أعاني من تقلبات في المزاج مما يؤثر على عبادتي فأفيدوني

0 393

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خير على ما تقدمونه في خدمة المسلمين وبارك الله فيكم.

أنا شاب عمري 26 عاما، ممن يقال عنه ملتزم، وأنا أرى نفسي مع تقصيري أنني ملتزم ظاهرا لا باطنا، وأعاني من تقلب مزاج، فأحيانا أكون مبسوطا ونشيطا ومتفائلا، والعبادة أكون مجتهدا فيها، وأحيانا أكون كسلانا متضايقا محبطا، أشعر أن الدنيا لا تساوى شيئا، وأكون يائسا قليل الاستغفار، مع علمي بأن الله يغفر الذنوب، ففي بعض الأيام أكون فيها مرتاحا نفسيا، وأحيانا على العكس تماما، وأيضا أعاني من قلة الثقة بنفسي، أو بمعنى عديم الثقة بنفسي، فرغم عمري هذا إلا أني أرى نفسي صغيرا، لا أدري لماذا!؟

أيضا أعاني من وساس الرياء، فتركت إمامة المصلين، ولا أرى لي حقا فيها أبدا، وكل هذه الحالة لم تأتني إلا بعد إصابتي بالعين، ولكن الحمد لله من الله علي بأن خفت كل الأعراض، ولم يبق إلا هذه البقايا.

أرجو إفادتي بارك الله فيكم مع أني متخوف جدا من الأدوية النفسية بشكل كبير، وأرغب بالذهاب إلى طبيب، ولكن أين أجد من يجمع بين الدين والدواء؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فبالرغم مما تسببه لك هذه الأعراض من إزعاج وألم نفسي خاصة أن مشاعرك تتعلق بالعقيدة، لكن أقول لك بصفة عامة: لا أعتقد أنك تعاني من اضطراب نفسي شديد مطبق، فحين ذكرت التقلبات المزاجية ظننت أنه ربما تكون تعاني من درجة بسيطة مما يسمى بالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وهي حالة يتذبذب فيها المزاج بين الارتفاع وبين الركود أو حتى يمكن أن يدخل الإنسان في حالة اكتئابية.

أنا لا أعتقد أنك تعاني حقيقة من علة الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية حتى ولو بدرجة بسيطة، لكن ربما يكون هنالك بعض السمات البسيطة في شخصيتك تحمل سمة الشخصية متقلبة المزاج، وهذه يسميها البعض (الشخصية الوجدانية ثنائية القطب) لكن أعتقد أن هذا المسمى معيوب تماما، لأنه يؤدي إلى خلط ما بين الحالة المرضية وسمات الشخصية.

عموما أعتبر نفسك شخصية مزاجية من درجة بسيطة، ويظهر أن الجانب لا أقول الاكتئابي لكن أقول الجانب الذي تحدث عنده انخفاضات المزاج ويكون هنالك عسر فيه، وشيء من الشعور بالضيق الداخلي، هنا قد يقل إقدامك نحو العبادة، وهذه نلاحظها عند بعض الناس، لكن هذه الأمور تعالج بصورة واضحة ومعلومة، وهي أن الإنسان متى ما شعر أن هذه النوبات سوف تأتيه هنا يكون أكثر اجتهادا في عبادته، فيجب أن يجاهد نفسه، أن يكابد نفسه، وبصورة عامة: الإنسان يجب أن يكون وسطيا، وحتى حين تكون في قمة الاندفاع نحو التعبد، نقول لك كن وسطيا، هذا أفضل، وكما تعرف فيما يخص العبادات الاستمرار على القليل أفضل من الكثير المتقطع.

فاجعل هذا التوازن، وحين تحس بأن المرحلة الإحباطية قد بدأت هنا قل لنفسك لا لن أجعل للشيطان مجالا، سوف أغير نفسي، سأكون منضبطا جدا في أداء صلاتي في وقتها وفي المسجد، هذا على الأقل، وحين تنجح في ذلك سوف تجد أن الأمور قد أصبحت أسهل وأداءك قد تحسن في كل شيء، لأن الشعور بالثقة في النفس والشعور بالاستقرار والشعور بالرضى سوف يأتيك، والشعور بالثقة في النفس دائما يأتي من خلال الأفعال، والإنسان هو فكر وآراء ومشاعر وسلوك، إذا اختل أي من هذه يؤثر على الآخر، فاجعل فكرك فكرا إيجابيا، وادفع نفسك، وعليك بالرفقة، وتذكر أن عسر المزاج البسيط يريد أن يتصيدك في هذه المرحلة، لذا لا تعطيه أبدا مجالا.

أنا شعرت أيضا أنه ربما يكون لديك أيضا بعض الوسواس وأنت أسميتها بوساوس الرياء، لا أريدك أبدا أن تثبت مثل هذه التشخيصات، وتعتقد أنك تعاني من شيء من هذا، النفس قد تخالجها بعض المشاعر السلبية، النفس قد يأتيها شيء من الغيرة، قد يأتيها شيء من الحسد، قد يأتيها - كما ذكرت - مشاعر أن الإنسان ليس جادا فيما يقوم به، لكن يجب أن لا تعتقد أنك قد وصلت لمرحلة الرياء، هذه لا، وأنا لا أريدك أبدا أن تجسم مثل هذه المشاعر لديك، وسل الله تعالى أن تتجنب السمعة والرياء، هذه الأمور كلها تعالج عن طريق الدعاء والإصرار على الدعاء، والإيمان وما يخالفه مثل الحسد والرياء لا يلتقيان في قلب وعقل مؤمن، فلا تتهم نفسك بهذا الأمر أبدا.

بالنسبة للذهاب إلى الأطباء فأنا أشجعك جدا، والمملكة العربية السعودية فيها أطباء متميزون يجمعون بين العلم والدين، فعليك أن تسأل عمن هو أفضل في المنطقة التي تعيش فيها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأنا أؤكد لك أن أمورك هذه يمكن أن تعالج بمرور الوقت.

==============
للفائدة : راجع هذه الروابط فيما يخص موضوعك:
وسائل زيادة الثقة بالنفس سلوكيا : (265851 - 259418 - 269678 - 254892)
علاج الإحباط سلوكيا 234086 - 259784 - 264411 - 267822

مواد ذات صلة

الاستشارات