أعاني من قلق ووساوس، وأرتاح على الأدوية لأيام ثم أرتكها

0 437

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإخوة الكرام، أشكركم على هذا العطاء، ونسأل الله أن يجعله في موازين حسناتكم.

أنا عمري (35) سنة، لقد مررت بظروف لا يعلمها إلا الله، وصبرت عليها، ودعوت الله وذهبت إلى الأطباء النفسيين، وقد استمريت على العلاج مع أحد الأطباء، ثم سافر، وبعدها استمريت مع دكتور نفسي آخر لمدة خمسة أشهر، وبعدها نقل إلى مستشفى آخر بعيد عني، وبعدها استمريت معه عن طريق الجوال ثم تركت العلاج تحت نظر الدكتور، لأنه في الحقيقة كانت له أضرار جانبية، عانيت من عدم الاستقرار، والزغللة، والتعب في جميع الجسم، وبعدها تابعت بعد حوالي فترة من الزمن مع دكتور آخر، لمدة حوالي ثلاثة أشهر، وبعدها تركت العلاج فارتحت نفسيا.

علما بأنني موظف ومتزوج، وعندي ثلاثة أطفال، وأدرس في الجامعة، وبقي على تخرجي حوالي سنة ونصف، بداية المرض قبل حوالي أكثر من خمس سنوات في عام 1427هـ، عندما ذهبت مع أحد أقاربي إلى دولة عربية، ونحن ثلاثة، والشخص يعاني من السحر والمس، وذهبنا معه وكنت قلقا بشأنه، وكثير الأسئلة عن حالته، وكيف سوف يشفى ومتى وكيف حال زوجته وابنته؟

أثناء السفر حصل لي قلق وخوف، ثم طلبت العودة إلى بلادي بأسرع وقت، وبعدها بدأ معي القلق والخوف بشدة والوسواس، والآن - والحمد لله - أحس بتحسن، وعودة إلى حياتي الطبيعية، لكن يا دكتور في بعض الأوقات أحس بقبضة قي القلب، وقلق وخوف بسيط، واحمرار في الوجه، وتعرق ورجفة في الركب، وتشنج في العضلات في الساقين، وبرودة في الأرجل واليدين لفترة معينة.

عندما أقابل الشخص نفسه الذي كان مريضا في السفر وإخوانه، حتى مجرد ذكر اسمه، أخاف، لكن أريد أن تذهب هذه الأعراض، وأتخلص منها للأبد، كذلك عندما يذكر لي أحد مريضا بالسحر والمس، والأمراض النفسية أحس بالأعراض!

أسأل الله عز وجل لي الشفاء، ولكم العافية، وأن ترونا الطريق إلى الله، وأن أتحدى المرض بكل قوة وشجاعة، لكن في بعض الأحيان أحس أنني لا أقدر بالنسبة للأدوية النفسية، أخاف من أعراضها علي، وخلال اليومين السابقين أشعر براحة نفسية لا يعلمها إلا الله، وفي اليوم الثالث ترجع الأعراض لمدة ساعة ونصف.

أفيدوني مأجورين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فقد تكلمت كثيرا عن الماضي وعن سلبياته، وأنك قد مررت بظروف غير مواتية، وأشكرك حقيقة على كل هذه التفاصيل، لأنك تريد أن تطلعني عن الحالة التي مررت بها، ومن جانبي أقول لك - إن شاء الله تعالى - الأيام السيئة قد انقضت، هذه مجرد خبرات وتجارب حدثت لك، ما عانيته نفسيا وما عانيته اجتماعيا يجب أن تسجنه الآن، وتغلق عليه الباب في خزينة النسيان، وتعيش واقعك الآن بقوة وتنظر إلى مستقبلك بأمل وتفاؤل.

هذا مهم أخي الكريم، وأنا حقيقة أبني كلامي هذا على أنني استخلصت أنك تعاني من شيء من القلق الاكتئابي التوتري، مع شيء من الوساوس، وعدم القدرة على التكيف، وهذه ليست تشخيصات متعددة، هذه حالات نفسية بسيطة متداخلة، وتأتي تحت ما نسميه بالاضطراب الوجداني البسيط.

نعم هذه الحالات مزعجة .. أتفق معك، لكنها - إن شاء الله تعالى - ليست معيقة، وليست خطيرة، والمهم جدا هو أن تبدأ بداية قوية الآن، وتكون إيجابيا في تفكيرك، وتتذكر الجوانب الإيجابية لديك، وتحاول أن تقويها وأن تعضدها أو تنميها، هذا يساعدك كثيرا، ونحن دائما نقول إن إدارة الوقت بصورة صحيحة تساعد الناس على النجاح والشعور بالرضا، والمزيد من الإنتاج - إن شاء الله تعالى -.

