السؤال
السلام عليكم ورحمه الله.
سؤالي عن تطهير العين، فأنا دائما ما أحس بوصول نجاسة لعيني، مثلا أثناء الاستنجاء أو لمس عيني ويدي نجسة أغسلها بالماء كثيرا، حتى أصبت بحساسية شديدة وضعف نظر.
سؤالي: الدموع تطهر العين طبيا، فهل شرعا تطهر العين بالدموع؟ أم يجب غسلها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن المعلومات المتوفرة من خلال رسالتك حقيقة تدل أن أمرك هذا لا يحتاج لفتوى لأن الأصل في هذا الأمر هو المرض، فهذا النوع من التفكير تفكير قسري قهري نسميه بالوساوس الظنانية، وهي حالة طبية نفسية نادرة لكنها معروفة لدينا.
فأنا أقول لك وبكل يقين - إن شاء الله تعالى - الأمر لا يحتاج أصلا لفتوى، وبالرغم من ذلك سوف يفيدك المشايخ في ذلك الأمر، وأنا من وجهة نظري كطبيب نفسي مسلم أرى أن هذا وسواس ولا علاقة أبدا بالطهارة والنجاسة بهذا الأمر، وهي رسالة ذهنية متسلطة عليك أكثر مما هي قضية نجاسة أو طهارة.
هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أود أن أشرح لك عن بعض محتويات ومكونات الوساوس القهرية، ومن خلال هذا الشرح البسيط أتمنى أن يساعدك ذلك على تفهم مشكلتك، لأن تفهم المشكلة في حد ذاته هو علاج.
الوسواس القهري قد يكون فكرة، أو قد يكون فعلا يقوم به الإنسان، أو قد يكون نوعا من الظنان والشكوك، وهذا هو الذي تعانين منه، أو قد تكون صورة ذهنية عقلية تتجسد في خيال وكيان الإنسان، أو قد يكون نوعا من الفعل النمطي الطقوسي المتكرر، أو قد تكون مخاوف مطبقة، وكل هذه المكونات الوسواسية تتميز بشيء واحد وهي أنها سخيفة، والإنسان قد يكون مقتنعا لدرجة واضحة وقوية أنها بالفعل سخيفة، أو تكون قناعاته فيها شيء من الضعف والتردد، وأنه يرى أن وساوسه تلامس الحقيقة، وهذا أسوأ أنواع الوساوس.
كل هذه الأفعال والأفكار والمخاوف والطقوس يحاول الإنسان أن يردها ويطردها ويقاومها، لكنه يحس بالقلق إذا فعل ذلك، ولذا تجد الكثير من الناس يستجيبون للوساوس، وهذه أيضا نقطة جوهرية؛ لأن علاج الوساوس أصلا يقوم على تحقيرها وعلى تجاهلها وعلى طردها وعدم اتباعها.
الوساوس القهرية لا تعتبر حالة عقلية، ليست اضطرابا عقليا ذهانيا، إنما هي حالة نفسية قلقية لكنها قد تكون قابضة وقد تكون شديدة للدرجة التي تعطي الانطباع في بعض الأحيان أن هذا الإنسان يعاني من اضطراب ذهاني.
أرجو أن يكون هذا الشرح مفيدا لك، وأنا أقول لك إن حالتك هي حالة نفسية ولا تحتاج لفتوى شرعية حقيقية، فالأمر ما دام سخيفا وما دام وسواسيا فيجب أن يعالج بالتحقير والتجاهل، والتحقير والتجاهل لا يحتاج لفتوى أبدا. بمعنى آخر: أنه لا علاقة بين شكواك وبين الطهارة والنجاسة أصلا.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنت مطالبة بالآتي:
أولا فكري في هذه الفكرة، وقولي لنفسك: (إن هذه فكرة سخيفة، لماذا أنا أتبع أمرا سخيفا؟ وقد ذكر لي الأطباء أن هذا وسواس قهري، والوسواس القهري لا يقهر إلا من خلال التحقير).
ثانيا: أرجو أن تبتعدي البعد الكامل عن كل الوسائل التي تتخذينها سبيلا لأن تصلك إلى القناعة بأن الطهارة والنجاسة متعلقة بالعين، أي لا تستعملي أي نوع من القطرات، لا تغسلي عينيك، غسل الوجه فقط عند الوضوء والذي يكفي، والذي يجب أن لا تزيدي على ذلك مطلقا، وأنصحك دائما بأن تحددي كمية الماء التي تتوضئين بها.
تمرين آخر: أريدك أن تقومي بلمس عينك ثم بعد ذلك تنزعي يدك فجأة وتقومي بالضرب عليها، أي المسي عينك بكف يدك ثم بعد ذلك اضربي كف اليد على سطح صلب حتى تحسي بالألم، والهدف هو أن تربطي ما بين الفعل الوسواسي وإيقاع الألم على النفس، وهذا يساعد كثيرا، كرري هذا التمرين عشر مرات متتالية مرة في الصباح ومرة في المساء.
أريدك أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للوساوس وهو دواء مفيد جدا يعرف تجاريا باسم (فافرين) ويعرف تجاريا أيضا باسم (لسترال) ويعرف علميا باسم (سيرترالين) وجرعة البداية هي خمسون مليجراما ليلا، وبعد أسبوعين اجعليها مائة مليجرام ليلا، ويجب أن تتناولي هذا الدواء بعد الأكل، وبعد شهر اجعليها حبتين – أي مائتي مليجرام ليلا – واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى مائة مليجرام ليلا، واستمري عليها لمدة ستة أشهر أخرى، ثم اجعليها حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء، وهذا علاج لهذا النوع من الوساوس، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.