السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زوجتي تجاوزت الأربعين، تغضب لأبسط الأشياء وليست لها القدرة على التحكم في نفسها، تحاول دائما السيطرة على نفسها، لكنها لا تقدر، فهل من دواء بارك الله فيكم؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زوجتي تجاوزت الأربعين، تغضب لأبسط الأشياء وليست لها القدرة على التحكم في نفسها، تحاول دائما السيطرة على نفسها، لكنها لا تقدر، فهل من دواء بارك الله فيكم؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو جابر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن الغضب عند النساء بعد عمر الخامسة والثلاثين، ربما يكون دليلا على وجود اكتئاب نفسي، ويعرف أن نسبة الاكتئاب النفسي أعلى كثيرا عند النساء، خاصة بين عمر (35) و (55) والغضب هو طاقة نفسية سيئة منحرفة، خاصة إذا سيطر على الإنسان وأصبح هو وسيلة تخاطبه مع الآخرين، لكن الغضب العادي للمواقف التي تتطلب الغضب يعتبر أمرا صحيا وإيجابيا جدا، لأن الغضب عاطفة إنسانية.
أنا لا أعرف إذا كان لدى زوجتك ظواهر اكتئابية أخرى، مثل اضطراب النوم أو عسر المزاج، أعراض مثل هذه غالبا تكون موجودة، فإن وجدت هذا يؤكد التشخيص، وإن لم توجد أيضا لا نستطيع أن ننفي موضوع الاكتئاب النفسي، حتى وإن كان من درجة بسيطة.
عموما هذه الحالات يمكن علاجها تماما،: أنصح زوجتك بأن تكون معبرة عن ذاتها، وأعطها الفرصة دائما لتفرغ ما بداخلها، ودع العلاقة بينكما تكون قائمة على الحوار، الحوار الذي يقوم على الاحترام، هذا مهم جدا، لأن النفس البشرية تحتقن، وهذه الاحتقانات يعبر عنها كثيرا في شكل غضب وفورات وثورات نفسية حمقاء، لكن من يعبرون عن أنفسهم ومن يفرغون عن ذواتهم من خلال هذا التنفيس تجد أن التعبير عن الغضب لديهم، حتى وإن وجد يكون بصورة جيدة، ومعقولة وإيجابية جدا، إذن نحن نتكلم عن كيفية إدارة الغضب، وليس عن كيفية منع الغضب.
اجعل الفاضلة زوجتك، تأخذ بما أتى في السنة المطهرة، الغضب دائما يبدأ باستشعارات وتغيرات فسيولوجية في جسم الإنسان، يحدث إفرازا لمادة تعرف باسم (أدرنالين) وهذه تؤدي إلى انشداد عضلي، وإلى رفع درجة اليقظة، وربما تسارع بسيط في ضربات القلب، وربما رعشة بسيطة.
هذه العلامات الأولى هي المنذر الحقيقي للإنسان، وحين يستوعبها يستطيع أن يواجه غضبه، وذلك من خلال تطبيق ما ورد في السنة المطهرة – في البدايات – على الإنسان أن يستغفر، عليه أن يغير مكانه، وعليه أن يغير وضعه، ثم يتفل ثلاثا على شقه الأيسر، ويا حبذا لو طفئت نار الغضب من خلال الوضوء، ثم يصلي الإنسان ركعتين.
من جربوا هذا العلاج النبوي لم يحتاجوا لأن يمارسوه مرات كثيرة، مرة أو مرتين وجدوا أن ذلك كافيا وشافيا - بإذن الله تعالى - لأن تطبيق هذا العلاج النبوي السلوكي سوف يشفر في كيان الإنسان ووجدانه الداخلي، ومن ثم حين تأتي مقدمات الغضب تنطلق هذه الآليات السلوكية النبوية وتجهض القلق - إن شاء الله تعالى -.
لتكن زوجتك الفاضلة حريصة على ذلك، ولتعلم أن الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم بتكرار يذهب الغضب، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم") أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
يمكن أن تجلس مع زوجتك جلسة طيبة، تتدارس معها ما ورد في السنة، وهنالك الكثير من المراجع التي توضح كيفية إدارة الغضب من المنظور الإسلامي الكريم.
سيكون من الجيد لزوجتك أيضا أن تتريض، أي نوع من الرياضة، رياضة المشي مفيدة جدا، تجعل طاقات الغضب والقلق والتوترات تنحسر، ويتم امتصاصها وتستبدل بطاقات إيجابية، والمشي في مثل هذا العمر مفيد للإنسان، لأنه يمنع هشاشة العظام، ويجعل المرأة في صحة جيدة وطيبة -إن شاء الله- من الناحية الجسدية والنفسية.
أشعر الفاضلة زوجتك بأهميتها، وأنها شخص صاحب حكمة ومعرفة، فيجب أن لا تخرب على نفسها وعليكم بهذا الغضب، هذا مهم جدا.
أخيرا: العلاج الدوائي موجود، - وإن شاء الله تعالى - سأصف لها أحد الأدوية التي نعتبرها فاعلة وممتازة، الدواء يعرف تجاريا باسم (زولفت) أو يعرف تجاريا باسم (لسترال)، ويعرف علميا باسم (سيرترالين)، وربما يكون له مسمى تجاريا آخر في الجزائر، دع الفاضلة زوجتك تتناوله بجرعة حبة واحدة ليلا، وقوة الحبة هي خمسون مليجراما، تتناولها يوميا بانتظام لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تجعلها يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول السيرترالين.
هذا الدواء هو العلاج الأساسي، ولا مانع أن يدعم بعلاج بسيط آخر مضاد للقلق والتوترات، الدواء يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول) ويسمى علميا باسم (فلوبنتكسول)، وجرعته هي حبة واحدة في الصباح لمدة ثلاثة أشهر، ثم يتم التوقف عن الدواء، وقوة حبة الفلوناكسول هي نصف مليجرام، وهو دواء فعال وليس له آثار جانبية أبدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وذكر زوجتك بأن لا تغضب، وهذه وصية النبي صلى الله عليه وسلم (لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب) وذكرها أيضا أنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)، ونشكرك على اهتمامك بأمر زوجتك.
ولمزيد الفائدة يراجع علاج الغضب والعصبية سلوكيا (276143 - 268830 - 226699 - 268701).
وبالله التوفيق.