أسئلة فلسفية عن الخالق جل وعلا

0 547

السؤال

السلام عليكم
لماذا لا ينبغي للخالق إلا أن يكون عالما بالكون وخفاياه؟ ولماذا لا يمكن أن يكون علمه محيطا بجزء محدود من الكون فقط؟

هل يمكن للخالق أن يكذب على مخلوقاته مستغلا ضعف المخلوقات بحيث أنه لا يمكنها اكتشاف أي كذبة لا في الدنيا والآخرة بحكم محدودية قدراتها؟ ولماذا لا يمكن للخالق ذلك؟ وهل يمكن أن يكون للخالق صفة ناقصة عن الصفات الموجودة في مخلوقاته، كصفة التنقل مثلا؟

ساعدوني في دحض هذه الأفكار بالحجة الدامغة حتى ألغي النظرية التي أرسلتها في سؤال سابق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ moslim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أيها الأخ الكريم- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يرزقك الإيمان الصادق، وأن يثبتك عليه حتى تلقاه.

هذه الأسئلة أيها الأخ الكريم تفاهتها وبطلانها يغني عن الجواب عليها، ولكننا ننزل عند رغبتك فقط، ونضع بين يديك بعض الأجوبة التي يتبين بها تفاهة هذه الأسئلة.

السؤال الأول والذي بني على أن الله عز وجل هو الخالق للكون، ثم افترض بعد ذلك أن يكون بعد خلقه لهذا الكون يجهل – تعالى الله عن ذلك – بعض المخلوقات في هذا الكون، وهذا كلام في غاية التعارض والسقوط، فكيف يتصور أن يوجد هذا الخالق الشيء من عدم ويوجده على غاية من الإتقان والإحكام بما لا يقدر عليه أحد سواه، ثم يفترض بعد ذلك أن يكون جاهلا به، فكيف للجاهل أن يوجد هذا المصنوع في هذه الصفة من الكمال والإحكام والإتقان، فهل يقول بهذا عاقل؟

لهذا رد الله عز وجل عن مثل هذا الإشكال بقوله: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} فما دام هو الخالق سبحانه وتعالى فهو العالم أيضا والعليم الخبير بهذا المخلوق الذي خلقه، فكيف يتصور أنه خلقه وأوجده وأحسن إتقانه وأحكمه ثم يقال بعد ذلك هو جاهل به؟!

أما إنكار أنه سبحانه وتعالى خلق هذا الكون فهذا كلام في غاية السقوط، فإن هذا الكون لابد له من موجد وخالق، فإن العدم لا يخلق شيئا، فلابد لكل فعل من فاعل، ولابد من كل صنعة صانع، ولا يمكن أن يكون هذا الكون أوجد نفسه بنفسه، وإذا كان كذلك تعين أن يكون لهذا المخلوق خالقا ولهذا الموجود موجدا ولهذا المصنوع صانعا، وذلك هو الله عز وجل الذي تتفق الفطر السليمة على الإيمان بوجوده سبحانه وتعالى، وأنه وراء هذه المخلوقات وخالقها وموجدها من العدم.

أما السؤال الثاني وهو: هل يمكن للخالق أن يكذب؟ .. تعالى الله عز وجل عن هذا الكلام القبيح، فإنه سبحانه وتعالى خالق الجمال، فكل كمال وجمال في هذا الوجود فهو من مخلوقاته، وهو سبحانه وتعالى ذو القدرة التامة لا يعجزه شيء، وهو سبحانه وتعالى صاحب الملك المطلق لا ينازعه في الملك أحد، ولا يغالبه فيه أحد، فما الذي يدعوه إلى الكذب، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، فكلامه سبحانه وتعالى صدق، وأحكامه عدل، كما أخبر بذلك في كتابه الكريم بقوله: {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكماته}.

أما عن السؤال الثالث وهو هل يمكن أن يكون للخالق صفة نقص؟

الجواب: هذا مستحيل في حق الله، فإن الله سبحانه وتعالى متصف بكل كمال، فله سبحانه وتعالى الأسماء الحسنى وله سبحانه وتعالى المثل الأعلى، كما أخبرنا بذلك في كتابه الكريم، فكيف يتصور عاقل أن يكون موجد الكمال ناقصا، وهل وهب الكمال إلا لكماله، وهل أوجد الجمال إلا لجماله، فكل كمال إنما هو هبة منه سبحانه وتعالى، وكل جمال هو من خلقه سبحانه وتعالى، وهذا يدلنا على اتصافه بالكمال والجمال، ففاقد الشيء لا يعطيه.

هذه بعض الأجوبة التي يمكن أن تطرد عنك أيها الأخ الكريم بعض هذه الشبهات، ونصيحتنا لك التي بها حل لمشكلتك هي أن تعرض عن الخوض في هذه الشبهات ولا تتعرض لها ما دمت لا تملك علما يجعلك ناقدا بصيرا قادرا على الإجابة عنها، فإن الشبهة إذا وردت على القلب فوجدته فارغا تمكنت فيه وقد لا يستطيع بعد ذلك دفعها فتفسد عليه دينه، فالسلامة لا يعدلها شيء، ونصيحتنا لك بأن تتعلم عقيدة أهل السنة والجماعة، وتسمع وتقرأ ما ألف وما كتب، وهي على المواقع متوفرة وكثيرة كموقع العلامة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى، وعلى موقعنا وغيره من المواقع النافعة، فوصيتنا لك أن تتعلم ما ينفعك، وتعرض عن الخوض في هذه الشبه التي قد تودي بك إلى الهلاك من حيث لا تشعر.

نسأل الله تعالى لنا ولك العافية والسلامة، وأن يرزقنا وإياك العلم النافع والعمل الصالح.

مواد ذات صلة

الاستشارات