السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أستاذي د. محمد عبد العليم: تقبل الله منا ومنك، وكل عام وأنت بخير.
أبشرك بعدة بشائر، وهي:
1- أن وضعي تحسن كثيرا مع الأفكسر والدوقماتيل الذي وصفته لي - ولله الحمد - من ناحية المزاج والقلق.
2- خفت المخاوف كثيرا وذهبت التشنجات التي كنت أشعر بها في صدري أثناء التفكير أو مواجهة المخاوف.
3- تنفسي أصبح طبيعيا - والحمد لله - بعدما كان لعدة سنوات عبارة عن تنفس سريع وضيق في التنفس، أما الآن أصبحت أستطيع التنفس بعمق وأشعر ببرودة الهواء وهو يدخل إلى صدري.
4- تحسن وضعي بالنسبة لعلاقتي مع أهلي، وقد ذكرت لك أن علاقتي بالله تحسنت كثيرا، وأسأل الله القبول والثبات وزيادة الإيمان.
5- أخي قال لي بأنني أصبحت أهدأ من السابق، وأنني تحسنت كثيرا، مع العلم أنه لا يدري أنني استخدم دواء.
6- اختفت الانتفاخات وزاد نشاطي البدني، وأصبحت أشعر بالقوة البدنية أكثر من السابق بكثير.
سلبيات يمكن تحملها أثناء فترة العلاج: إمساك، رائحة البراز كريهة جدا، قلة الرغبة الجنسية، والمشكلة الوحيدة هي أنني لم أستطع العودة إلى العمل، فكلما عدت للعمل أعود وأتغيب مرة أخرى، مع أنني في السابق كنت أعمل على الرغم من أنني مكتئب ولكني كنت أتحامل على نفسي وأجبرها، أما الآن مزاجي أفضل، ومع ذلك أشعر ببرود وعدم الرغبة في العمل، حتى أخي يقول أنني متبلد الإحساس ويلومني على عدم العودة للعمل، فلا أدري هل هذا شيء نفسي أم أنه من جراء الأدوية؟
يأتيني شعور بأنني أستطيع أن أعيش هكذا وأنا مرتاح هكذا، وأخشى أن يعكر صفوي العمل، أو أن يؤثر على تديني وعلاقتي بالله، فدائما أشعر بالطفش والفراغ وأنا في العمل، كما أنني لا أحب الحديث مع الناس بكثرة.
السؤال الثاني: من خلال تجربتك وخبرتك في الطب النفسي هل هناك علاقة بين العلاج النفسي والالتزام الديني؟ لأنني قرأت وعايشت تجارب التزمت وعادت إلى الله بعد العلاج، وإذا كان هناك علاقة فما هو التفسير النفسي لذلك؟
السؤال الثالث: الجرعة التي أعطيتني هي حبة (75) مل لمدة شهرين ثم (150) مل لمدة (6) أشهر، وقد دخلت في هذه المرحلة منذ منتصف رمضان الماضي، ثم (75) لمدة سنة ثم فترة التدرج، لكن خوفا من الانتكاسة ولأنني سبق وأن انتكست أكثر من مرة، سواء مع الافكسر أو حشيشة القلب، لذلك هل يمكن إطالة مدة الجرعة العلاجية (150) أو الوقائية (75) لأني ليس لدي أي مانع في الدواء.
السؤال الرابع : أنا أعزب فهل ترى أن الزواج يساعد في تحسن الحالة النفسية والاستقرار النفسي؟ وكيف أختار زوجتي؟ هل أختار فتاة مصابة بالاكتئاب مثلي؟ أم أبحث عن فتاة عكسي في الطباع لكي أتأثر بها؟ طبعا بعد الدين.
جزاك الله خيرا، وأثابك ووفقك يا دكتور، والله إني أحبك وأدعو لك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طالب رضى الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد سعدت جدا بالنقاط الست، والتي هي بالفعل تمثل جوهر تحسن الصحة النفسية لديك، فنسأل الله تعالى أن يديم عليك هذه النعمة.
السلبيات التي ذكرتها من وجهة نظري هي بسيطة جدا، ويجب أن لا تكون ذات أهمية بالنسبة لك، وأفضل شيء أن تعالجها بالتجاهل، ودائما فكر فيما حدث لك من تحسن، لأن ذلك يؤدي إلى المزيد من التحسن.
