متردد في التقدم لخطبة فتاة صالحة بسبب أنها موظفة. أرشدوني

0 409

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكر لكم على ما تقدمونه من استشارات وافية يظهر فيها جهودكم.

أنا بحثت عن فتاة تعفني عن الحرام، وتعينني على الحياة، وعلى تحقيق أهدافي، وتخرج للأمة أجيالا صالحة، ووجدت فتاة أعجبتني خلقا ودينا وتربية وأهلا، ولكن الشيء الوحيد الذي يجعلني مترددا جدا والشيء الوحيد الذي يتردد فيه من أستشيره بشأنها هو أنها موظفة، ولكي أقرب الصورة حتى تكون الاستشارة أقرب للصواب: هي تعمل معيدة وتخصصها لغة عربية، وأنا أيضا معيد وتخصصي دراسات إسلامية يعني قريبون في التخصص والمشكلة:

1ـ هل عملها ودراستها سيؤثر على حياتي الزوجية وسعادتي؟ بعضهم يقول إنها لن تقوم بكافة حقوقك، ولن تكون سكنا وراحة، ولن تكون باستقبالك عند رجوعك من الدوام، ولن تكون مثل ربة البيت ، وستكون منانة ولا ترى لك عليها فضلا.

2ـ هل عمل المرأة وعدمه شيء أساسي عند اختيار الزوجة أم أنه شيء ثانوي؟

3ـ كيف ستكون تربية الأولاد إذا كنت أنا أعمل وهي تعمل؟ وهذا شيء يقلقني فأنا أريد أولادا صالحين.

4ـ هل من الممكن أن تكون عونا لي على تحقيق أهدافي ودراستي وأكون سعيدا؟

وفي الختام: أريد أن تشيروا علي بصفة عامة هل أقدم على خطبتها أم الأفضل أن أبحث عن ربة بيت؟ علما أنها تعمل في عمل لا يوجد فيه محاذير شرعية، ولست أنا أيضا بحاجة إلى راتبها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يوسع رزقك، وأن يمن عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة تكون عونا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم الفاضل – أقول لك أخي الكريم الفاضل:

إن هذه المسائل كلها واردة، وتصوراتك وتوقعاتك أيضا في محلها، إلا أن القضية تتوقف على المرأة نفسها، فقد تكون المرأة لا تعمل، وقد تكون ربة بيت إلا أنها تعتبر حجر عثرة في حياة زوجها فلا تقوم بواجبها كزوجة، ولا تقوم بواجبها كأم، وتكون في غاية الإهمال، وفي غاية التضييع لحقوق الكبار والصغار، ولحقوق الزوج والأبناء، وبالعكس قد تكون امرأة موظفة إلا أنها تقوم بواجباتها على أكمل وجه، وتتحمل كل ما يمكن تحمله في سبيل إسعاد أسرتها، وتجتهد أن لا تخلط الأوراق، فلا تجعل حياتها الوظيفية تؤثر على حياتها الزوجية مطلقا، وإنما تعلم أن للزوج حق، وأن له واجب، وأن لأبنائها عليها حقوق، وأن لضيفانها ولأقاربها وأهلها أيضا حقوق، فهي امرأة ربيت على تحقيق المعادلة الصعبة والموافقة بين عملها خارج المنزل وداخل المنزل، خاصة وأن عملها بفضل الله تعالى ليس فيه محاذير شرعية وغير ذلك كما ذكرت.

فأنا أقول أخي الكريم الفاضل: هذه مسائل ليس العمل هو السبيل الوحيد حقيقة لهذه الهواجس والمخاوف التي تعمل في نفسك كأي شاب مقبل على حياة زوجية جديدة، وإنما العبرة بالتربية، والعبرة بالقيم، والعبرة بالمبادئ التي تمت تربيتها عليها، فأنا أعرف كثيرا من إخوان متزوجين بأخوات موظفات أساتذة في الجامعات، وقد يكن طبيبات ماهرات ومشهورات، إلا أن هؤلاء النسوة لديهن القدرة على الفصل ما بين الحياة الزوجية وواجبات الزوج وما بين طبيعة العمل وضرورات العمل، ولذلك لا يشعر الأخ بفضل الله تعالى بأي نقص أو قصور من قبلها، بل لعلها تكون أفضل من التي لا تعمل.

