السؤال
لا أعلم كيف أصف حالتي! بداياتها كانت قبل ست سنوات، صارت مشكلة في الحي الذي نسكنه، ولم أعد أطلع من البيت إلا قليلا، وكنت أخاف أن أطلع كيلا يراني أحد، واستمرت الست سنوات على هذا الحال، وقبل رمضان بأسبوع صرت كلما أطلع مع أحد أحس بدوار، وعدم الراحة!
ذهبت المستشفى وعملت التحاليل – والحمد لله - كلها سليمة، وأتاني وسواس المستشفى، كلما أحسست بشيء أريد أن أذهب إلى المستشفى، ومشكلتي مستمرة إلى الآن، ما صرت أطلع، خوفا من الدوار وعدم الراحة.
صرت أفكر كثيرا قبل الخروج بالدوار وعدم الراحة، والخوف من كل شيء، حتى عند الجلوس مع أحد أشعر بعدم الراحة، والقيام فورا، وأحس دائما أني سأفقد الوعي، وحياتي صارت سيئة جدا، ونفسيتي أيضا، وعند النوم أجلس لساعات أفكر بالأشياء السلبية أني سأموت، ومثل هذه الأشياء.
أتمنى أن تفيدوني، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ fares حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فهذا الذي تعاني منه نسميه بقلق المخاوف، وهو حالة بسيطة - إن شاء الله تعالى - والأمر قد يكون بدأ معك بحادثة معينة، قبل تفكيرك في أنك تخاف من أحد يراك، حين تخرج من البيت، ربما تكون تعرضت لنوع آخر من المخاوف، أحد أخافك من شيء معين، أو سمعة قصة أو شاهدت منظرا معينا فيه شيء من الرهبة، هذا النوع من المخاوف دائما يكون مكتسبا، وبعد ذلك المخاوف قد تتشعب وقد تتوسع وتختلف محتوياتها، ولكنها في نهاية الأمر كلها مخاوف.
الخوف الوسواسي يعالج من خلال الآتي:
أولا يجب أن تحقر فكرة الخوف، تقول لنفسك: (لماذا أخاف؟ أنا لست بأقل من الآخرين، أنا رجل، أنا أستطيع أن أقوم بكل ما يقوم به بقية الناس) لابد أن تحقر فكرة الخوف.
ثانيا: عليك أن تبدأ بالخروج من المنزل، والتفاعل مع الناس بصورة متدرجة، وأفضل بداية هي أن تصلي في المسجد، فصلاة الجماعة فيها نوع من التواصل الاجتماعي، والاختلاط مع مجموعة صالحة من الناس، وفي نفس الوقت في مكان تعمه الرحمة والطمأنينة والأمان، في بيت الله تعالى.
هذا شيء مجرب، وأنا أكلمك عن حقائق علمية مثبتة، ويجب أن لا تفكر أنني أريد أن أذكر لك أمورا حول الدين ليست واقعية، لا.. هذا علاج نفسي سلوكي مهم، وفي نفس الوقت تكون قد أديت صلاتك على الوجه المطلوب، ابدأ بذلك.
بعد ذلك أنصحك بممارسة الرياضة، فالآن انتقلنا من الصلاة إلى الرياضة، الرياضة الجماعية، مثل كرة القدم، يجب أن تخرج وتتفاعل مع زملائك بممارسة هذه الرياضة الجماعية، هذا أيضا وجد أنه مفيد جدا ويقضي على جميع أنواع المخاوف مهما كانت نوعها.
ثالثا: لا تتنقل بين الأطباء، فأنت - الحمد لله - قد طمأنك الأطباء أنه ليس بك أي مشكلة، وهذا الدوار الذي تحس به وعدم الراحة هو ناتج من القلق النفسي وليس أكثر من ذلك، توقف تماما عن التنقل بين الأطباء.
رابعا: عليك أن تتواصل مع الأرحام، اذهب لزيارة أهلك وأرحامك وأقاربك، خاصة من كبار السن، هذا أمر جميل ومطلوب وجيد جدا.
خامسا: أنصحك أن تنضم إلى أي جمعية تعمل في النشاط الشبابي مثل جمعيات الكشافة المنضبطة، جمعيات البر والإحسان، الجمعيات الثقافية، هذه طرق علاجية متميزة وصحيحة وفاعلة، فأرجو أن تركز على ذلك.
سادسا: أرجو التركيز على دراستك، وإدارة وقتك بصورة صحيحة، هذا ينقل تفكيرك نقلا تاما من الوسوسة حول هذه المخاوف.
الجزء الأخير في العلاج هو أنني سوف أصف لك دواء ممتاز سليم طيب فاعل، لا يتطلب أي وصفة طبية، لكن سيكون من الأفضل أن تطلع والدتك على ذلك وتأخذ موافقتهم على هذا، وإن لم يوافقوا فاطلب منهما أن تذهب إلى الطبيب النفسي وسوف يوجه لك الإرشاد اللازم ويصرف لك الدواء اللازم.
الدواء الذي نفضله في حالتك يعرف تجاريا باسم (لسترال) ويسمى تجاريا أيضا باسم (زولفت) ويعرف علميا باسم (سيرترالين) ابدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي 25 مليجراما – تناوله بعد الأكل، وبعد أسبوعين ارفع الجرعة إلى حبة كاملة لمدة أربعة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى نصف يوميا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأرجو أن تتبع الإرشادات التي ذكرناها لك، وأنا على ثقة كاملة أنها سوف تكون نافعة بإذن الله تعالى، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.