السؤال
أنا دائما متضايقة، هل ذلك بسبب غضب أمي وأبي؟ والله لا أعرف كيف أرضيهم! تعبت.
ساعدوني.
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.
ابنتي الكريمة الفاضلة: إنه ما من مشكلة إلا وراءها سبب، ولا يوجد شيء في هذا الكون بغير سبب، ولذلك جعل الله لكل شيء سببا، وأمرنا أن نسلك الأسباب في كل أمر نريده، فالذي يريد أن ينجح وأن يتميز لابد أن يأخذ بأسباب النجاح وهي المذاكرة والمواظبة والدعاء، والأخذ بما يمكن الأخذ به من وسائل حفظ المعلومات والتركيز عليها.
كذلك أيضا مسألة غضب الوالد والوالدة عليك، لابد أن تعرفي لماذا هم أصلا غاضبان عليك؟ لأن هذا مهم جدا، لأنه يصعب جدا أن نقول أن هناك أما تغضب على ابنتها دون سبب، أو أن هناك أبا يغضب على ابنه أو ابنته بدون سبب، خاصة وأن الأم والأب لا يوجد أحد يحبك أكثر منهما، وأعتقد أنك معي في ذلك – ابنتي أميرة – فيستحيل أن توجد هناك صاحبة أو زميلة أو صديقة أو قريبة تحبك أكثر من أمك، ولا يوجد هناك أحد حتى وإن كان أخوك يحبك أكثر من أبيه.
الأب والأم يا بنيتي يضحيان بكل غال ونفيس من أجل إسعاد أبنائهما، وأبوك يحبك يقينا أكثر من نفسه، وأمك كذلك، ولذلك أتمنى أن تنظري في تصرفاتك، لماذا والدتك دائما غضبانة عليك؟ ولماذا والدك كذلك؟ انظري في تصرفاتك.
أتمنى أن تجلسي مع أمك وحدها، وأن تقولي (يا أمي ما الذي يجعلك تغضبين علي حتى أتخلص منه) وقطعا ومما لا شك فيه أن هناك أمورا أنت تفعلينها أحيانا بقصد أو بغير قصد تؤدي إلى غضب الوالدة عليك، وبالتالي سليها عن هذه الأسباب التي تؤدي إلى غضبها، وحاولي - بارك الله فيك - أن تحصري هذه الأسباب وأن تتخلصي منها، لأن قضية غضب الوالد والوالدة عليك ليس بالأمر الهين، وثقي وتأكدي أنك لن تنجحي في أي مشروع من مشاريع حياتك مع غضب الوالد والوالدة عليك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رضى الله من رضى الوالدين، وسخط الله من سخط الوالدين) وقال أيضا: (من أرضى والديه فقد أرضى الله، ومن أسخط والديه فقد أسخط عليه الله) والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لا يدخل الجنة عاق).
هذه الأشياء لابد أن تأخذيها مأخذ الجد، وأن تعلمي أن أمك لا تريد لك إلا الخير، وأنها صادقة في كلامها معك، وبالتالي حاولي معرفة هذه الأسباب واجتهدي في التخلص منها، لأنك إنسانة واعية، وتستطيعين - بإذن الله تعالى - أن تحققي إنجازا في علاقتك مع والدك ووالدتك.
إذا كنت تستطيعين ذلك بنفسك فهذا رائع وأنا واثق أنك تستطيعين، إذا كنت تحتاجين إلى مساعدة فاكتبي إلينا مرة أخرى، أو اسألي الوالد أو الوالدة (كيف أتخلص من هذه المشكلة؟) لأنك تحتاجين إلى من يوضح لك الأسباب، فأنت في سن صغيرة وقد تتصرفين تصرفات عفوية وعشوائية وطبيعية من وجهة نظرك أنها ليس فيها شيء، ولكنها قد تكون في غاية الغرابة والإنكار من الوالدين.
صدقيني لو استقامت علاقتك مع والدتك ووالدك ستكونين من أسعد الناس، وهذا التعب سوف يزول نهائيا، بل ستكونين من المتفوقين دراسيا، لأنك بذلك ستستطيعين أن تذاكري بمعنوية عالية ونفس وثابة راضية، وستكونين - بإذن الله تعالى - من سعداء الدنيا والآخرة.
أتمنى بارك الله فيك أن تجتهدي في ذلك، وأن تعلمي أن الأمر ليس صعبا ولا مستحيلا، وإنما هو ممكن بإذن الله تعالى، ومقدور عليه، خاصة مع ابنة متميزة مثلك.
ابنتي أميرة: أسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يشرح صدرك لفعل ما يرضيه، وأن يوفقك لكسب رضى والديك، وأن يعينك على التخلص من تلك الأسباب والسلبيات التي أدت إلى سوء العلاقة بينك وبين والديك، لأن الأمر صعب يا بنيتي أن تكوني على علاقة غير طيبة مع الوالدين معا، أحيانا قد تكون المشكلة فعلا مع الوالد أو مع الوالدة، أما أن يكون الوالد والوالدة معا فهذا يدل على أن تصرفاتك تحتاج منك إلى إعادة نظر، وأنا واثق أنك ستستطيعين ذلك بسهولة ويسر - بإذن الله تعالى - والوالدان عندما يسألان الله لك الخير فإن الله تبارك وتعالى سيستجيب لهما، ودعاء الوالدين لا يرد كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا وبالله التوفيق.