المشكلة فيما يخص العمل لا أعتقد أن للعلاج الدوائي أي علاقة بالعمل، قضية العمل -من وجهة نظري- أنت محتاج أن تبني إرادتك حول هذا الأمر، ويجب أن تعزم عزما قاطعا وملزما لنفسك أنه لا تهاون في هذا الموضوع أبدا, إذن التصميم والإصرار هما البوابة التي سوف تدخلك في محيط العمل وسوف تستمر فيه إن شاء الله تعالى، ويجب أن تذكر نفسك أن العمل قيمة أساسية عند الإنسان، وقل لنفسك (يجب أن لا أفقد هذه القيمة، ولن يكتمل شفائي إذا لم أعمل) وهذه حقيقة أخي الكريم، أرجو أن لا يكون هذا الكلام مخيفا لك، لكن التأهيل عن طريق العمل هو أفضل وسيلة الآن لاكتمال الصحة النفسية والتعافي إن شاء الله تعالى، ادفع نفسك وأصر على نفسك، ولا تساوم نفسك أبدا فيما يخص موضوع العمل.
العلاقة بين الطب النفسي أو العلاج النفسي والالتزام الديني: لا أرى هنالك علاقة مباشرة قوية، لأن الأمراض النفسية هي أمراض مثلها مثل الأمراض الأخرى، ويمكن أن نقول أن العلاقة الوحيدة الثابتة هي أن الوساوس القهرية ذات الطابع الديني تكثر وسط الإخوة والأخوات المتدينين وتسبب لهم الكثير من الحرج ويأتيهم الاعتقاد أنها دليل على وجود خلل في عقيدتهم وتدينهم، وهذا الكلام ليس صحيحا، لذا نحن نكون حريصون جدا أن نصحح مفاهيمهم حتى نبعدهم عن الشعور بالذنب.
العلاقة الأخرى هي: أن الاكتئاب النفسي ربما يحبط الإنسان أحيانا، حتى فيما يخص العبادات، لكن -الحمد لله تعالى- كثير من الناس الآن وجد أن الالتزام الديني هو أحد الوسائل العلاجية الممتازة التي تخرج الإنسان من حالة الاكتئاب التي هو فيها.
سؤالك الثالث: لا مانع أخي أن تستمر على العلاج، وأتفق معك أن تمديد الفترة العلاجية دائما يأتي بنتائج إيجابية، فلا مانع من ذلك أبدا، ويمكن أن نطيل الجرعة العلاجية، وكذلك نطيل فترة الجرعة الوقائية، هذا ليس فيه أي خلل، بل على العكس تماما خطوة إيجابية منك جدا، ولذا أنا أقول لك دعنا نمد الفترة العلاجية بثلاثة أشهر أخرى، ونمد الفترة الوقائية بستة أشهر أخرى، هذا لا مانع منه أبدا، وأعتقد أنه -إن شاء الله- سوف يعود عليك إيجابيا.
سؤالك الرابع حول الزواج: أخي الكريم على العكس تماما أنا لا أرى مانعا أبدا أن تتزوج، لكن لا تتزوج امرأة مصابة بالاكتئاب، هذا لا ننصح به أبدا، وأنت في نفس الوقت يجب أن لا تقلل من شأنك وتعتقد أنك معاق أو شيء من هذا القبيل أبدا، أنت يمكن أن تعيش حياة عادية جدا، فتقدم لأي امرأة صالحة، وبالطبع سيكون من الأمانة أن تخطر وتخبر الطرف الآخر أنك عانيت من بعض الاكتئاب النفسي، وأنت -الحمد لله- الآن في صحة جيدة, هذا كل الذي هو مطلوب منك، فالزواج فيه الاستقرار، فيه سكينة وفيه رحمة، والزوجة الصالحة قطعا ستكون مساندة، والمساندة الاجتماعية خاصة حينما تكون من قبل الزوجة لا شك أنها تمثل دفعة علاجية إيجابية جدا، وفي ذات الوقت أنا لا أرى أي سبب يجعلك تكون مقصرا في واجباتك الأسرية، إن شاء الله تكون زوجا صالحا وأبا صالحا، وأسأل الله تعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة والذرية الصالحة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.