السؤال
السلام عليكم،،،
أنا سعيدة جدا لأني وجدت من يساعدني في مصيبتي، والداي منفصلان منذ أن كنت في الرابعة، وعشت مع أبي وذقت الأمرين منه ومن زوجته، وتولد لدي خوف من الناس ومن أهلي، ولم أجد من يساعدني.
أصبحت أشعر بعدم الثقة في نفسي، وكنت أشك في ما أفعل هل هو صواب أم لا؟
ولازلت إلى الآن أعاني، وتدمرت حياتي، الكل يكرهني ويعاملني باحتقار؛ لأنه لا يوجد من يقف معي.
وتزوجت وقلت في نفسي سأستريح، ولكن بالعكس أهل زوجي يكرهونني خاصة إخوانه وزوجاتهم، ويعاملونني كأني حثالة، والطامة الكبرى لدي أخت خليصتي ساعدتها كثيرا ووقفت معها ولم أجني من ورائها إلا المشاكل، ولكن بعد زواجها أصبحت تعاملني كالباقين.
للأسف الكل يتصيد أخطائي وكأني مجرمة، ومعظم الناس تتعامل معي وتصدق من يكرهني.
حياتي أصبحت جحيما، حتى أننا انتقلنا من المنطقة التي كنا نسكنها أنا وزوجي وأولادي جراء ما يحدث.
أرجوكم ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ام هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنحن نقدر الظروف التربوية وظروف التنشئة التي عشت فيها وذلك بعد انفصال والديك بالطلاق، لكن هذا الأمر حقيقة موجود في مجتمعاتنا، ونعرف أن خمسة وعشرين إلى خمسة وثلاثين بالمائة من الزيجات بكل أسف تنتهي بالطلاق، وهذه المرحلة من وجهة نظري قد انتهت، ومهما كانت معاملة زوجة والدك سيئة فلا تضمري لها سوءا، فهذا مهم جدا، ويجب أن تكون لديك نظرة إيجابية نحو تلك المرحلة حتى وإن كانت سلبية جدا.
المهم في الأمر أنك الآن تبلغين من العمر تسعة وعشرين عاما، وأنت لديك القدرة حقيقة أن تساعدي الآخرين ناهيك عن مساعدة نفسك، تملكين كل القدرات العقلية والنفسية والوجدانية والجسدية.
فيا أيتها الفاضلة الكريمة: انظري إلى نفسك الآن وإلى مصادر القوة التي تتمتعين بها، ولا تعيشين في الماضي، الماضي ضعيه في خزينة النسيان تماما.
بالنسبة لعلاقاتك مع الآخرين: يجب أن أكون واضحا وصادقا معك، فقد لاحظت أنك غير مرتاحة من التعامل مع أي شخص، بدأ الأمر بزوجة والدك، وبعد ذلك ذكرت أهل زوجك، وزوجات إخوانه، وأختك، وهكذا.
إذن أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أريدك أن لا تسيئي التأويل في معاملتك مع الناس، حاولي أن تحسني الظن، هذا مهم جدا، واعلمي أن الظن أكذب الحديث، وأن الله تعالى قال: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم}، ودائما انظري إلى ما هو إيجابي في الإنسان قبل أن تنظري إلى ما هو سلبي، هذا مهم جدا.
أنت تضعين الناس أمامك كالمرآة وتنظرين إليهم، والناس كذلك ينظرون إليك من خلال هذه المرآة، لكن إذا حاولنا أن نحاسب الناس على كل صغيرة وكبيرة فهذا لا شك أنه لن يؤدي إلى نشوء أي علاقة اجتماعية سليمة.
كوني متسامحة، أوجدي للناس العذر، خذي أنت بالمبادرات الإيجابية، تقدمي نحوهم، حتى وإن حاولوا أن يرموك بجميع أصناف الأذى، ولا أعتقد أن الأمر يصل لهذا الحد، لكن إذا وضعنا أسوأ الفروض.
فأنا أريدك حقيقة لأن تسكن نفسك وتهدأ نفسك، ولتنتهي هذه الفورات الداخلية التي تعانين منها، عليك أن تضعي أسس مغايرة تماما لتعاملك مع الآخرين.
فكري في الإيجابيات العظيمة: أنت لديك الزوج، ولديك الذرية، ولديك البيت، هذه كلها يجب أن تعطيها اهتماما كبيرا وتجتهدي في خدمة بيتك وزوجك وأولادك.
صلي أرحامك، كوني بارة، اذهبي لحضور المحاضرات الدينية المفيدة، ويا حبذا أيضا لو ذهبت إلى أحد مراكز تحفيظ القرآن، هنالك تكسبين مهارات كبيرة تفيدك إن شاء الله في الدين والدنيا، وتبني علاقات وصلات اجتماعية طيبة.
فأنا حقيقة لا أريدك أبدا أن تكوني حساسة، وتحملين على نفسك وعلى الآخرين بهذه الصورة التي وردت في رسالتك.
أنا أعتقد أيضا أنه لديك عسر في المزاج ودرجة من الكدر، جعلت صعوبة التعامل مع الآخرين دائما تأخذ أسبقية على حسن التعامل، ومثل هذه الحالات نشاهدها كثيرا.
فأنا أود أن أقترح لك أن تتناولي أحد المحسنات للمزاج، وإن لم تكوني تعانين من اكتئاب حقيقي، لكنها سوف تساعدك هذه الأدوية، وفي الحقيقة هو دواء واحد، وأنا أفضل في مثل هذه الحالات العقار الذي يعرف تجاريا باسم (فافرين) ويعرف علميا باسم (فلوفكسمين) هو دواء بسيط ومفيد وغير إدماني وغير تعودي.
إن شئت أن تتناولي هذا الدواء فابدئي بجرعة خمسين مليجراما، تناوليها ليلا بعد الأكل، وبعد شهر اجعليها مائة مليجرام ليلا، واستمري على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، وهذه هي الجرعة العلاجية، والجرعة القصوى من هذا الدواء هي ثلاثمائة مليجرام في اليوم، لكنك لست في حاجة لمثل هذه الجرعة.
بعد انقضاء الثلاثة أشهر وأنت على جرعة مائة مليجرام، خفضيها بعد ذلك إلى خمسين مليجراما ليلا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.