عليك بالتواصل الاجتماعي بجميع صوره، ويبدأ ببر الوالدين، بر الوالدين هو نوع من التواصل الاجتماعي، ومساعدة الضعفاء، زيارة الأرحام، الجيران، الأصدقاء، مشاركة الناس في مناسباتهم، هذا أخي الكريم علاج اجتماعي سلوكي مهم جدا، صلاة الجماعة لها قيمة عظيمة أيضا، فيها الدعم الاجتماعي والنفسي للإنسان، الرياضة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أنها ذات قيمة إضافية حقيقية لتسمو بالنفس البشرية، والصحة النفسية، فلا تهمل هذا أخي الكريم.

الفكر الوسواسي والقلقي دائما يعالج بالتحقير، وأنت في حاجة لعلاج دوائي، وأنا أقدر تماما قولك إنك تتوجس وتقلق حول العلاج النفسي، هذا ناشئ من المفاهيم الخاطئة التي انتشرت حول الأدوية النفسية، فصاحب القلق يقلق من كل شيء، يقلق من المرض ويقلق من العلاج وحتى الصحة والعافية، حين تأتيه يقلق حيالها، إلى متى سوف تستمر ومتى سوف تنتكس.

أخي: أنا أتفهم تماما ما تقوله، لكن في ذات الوقت أنا على ثقة كاملة أنك إذا أخذت بما ذكرته لك في هذه الرسالة، وما سوف أصفه لك من دواء - إن شاء الله تعالى - سوف تعيش حياة طيبة مشرقة، كلها إيجابيات وشعور بالراحة والرضا وقبول النفس وتنميتها، هذا مهم جدا.

هناك دواء فعال ممتاز يعرف تجاريا باسم (لسترال)، ويعرف تجاريا أيضا باسم (زولفت)، ويعرف علميا باسم (سيرترالين) هذا دواء مناسب جدا لحالتك، وهو يوجد في المستشفيات وفي الصيدليات الخارجية في السعودية، وهو لا يحتاج لوصفة طبية، وجرعة البداية أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراما – أي حبة كاملة – تستمر عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك ترفعها إلى حبتين في اليوم، يمكن أن تتناولها كجرعة واحدة مساء، أو تجزئها إلى حبة صباحا وحبة مساء، وهذه الجرعة العلاجية – أي حبتين في اليوم – يجب أن تستمر عليها لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك خفض الجرعة العلاجية لحبة واحدة ليلا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناولها.

هذا دواء طيب وجميل ورائع، وغير إدماني وغير تعودي، - وإن شاء الله - فيه خير ومنفعة كبيرة لك، له آثار جانبية بسيطة، وهي أنه قد يزيد من معدل نومك في الأيام الأولى، لكنها ليست زيادة كبيرة، كما أنه ربما يؤدي إلى تأخر بسيط في القذف المنوي لدى الرجال، هذا قد يحدث وقد لا يحدث، وحتى إن حدث فليس فيه ما يضر أبدا، لأن الدواء أصلا لا يؤثر على مستوى الذكورة ولا على القدرة على الإنجاب.

الأثر الجانبي الآخر أن بعض الناس قد يزيد الوزن لديهم زيادة بسيطة، وذلك من خلال زيادة الشهية للطعام، وهذا إن حدث فالطبع يمكن التحكم فيه من خلال ممارسة الرياضة التي نصحناك بها وتنظيم الغذاء.

أود أن أضيف أيضا أن أحد الصحابة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن رقى نسترقيها وأدوية نتداواها هل ترد من قدر الله شيئا؟ فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم: (هي من قدر الله) أي أن الدواء من قدر الله والرقية من قدر الله، ويجب أن نأخذ بها جميعا.

الكلام عن المس وعن السحر وعن العين، نحن نؤمن بوجودها ونعتقد أنها تضر، لكن لا تضر إلا بإذن الله {وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله} {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله} لكن أيضا فيها مبالغات كثيرة، ونؤمن أن الله خير حافظ، قال تعالى: {فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين}.

أخي الكريم: كن حريصا على صلواتك، وتلاوة قرآنك، والدعاء والذكر، - وإن شاء الله - ما دمت في معية الله فأنت في حفظه (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) هذا هو الذي أود أن أنصحك به، ولا تحرم نفسك من نعمة العلاج كما ذكرنا لك، والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها، وما جعل الله من داء إلا وجعل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله، فتداووا عباد الله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات