السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابني الكبير عمره ثمان سنوات، ولكن تصرفاته طفولية جدا عن بعض أقرانه، والآن أصبح كثير العصبية بلا مبرر، وأصبح متمردا علي، ولا يسمع كلامي، ويجادل كثيرا في كل شيء، فكيف أعالج هذه المشكلة؟ علما بأني أنا نفسي عصبية جدا، وكان يحفظ القرآن الكريم والآن لا يريد الحفظ، ولا يريد الذهاب لمركز التحفيظ، فماذا أفعل؟
أخاف أن يكبر على هذا ويخرج عن طوعي، ووالده يرى دائما أني أدلله كثيرا، ويرى أن الشدة والضرب هما الحل السليم في التربية!
دلوني بالله عليكم، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رانيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد أعجبني جدا أنك قد أقررت بأنك تعانين من عصبية زائدة، وأعتقد أن هذا هو الإشكال الرئيسي.
هذا لا يعني أن ابنك لا يعاني من اضطراب في مسلكه، لكن لا شك أن عصبيتك وانفعالاتك الزائدة تعقد الأمور أكثر، فنحن الآن يجب أن نسعى لأن نقلل من عصبيتك حتى تتحملي ابنك، وفي نفس الوقت تحاولي أن توجهيه وترشديه.
في هذا العمر –أي عمر الثمان سنوات– كثير من الأطفال يبدأ في العناد، والعناد هو سمة من سمات الأطفال، وأعتقد أن درجة بسيطة من العناد مقبولة، لأنها تقوي شخصية الطفل، وفي المقابل من الناحية التربوية نواجه مثل هذه التصرفات بأن نتجاهلها بقدر المستطاع، ونركز على السمات والصفات الإيجابية في الطفل، ونشعر الطفل بالأمان، والطفل لا يمكن أن نشعره بالأمان إلا إذا أظهرنا له حبنا، وأنا أعرف أنك تحبين ابنك غريزيا، وهذا من سنن الله، لكن إذا لم توضحي وتظهري هذا الحب لابنك أعتقد أنه لن يشعر به.
حاولي أن تتبسمي في وجهه، أن تمسحي على رأسه، أن تقبليه، أن تقدمي له الهدايا البسيطة، وأن يكون هنالك نوع من الثناء والمدح عليه في كل خطوة بسيطة يقوم بها. هذا أساس تربوي مهم يجعل الطفل يحس بالأمان، ويجعل الطفل يحس بأنه فعلا عضو مهم ومرغوب فيه في داخل أسرته.
هذا هو المنهج الذي يجب أن يتبع، وأرجو أن توصلي هذه الرسالة لوالده، وأنا متأكد أن والده على إدراك بذلك.
نحن لا نقول أننا يجب أن نترك الحبل على العنان لأبنائنا ليصولوا ويجولوا كما يشاؤون، لا، الأمر ليس كذلك، لكن قطعا الضرب هو أسلوب منفر، والضرب المباح والمتاح والتربوي معظم الآباء والأمهات لا يعرفونه، إن أردت أن تضرب طفلك يجب أن يكون ضربا بسيطا، وبشترط أن لا تكون أنت في حالة غضب، وتوضح له لماذا قمت بضربه، هذا نادر ما يطبق، فلذا نفضل أصلا أن يتم تجنب هذا الضرب وأن يستبدل بتشجيع الطفل وتحفيزه وإشعاره بالأمان، وأن تتيحي له الفرصة أن يلعب مع أقرانه والأطفال في عمره، خاصة الأطفال الذين تطمئنون إليهم.
الرياضة تعتبر ركيزة أساسية الآن في تنمية الصفات الإيجابية لدى الأطفال، والحد من عصبيتهم وتوترهم وقلقهم، فأتمنى أن تتاح لابنك أيضا الفرصة بممارسة الرياضة.
شيء جميل أنك حريصة أن يحفظ ابنك القرآن، وهذا يأتي من خلال الترغيب أكثر من الترهيب، فكوني حريصة على ذلك، وإن شاء الله الشيخ في المسجد يتوصى به أكثر يحس بالطمأنينة، وهذا إن شاء الله يحفزه ويدفع رغبته نحو التحصيل والحفظ بإذن الله تعالى.
بالنسبة لك لا بد أن يكون هنالك الصبر، لابد أن تتذكري أن هذه الذرية نعمة عظيمة، وهذا إن شاء الله يزيد من دافعية الصبر عندك لتحمل تصرفات ابنك، وإن كان قلقك وعصبيتك بدرجة شديدة جدا فلا مانع أبدا أن تتناولي أحد الأدوية البسيطة جدا التي تقلل من العصبية والتوتر، وليس له أي آثار جانبية.
هنالك دواء يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول) ويسمى علميا باسم (فلوبنتكسول) لا يحتاج لوصفة طبية، هذا الدواء يتم تناوله بجرعة حبة واحدة في الصباح، وقوة الحبة هي نصف مليجرام، يتم تناولها لمدة أسبوعين، بعد ذلك ترفع إلى حبة صباحا ومساء لمدة شهر، ثم إلى حبة واحدة يوميا لمدة أسبوعين، ثم يتم التوقف عنه، وهو دواء جيد وسهل وغير إدماني كما ذكرت لك.
أرجو أيضا أن تتخيري لحظات المزاج التي تكوني فيها أنت في حالة ارتياح واسترخاء وسكينة، استثمري هذه الأوقات للتفاعل مع أبناءك بصورة إيجابية؛ هذا يجعلهم في غاية السرور، خاصة إذا حاولت أن تلاعبي أطفالك وأن تنزلي إلى مستواهم العمري، هذا فيه مكافأة عظيمة للطفل، فكوني حريصة على ذلك.
جزاك الله خيرا، ونشكرك على التواصل مع استشارات إسلام ويب.