فإذن أقول بارك الله فيك: عليك أولا أن تعرض هذه الأفكار كلها من الآن، أن تبسطها على مائدة البحث والتشاور من الآن، وأن تتعرف على رؤية الأخت تجاه هذه المسائل التي تجول بخاطرك، لأنه إذا عرف السبب بطل العجب، والشورى دائما منصورة، وهذه القضايا الآن بدلا من أن تكون في نفسك اعرضها عليها، قل لها (هذه رؤيتي لزوجتي التي أريدها، فما رأيك في هذا الكلام الذي أطرحه؟ أنا لا أريد كذا ولا أريد كذا، ولا أريد كذا وأريد كذا، وأريد كذا وأريد كذا) اعرض عليها كل ما يجول بخاطرك بكل أمانة ووضوح، واترك لها أن تتكلم أيضا عن رؤيتها، لعلها بما أنها ربيت في بيت فيه خلق ودين، وأن أهلها أكارم وأفاضل، لعلها تظل تحتفظ بدورها الأساسي، وهي أنها زوجة وتتمنى أن تكون أما، بل وتعتبر أن نجاحها في حياتها الزوجية أفضل من نجاحها في حياتها الوظيفية، بل أيضا من الممكن أن تكون لديها الاستعداد إذا حدث هناك تعارض ما بين الحياة الوظيفية والحياة الأسرية أن تضحي بالحياة الوظيفية من أجل حياتها الأسرية.

هذا وارد جدا، وكم من أخوات فضليات اتخذن هذا القرار بأنفسهن دون تدخل من الزوج أو من الأقارب أو من الجيران أو من زملاء العمل، وإنما شعرت بأنها مقصرة في الحق الذي هو فرض عين عليها، وهو حق زوجها وأولادها، وأن العمل بدأ يطغى على حياتها الزوجية، وأنه بدأ يعكر صفو العلاقة بينها وبين زوجها وأولادها، فتقدمت بإجازة في أول الأمر، وقالت لعلي أدرس المسألة لاحتمال أن يكون هناك فرصة للتحسن في المستقبل، ولما لم يحدث هناك شيء إيجابي طلبت تحويلها، فلما لم توفق في ذلك قدمت الاستقالة، وذهبت إلى بيتها وقالت: هذا هو القرار الحقيقي، وهذا هو المقر الذي جعله الله تبارك وتعالى مكانا للمرأة المؤمنة، حيث قال: {وقرن في بيوتكن}.

فإن أقول أخي الكريم الفاضل (أبو محمد): أتمنى بارك الله فيك أن تعرض هذه الأفكار عليها من الآن، وأن تأخذ رأيها، وأن تتوسط معها في الأمر، وأن لا تكون متشددا، لأن التشدد في الغالب لا يأتي بخير، وما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزل من شيء إلا شانه، وإنما قل ما لديك بكل أمانة وصدق ووضوح، ودعها تقول ما لديها أيضا، فإن وجدتها تتوافق مع آرائك ووجدت لديها المرونة التي تجعلها تميل إلى ما تريد أنت وتضحي بكل شيء من أجل إرضائك ومن أجل أولادها، فاستعن بالله، ولعلها أن تكون خيرا، لأنه مما لا شك فيه أن المستوى الثقافي المتقارب بينكما يؤدي إلى مزيد من التفاهم والحوار، وأحيانا قد يكون نقمة، خاصة إذا كان في بعض الطرفين خسة أو دناءة ويرى أن التعليم سيرفع من مقامه ويعلي من شأنه فيظل يتعالى ويتباهى على الطرف الآخر بما أتاه الله من نعمة وفضل.

أما إذا كانت الأخت ربيت في بيئة طبيعية صالحة، فأنا أرى أن هذا لن يؤثر في أخلاقها، ولكن أهم شيء الحوار.

أسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات