يصيبني الارتباك والخجل واختلاف نبرات الصوت عند الكلام مع الآخرين

0 768

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أنا فتاة عمري 24 عاما، أصبت بحالة مفاجئة في الصف الثالث ثانوي، فقد أصبحت أشعر بالارتباك والخجل واختلاف نبرات الصوت، وزيادة في نبضات القلب، لدرجة أكاد أبكي عند القراءة أمام الطالبات، فلم أكن من قبل بهذا الشكل، فقد كنت اجتماعية، وأقرأ وأشارك، ومثقفة، وليست عندي مشكلة بالحديث مع أي أحد غريب، وبعد تخرجي من الثانوي قدر الله فلم أقبل في الجامعة، وبعد سنتين قبلت في الجامعة، وبعد انتهاء المستوى الثاني من الجامعة رجعت لي نفس الحالة بعد أن أصبت بنزلة برد.

لكن الغريب هذه المرة أنني أصبحت حتى مع أهلي، وصديقاتي بشكل مفاجئ فعند الحديث في أي موضوع مع أمي أو أبي وصديقاتي، وقريباتي أشعر بالخجل يحمر وجهي، وتزداد نبضات قلبي خاصة عندما تتوجه أنظارهم لي، والكل يلاحظ هذا.

وعندما يوجه لي سؤال، مع العلم أن هذا الشعور مع أهلي وصديقاتي يكون من وقت لآخر، فما أدري ما السبب، أما في الجامعة في القاعة فيكون باستمرار، فأنا متضايقة، فقد أثر في مشاركاتي في القاعة، وتعرضت للإحراج عند الطالبات عندما قرأت أمامهم فالكل لاحظ الارتباك، واختلاف نبرات الصوت وانخفاضه، فأنا الآن أصبحت قلقة ومكتئبة من وضعي.

وفي الفترة الأخيرة ضعفت ثقتي بنفسي، على الرغم من أن الكل يمدحني، وأنا جميلة، فأرجو مساعدتي بوصف دواء، وعلاج سلوكي، فأنا على وشك التطبيق في المدرسة، وحالتي لم أستطع إخبار أمي وأبي بها لحرجي منهم، فهي تعتبر عندي من قبل نقطة ضعفي، وهل الصحة لها دور في هذه الحالة؟ وهل الترويع والتخويف مزحا له دور؟

مع العلم أنني في الصف الثالث الثانوي قبل هذه الحالة فقد كنت مريضة بصداع قوي، أما الآن فأنا بخير ولله الحمد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المــاسه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الحالة التي انتابتك هي نوع من القلق النفسي الحاد، وهذا النوع من القلق نسميه بنوبة الهرع أو الهلع، وهي حالة منتشرة جدا، ويعرف أن هذه الحالات قد تأتي للإنسان في فترات متباعدة أو متقاربة، قد تستغرق من خمس دقائق إلى ساعة أو ساعتين أو أطول من ذلك، وبعد أن تختفي الحالة تماما قد يظل الإنسان فيما نسميه بحالة من القلق التوقعي، أي أن يتوقع أن هذا القلق سوف يأتيه، وفي بعض الأحيان تكون الحالة مرتبطة بضغوط نفسية شديدة كانت أو بسيطة، وفي حالات أخرى لا نجد لها أي مسببات، وبعض الناس قد يبدأ عندهم بعد حالات عضوية بسيطة مثل نزلات البرد وشيء من هذا القبيل.

أرجو أن يكون ذلك واضحا بالنسبة لك، ويكون مقنعا ومطمئنا، وأن تقتنعي تماما أن حالتك بسيطة.

هذه الحالة أيتها الفاضلة الكريمة ليست منقصة لك أبدا، فهي حالة عادية جدا، وأنت ذكرت أنك تتميزين بميزات كثيرة: القدرة على التواصل، المعرفة، العلم، الذكاء، الجمال، هذه إن شاء الله كلها رصيد قوي لك، والحالة التي أتتك ليست منقصة أبدا، أنا أريدك أن تفكري على هذا النسق وعلى هذا النمط، فالحمد لله تعالى أنت لديك هذه الإيجابيات العظيمة ويجب دائما أن تتأملي وتتفكري فيها.

هذه هي أهم نقطة فيما يخص العلاج السلوكي، ونسميها الاستبصار والارتباط بواقع الحالة، كثيرا من الناس تضرهم التفسيرات السلبية لما يحدث لهم، ونوبات القلق والمخاوف هذه هي فعلا فيها الكثير من الغموض، وأحيانا أو في معظم الحالات تحتاج لشرح المختص ليوضح صاحب الحالة ما طبيعتها، وبعد أن تتضح الأمور إن شاء الله تعالى هذا في حد ذاته يقلل من الأعراض، ويساعد الإنسان كثيرا أن لا يتنقل بين الأطباء.

الخطوة السلوكية الثانية هي أن تتجاهلي هذه الحالة تماما، بعد أن قمنا بتوضيح طبيعتها لك.

ثالثا: تتدربي على تمارين الاسترخاء، هذه التمارين بسيطة ومفيدة، وعليك بأن تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية هذه التمارين.

رابعا: عليك بالتواصل الاجتماعي، ولا تراقبي نفسك أبدا فيما يخص هذه الأعراض.

خامسا: إدارة الوقت بصورة جيدة، التركيز على الدراسة، أن تشاركي الأسرة في شؤونها ويكون لك وجود وحضور إيجابي، ويا حبذا أيضا لو قمت بالالتحاق بأحد مراكز تحفيظ القرآن، هذا إن شاء الله فيه خير كثير لك ويحسن من مهاراتك التواصلية ويزيل القلق والتوتر.

بالنسبة للعلاج الدوائي: العلاج الدوائي جيد ومفيد جدا، وهنالك دواء يعرف تجاريا باسم (زيروكسات) وآخر يعرف تجاريا باسم (سبرالكس) كلها أدوية مفيدة، أعتقد أن السبرالكس سيكون هو الدواء المفيد في حالتك، وجرعته هي أن تبدئي بخمسة مليجرام – وهذا يعني أن تقسمي الحبة من فئة عشرة مليجرام إلى جزئين – تناولي خمسة مليجرام يوميا بعد الأكل، يمكن أن تتناوليها في أثناء النهار أو مساء –وهذا أفضل – استمري على هذه الجرعة الصغيرة لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تناولي حبة كاملة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر.

وقوة الحبة كما ذكرنا لك هي عشرة مليجرام، وهنالك حبة من فئة العشرين مليجراما، لكنك لست في حاجة لها.

بعد انقضاء فترة الثلاثة أشهر خفضي الجرعة إلى خمسة مليجرام لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الدواء دواء جيد ومفيد وغير إدماني وغير تعودي، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، وأنا أفضل أن تشرحي حالتك هذه لوالدتك على سبيل المثال، وليس هنالك أبدا حرجا في هذا الأمر، وشاوريها في موضوع الدواء وما ذكرنا لك من نصائح.

بالنسبة لأسئلتك الخاصة: هل للصحة دور في هذه الحالة؟ لا نقول أنه يوجد دور مباشر، لكن كما ذكرت لك في بعض الأحيان الإصابة بنزلات البرد، وشيء من هذا القبيل ربما يثير هذه الحالات في بعض الأحيان.

وسؤالك الآخر: وهل للترويع والتخويف مزاحا دور؟
نعم هذا قد يكون له دور، خاصة إذا كان في الإنسان قابلية للخوف والقلق أصلا، فهنالك بعض الناس لديهم قابلية واستعداد لنوبات الخوف والهرع، وفي هذه الحالة إذا تعرض الإنسان إلى أي نوع من الخبرة التي فيها شيء من الخوف والرهاب حتى وإن كان ذلك عن طريق المزاح ربما يتجسد ويخزن في العقل الباطني وهذا يجعله أكثر قابلية لهذه النوبات.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب، ونؤكد لك مرة أخرى أن الحالة حالة بسيطة، ونسأل الله تعالى أن يجعلك لك العافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة .. وسلي الله العافية.

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات