله عز وجل كما فعل بالكثيرين فماتوا وهم على هيئتهم التي تسخط الله سبحانه وتعالى ويغضب عليهم بسببها، فماتوا وهم يمارسون الفاحشة، وقبضت أرواحهم وهم على المعصية، فقابلوا الله تعالى بتلك الوجوه، فما الذي يضمن لك أنك لا تموت على هيئة من تلك الهيئات؟
ثم هناك سؤال آخر ينبغي أن تطرحه على نفسك أيها الحبيب، وهو أن التوبة والتوفيق لها أمر خارج عن قدرتك، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، ولا يستطيع الإنسان أن يتوب متى شاء، ويقرر ذلك بمشيئته وحده، فإن الله تعالى يقول: {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله} فما يدريك أن الله عز وجل يعاقبك بسبب إقبالك على هذا الذنب فيحول بينك وبين التوبة، ويصرف قلبك عنها فلا ترغب بعد ذلك في التوبة، ولا تجد تحصيلها، وهذا قد يحصل لبعض المذنبين كما قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون} فيبين الله سبحانه وتعالى بأنه يحول بين الإنسان وبين قلبه.
فلا تصغي أيها الحبيب لهذه الأماني الكاذبة التي يلقيها الشيطان في نفسك ويمنيك بالسراب، وكن على حذر من الوقوع في معاصي الله وتجاوز حدوده، واعلم أن غضب الله سبحانه وتعالى لا تقوم له السماوات والأرض ولا تقدر عليه، فكيف بك أنت أيها الإنسان الضعيف، فقف عند حدود الله وراقب الله سبحانه ولا تجعل الله أهون الناظرين إليك، فإذا علم الله عز وجل منك الصدق في خشيته والخوف منه فإنه سبحانه وتعالى سيعينك على نفسك، فخذ من الأسباب التي تعينك على الثبات على الطاعة وتجنبك المعصية، ومن ذلك رفقة الشباب الصالحين الطيبين، وشغل النفس بما ينفعك من أمور دينك وأمور دنياك، وسيتولى الله عز وجل عونك على الهداية والصلاح.
نسأل الله تعالى أن يقيك ويجنبك كل مكروه، وأن يصلح دينك الذي هو عصمة أمرك، ويصلح دنياك التي فيها معاشك، ويصلح آخرتك.