السؤال
بارك الله فيكم على هذا الموقع الطيب، وجعله الله في ميزان حسناتكم، وإنه ليسرني أن أكتب لكم هذه الاستشارة.
أريد لبس النقاب الذي فرضه الله علي، وأنا جد مسرورة بهذا الأمر، لكن عندما ذكرت الموضوع لأهلي لم أجد ذلك الترحيب الذي يجب أن يكون لشرع الله، فمنهم من تحجج بدراستي، وأني لا أستطيع إكمالها, ومنهم من قال إن النقاب غلو في دين, ومنهم من ذهب إلى أبعد من ذلك - أي الأمور السياسية - وبدؤوا يسردون لي القصص عن فلان وعن فلانة, ومنهم من طلب مني تأجيل الفكرة، والمهم أنه لم ولن ينقص هذا من عزيمتي شيئا، فأنا قد عزمت على ارتدائه، وسأفعل بإذن الله, وأسئلتي كالتالي:
- كيف أخلص النية لله جل وعلا؟
- كيف أتغلب على الشيطان؟ فأنا أرتدي الآن العباءة الواسعة وأسدل، وغالبا ما يوسوس الشيطان ويقول لي ماذا تفعلين في هذه العباءة الواسعة؟ وخصوصا عندما أكون في الجامعة.
- وأخيرا: كيف أقنع أهلي الذين لا يرفضون النقاب بل يخافونه؟
أسألكم الدعاء لي بالثبات وبالتوفيق، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإننا نسأل الله أن يرزقك الثبات وأن يأخذ بيدك للحق والصواب، ومرحبا بك في موقعك، وهنيئا لك بالعزيمة والرغبة في الخير، ونحن في الحقيقة ننصحك بالقرب من أهلك والإحسان إليهم وإزالة ما يخيفهم والتماس العذر لهم، لكنا ندعوك إلى عدم طاعة من يقف في طريق ارتدائك للنقاب، وكوني واثقة بأن الله معك وأن الرافضين سوف يتغيرون غدا، وسوف تتفاجئين بمسارعة بنات الأهل إلى الحشمة والنقاب، واعلمي أن طاعة الله أعلى وأغلى.
وقد أسعدنا اهتمامك بمسألة الإخلاص؛ لأن الإخلاص أهم شرائط القبول عند الله، وهو أكبر ما يعين على الثبات، وقد صدق القائل: (ما كان لله دام اتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل) والإنسان ينمي شجرة الإخلاص بالتوحيد والذكر والمراقبة والإكثار من أعمال السر ويكثر من محاسبة النفس، مع ضرورة أن نتذكر بأن الناس لا يعلمون إلا ما ظهر من أحوالنا، لكن الله سبحانه يعلم السر وأخفى، وهو سبحانه لا يغفل ولا ينام، ولذلك ينبغي أن نراقبه ونعبده كأننا نراه سبحانه.
أما بالنسبة للشيطان فقد أخبرنا خالقنا بأن الشيطان عدو لبني الإنسان، وأن هم هذا العدو هو أن يحزن أهل الإيمان، وليس بضارهم إلا بشيء قدره مالك الأكوان، فلا نستغرب من كثرة وساوسه، فإنه قد أخذ العهد على أن يقعد في طريق من سلك الصراط المستقيم، ونبشرك بأن كيده ضعيف وأنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون.
فعليك بكثرة الذكر لله تعالى، فإن الشيطان لا يستطيع أن يقترب من الذاكرين والذاكرات، وعليك بتحقيق التوحيد ثم بالحرص على تلاوة القرآن، واعلمي أن هذا العدو لا يريد منا ولا لنا الخير، فعامليه بنقيض قصده، ونذكرك بما قاله بعض السلف لطلابه: (إذا نبحك كلب قوم فماذا تفعل؟ فقال التلميذ: أجاهده. قال الشيخ: ذلك أمر يطول، بل إن بعض الكلاب تتهيج أكثر إذا وجدت مقاومة. فقال التلميذ: فماذا أفعل؟ قال الشيخ: إذا نبحك كلب قوم فادع صاحب الكلب، واطلب منه أن يصرف عنك كلبه).
فإذا جاءك الشيطان فالجئي لمالك الأكوان، واستعيذي بالله من الشيطان، ننصحك بأن تستحضري عند الاستعاذة عظمة العظيم سبحانه، وتذكري ضعف وحقارة الشيطان الرجيم.
أما بالنسبة لأهلك فكوني حكيمة في التعامل معهم، واحرصي على زيادة البر والاحترام خاصة لوالديك، واطلبي مساعدة الفضلاء والفاضلات، وتوكلي قبل ذلك على رب الأرض والسموات، واعلمي أن طريق الإيمان والهداية لا يخلوا من الصعاب، كيف وقد قال الله تعالى: {الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين}، واعلمي أن العاقبة للصابرين، وأن الله يدافع عن المؤمنات والمؤمنين.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ثم بكثرة الدعاء، ونسأل الله لك التوفيق والهداية والصبر والثبات.