السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي لكم هو أن أخي المراهق بعمر 14 عاما، دوما عندما تكون لديه مشاكل، ونحاول معرفة ما به لا يخبرنا ويتهرب من الإجابة، ويكذب كذلك، ولكن بالنهاية يقول، وكذلك له عادة سيئة وهو أنه لو حصل على مال يأخذها بدون أن يخبر أحدا، بالأمس آخذ من دولاب أمي مبلغا من المال (ممكن يعني نقول سرقة) ولم يقل إنه يريد مالا!
علما بأنه لما يطلب المال نعطيه، وعندما رأينا المبلغ نجده ناقصا، فسألناه فأخذ يقول لست أنا من أخذها ويكرر، ولكن بالنهاية لما ضغطت عليه أمي أخبرها أنه أخذها، ولما جلست أنا أتكلم معه قلت له لماذا تأخذ المال؟، هل تريد أن تكون مثل أصحابك؟ لماذا؟ قلت له تحس أنك ناقص؟ قال نعم.
كذلك قبل فترة قرابة الشهرين أيضا وجدنا المال ينقص، ومبالغ تعتبر كبيرة نسبيا، وحقق معه أخي الكبير وأمي فاكتشفنا أن أولاد الشارع نصبوا عليه (يعني ما أخذوا المال من يده لا، بل هو من أخذ المال وأعطاهم) وأبدا لا يتكلم، وتحسه يكذب لما تسأله -الله يهديه- فكيف نتعامل معه؟
شاكرة لكم تعاونكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
نشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، ونشكرك كذلك على اهتمامك بأمر أخيك هذا، والذي نسأل الله تعالى أن يصلحه ويصلح أمره وأن يهديه.
هذه التصرفات تدل على اضطراب المسلك –وليس السلوك– وهو يتكون من السرقات، الكذب، التعانف الذي يصدر من البعض قبل سن البلوغ.
هذا الموضوع متشعب، ويحتاج إلى جلسات نفسية وإلى دراسات، وهذا الابن – حفظه الله – لا بد أن يقابل الأخصائي النفسي إذا كان ذلك ممكنا، والأخصائي النفسي بعد ذلك سيقابل أفراد الأسرة، وذلك من أجل أن يحدد ما إذا كان يعاني من اضطراب في شخصيته، وهل لديه عدم استقرار وجداني؟ وهل طريقة التعامل معه في داخل الأسرة وخارج الأسرة ليست على المستوى التربوي المطلوب؟ فكما ترين الأمر متشعب بعض الشيء.
أنا أعرف أن الوصول إلى أخصائيين ربما يكون ليس بالأمر السهل، خاصة في الظروف الحالية التي تمر بها اليمن -أسأل الله تعالى الحفظ والأمان والأمن والاستقرار لكل بلاد المسلمين – .
يمكن أن تقومي ببعض المحاولات التي تعيد الثقة لهذا الابن في نفسه، أولا: يجب أن لا يحس أنك مساندة لوالدتك في كل مواقفها ضده، هذا مهم جدا، لأنه سيحس أن هنالك نوعا من التآمر، وأن الكل يكرهه ولا أحد يتفهمه، وهذا يزيد من اضطراب المسلك لديه؛ لأن هذه الاضطرابات هي في الأصل ربما تكون مؤشرا على وجود الاكتئاب النفسي، والاكتئاب النفسي في صغار السن لا يظهر في شكل حزن وكرب وكدر، إنما في كثير من الحالات يظهر في شكل اضطرابات انحرافية مثل التي يعاني منها أخوك، والذي أسأل الله له العافية.
إذن: اطمئنوا، اجعلوه يحس بالأمان، ولا تتحققوا معه في كل صغيرة وكبيرة، يجب أن لا يشعر أنه تحت الضغط الشديد من جانبكم، ويجب أن يجلس معه أحد أفراد الأسرة، الوالدة مثلا تناصحه، وتقول له الكلمة الطيبة، وتقول له (يا ولدي أنا لا أراك كشخص سارق ولكن الإنسان ربما يرتكب الأخطاء في بعض الأحيان دون أن يقصدها، ويجب أن تتعلم الأمانة، ويجب أن تتعلم الصدق).
يتم الكلام معه على هذا النمط، وفي نفس الوقت يعطى بعض المهام الخاصة بإدارة الأسرة، لا نجعله يعيش كشخص مرفوض وملفوظ من جانب الأسرة، لا، هذا يحطمه تماما، قولي لوالدتك (أعطيه الثقة في نفسه، حفزيه، حمسيه، تحدثي معه عن الجوانب الإيجابية فيه).
لا بد أن تكون فيه جوانب إيجابية، ويجب أن يذكر بمثل هذه الجوانب الإيجابية، فمثلا إذا أدى صلاته يجب أن يشكر على ذلك ويجب أن نحفزه ويسمع الكلمات الطبية المشجعة، حتى إذا قام بالاستحمام وتغيير ملابسه نشجعه على ذلك، وإذا رتب سريرة نشجعه على ذلك. هذه أمور بسيطة جدا أيتها الابنة الفاضلة لكنها ذات قيمة تربوية كبيرة وكبيرة جدا.
الأمر الآخر: يجب أن نهيئ له الظروف أن يكون في صحبة من هم في سنه ، لكن يكونوا من الشباب المنضبطين، أصحاب الدين، أصحاب الخلق، لأن الإنسان في مثل عمره يحتاج إلى رفقة طيبة ورفقة صالحة.
إذن: نشجعه، نوجهه إلى ما هو صحيح، لا نكثر من انتقاداته، ونعطيه مهاما في داخل الأسرة، ونشجعه أيضا على موضوع الدراسة والتعليم، وأن يشغل نفسه بما هو مفيد، وأن نختار له الصحبة الصالحة الطيبة، ولا تنسوه في دعائكم.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله له الهداية والصلاح.