السؤال
أبلغ من العمر (16) عاما، ابتلاني الله بالرهاب الاجتماعي، وأنا واثق من ذلك، فقد قرأت عن أعراض هذا المرض: من خوف من الناس وعزلة وتوتر وارتباك عند الحديث مع الآخرين، وبلع اللعاب بشكل زائد ومفاجئ، وتعرق، وكل هذا لدي، بل حتى إني أصبحت لا أحب الجلوس مع عائلتي كثيرا، لا أشارك في الأنشطة مع الناس، لا أحب الظهور في الإذاعة المدرسية، لا أحب الخروج من البيت إلا قليلا، فما الحل؟ وهل هناك دواء أتناوله لأجل ذلك؟
أحب أن أضيف أني لا أعرف فن التعامل مع الناس, أي لا أستطيع التكلم بلباقة، لا أجامل أحدا، لا أعرف كيف أشكر من أسدى إلي معروفا، ولا التجمل مع من أسديت إليه معروفا، لا أعرف كيف أبدي خطئي للناس وأعتذر منهم، فيفهمني الناس بشكل خاطئ، فكيف أعبر عن ما بداخلي تعبيرا صحيحا، وكيف أتعلم اللباقة وحسن المنطق مع الناس؟
لا تنسوني من صالح دعائكم، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
نشكرك على رسالتك هذه وعلى الإضافة اللاحقة، وأنا أقدر كل ما ورد في رسالتك، والأعراض التي ذكرتها بالفعل تدل على أنها في مجملها ومضمونها العام تدل على أنك تعاني من قلق نفسي، وهذا النوع من القلق نسميه بالرهاب الاجتماعي، ويظهر أنه من الدرجة البسيطة، ومن إفرازات الخوف الاجتماعي أنه يؤدي إلى اهتزاز الثقة بالنفس، وتجد دائما الذين يعانون من الخوف الاجتماعي يقدرون ويقيمون مقدراتهم ومهاراتهم بصورة سلبية جدا، وأنت ذكرت ذلك بصورة جلية جدا في الإضافة التي ألحقتها برسالتك الأساسية، فأنت تخاف حتى أن تعتذر للناس، ولك تخوف أساسي من أن البعض قد يفهمك بصورة خاطئة، وهكذا، هذا كله جزء من المخاوف التي لديك.
أما العلاج فهو يتمثل في الآتي:
أولا: لا بد أن تعيد تقييم نفسك، فالإنسان يجب أن يقيم نفسه، يجب أن يحب نفسه في حدود المعقول، وتكون هنالك قناعة وإيمان كامل بأنه ليس بأقل من الآخرين، وكل الطاقات النفسية والفكرية والعقلية التي وهبها الله تعالى لبقية الناس هي عندك أنت أيضا، وربما تكون أفضل من أناس كثيرين, هذا المفهوم الإيجابي يجب أن يكون الركيزة الأولى التي تتحرك من خلالها.
ثانيا: الخوف الاجتماعي دائما يعالج من خلال المواجهة، والمواجهة سهلة جدا، يجب أن تتساءل وتسأل نفسك بصورة جلية (لماذا أخاف من الناس؟ ما الذي يجعلني أرهبهم؟ هم مثلي بشر يحدث لهم ويحدث لي ولبقية الناس كل ما هو معروف وثابت في حياة الناس، ونعني بذلك الصحة والمرض والموت، وهكذا).
إذن لا توجد أي فوارق في الأسس الجوهرية بينك وبين الآخرين، الفوارق في التعليم وفي امتلاك المال، هذه أمور دنيوية وليست هي الأصل في الناس، فإذن تصحيح المفاهيم سيفيدك كثيرا.
بعد ذلك تبدأ في برامج للمواجهة، أفضل مواجهة في مثل عمرك هي أن تصلي صلاة الجماعة، إذا صليت في الصف الأول الخمس صلوات وداومت على ذلك ستجد أن هذه الرهبة قد انتهت بعون الله تعالى.
أمر آخر يساعدك وهو: أن تتعلم دائما أن تبدأ بالتحية والسلام، واذكر تماما أن تبسمك في وجه إخوانك صدقة، فكن دائما مبادرا، كن دائما مقداما، بعد ذلك انخرط في زيارة الأرحام: الأعمام، العمات، الأخوال، الخالات، هذا شيء سيقدره لك الناس، وفي نفس الوقت يشعرك بالرضا، وهذه مواقف مألوفة جدا عادة لا يرهبها الإنسان، وحين يكثر من هذا النوع من التواصل ستجد أن مواجهتك للمواقف المخالفة والغريبة عليك أصبحت عادية جدا.
ممارسة الرياضة الجماعية مثل كرة القدم مع مجموعة من أصدقائك، هذه تؤدي إلى كثير من التفاعل الاجتماعي النفسي المباشر وغير المباشر، وهذا يؤدي إلى انصهار تام لمقدراتك للتواصل مع الآخرين، فكن حريصا على ذلك.
هذه البرامج يجب أن تكون متصلة، يجب أن تكون مستمرة، وفي ذات الوقت ركز على أن تكون أنشطتك داخل المدرسة وفي الفصل فاعلة، اجلس في الصفوف الأولى، حاول أن تركز مع المعلم، حين يسأل المدرس أي نوع من الأسئلة يطرحها على الطلاب حاول أن تكون مبادرا للإجابة، وهكذا، هذه هي الطرق التي تحسن من مقدراتك ومن مهاراتك، وهي العلاج الأساسي.
بالنسبة للعلاج الدوائي: توجد أدوية ممتازة وفعالة، لكني لا أريدك أن تتناول أي دواء دون إذن والديك، هذا سوف يكون أفضل، أخبرهم بأنك تعاني من هذا الخوف الاجتماعي وأنك في حاجة لأحد الأدوية، وهنالك أدوية ممتازة جدا منها عقار يعرف تجاريا باسم (زيروكسات) وآخر يعرف تجاريا باسم (زولفت) وثالث يعرف تجاريا باسم (بروزاك) وكلها تناسب عمرك، لكن يفضل أن تتناول هذه الأدوية تحت إشراف طبيب نفسي، والحمد لله تعالى الأطباء في المملكة العربية السعودية كثر جدا.
نصيحة أخيرة هي: أن تتدرب على تمارين تعرف بتمارين الاسترخاء، هذه التمارين تمارين مفيدة جدا ويمكنك أن تتصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.
ننصحك بمراجعة هذه الاستشارات التي تتحدث عن العلاج السلوكي للرهاب: (269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637 ) ففيها نفع كبير.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.