أحببت صديقا وأريده لي فقط وأغار إن رأيته مع آخر... فما توجيهكم؟

0 765

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أعتبر أن هذا بيتي الأول، وليس الثاني لأنني أفضفض ما في داخلي، ولا أخشى شيئا، وأنا أعتبركم والله مثل أبي وأشكو لكم همي.

مشكلتي أنني أغار من أشياء تافهة، وقد استشرتكم استشارة قبل هذه، وارتاحت نفسيتي -والحمد لله رب العالمين- دعوت ربي فشفاني منها.

لكني تعلقت بشخص - ذكر - وأحببته حبا في الله، وكنت أحسن أصدقائه لما هو شخص طيب ومحبوب، فذهبت إليه وصارحته، وقلت له إن الله يظل المتحابين في الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله - سبحانه - فقال إنني كنت أشك أنك تحبني، ولكن بما أن قلبك صاف فأنا أعتذر لك، وقبل أن نصبح أحبة في الله، ولكنني أصبحت أراه ملكا لي فقط، لا أريده أن يمشي مع فلان وفلان.

هذه هي مشكلتي منذ 5 سنوات، أريد أن أمتلك صديقي لي فقط، ولكن عندما أقيسها على نفسي وأقول إذا أراد أن يمنعني أن أمشي أنا مع فلان أو فلان فإنني لن أرد عليه، ولكني أغار عندما أرى أشخاصا يتحدثون إليه! وخاصة ابن جيراننا.

لا أدري كيف تعينوني بعد الله على هذه المشكلة؟! علما أنني في سنة ثانوية عامة، وليس لدي وقت للتفكير بالأشياء التافهة، ولكن الشيطان الرجيم لكي يمنعني عن الدراسة يقول لي هل رأيتهم وهم يتحدثون عن ماذا؟ ولماذا سكتوا عندما أتيت؟ إنهم يتحدثون عنك؟!

هل هذا الدعاء يحبب خلق الله بنا؟ (يا غياثي عند كربي ويا ولي نعمتي، ويا خالق السماوات والأرض ومن فيهن، ارزقي مودة فلان).

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يحيى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب – مرة أخرى – فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، وكم أنا سعيد بهذا التقدم الهائل الذي أكرمك الله تبارك وتعالى به، وكما أني سعيد أكثر أيضا بشعورك بأن هذا هو بيتك الأول، ونحن فعلا في خدمتك بكل ما أوتينا من قوة أنا وإخواني فريق العمل المتميز الذي يشرف على هذه الاستشارات منذ أن ترد إلى الموقع حتى تصل إليك، فأهلا وسهلا ومرحبا بك مرة أخرى ولدي، ونحن كلنا شوق إلى لقائك، واستقبال أي استفسار أو سؤال يرد من قبلك، وبشرط أن تعاهدنا أن تكون طالب علم متميز، وأن تحقق مركزا متقدما في الثانوية العامة هذا العام بإذن الله تعالى؛ لأن هذا هو أملنا فيك أن تكون صاحب مجموع كبير ومركز مرموق، حتى تستطيع أن تدخل إلى كليات القمة، وبالتالي تستطيع أن تخدم دينك ببراعة واقتدار، وتكون نعم العبد المؤمن القوي الذي يحبه الله تعالى، وينفع دينه وينفع أمته.

بخصوص ما ورد برسالتك أنك تعلقت بشخص من أصدقائك وأحببته حبا كبيرا، وكنت تحس بأنه أحسن وأفضل أصدقائك لما رأيته فيه من صفات حسنة وجميلة، فأخبرته بذلك، ولكنه قال لك: ما دمت بدأت تحبني وبما أن قلبك صاف فأنا أعتذر لك، قبل أن نصبح أحبة في الله تعالى، وذلك كأنه رأى أنه لا يصلح لهذه الأخوة وليس أهلا لها، فأراد أن يكون صادقا معك، وأنا أحيي فيه هذا الموقف النبيل الرائع.

لكن تقول بأنك أصبحت تحبه حبا شديدا وتراه ملكا لك فقط، ولا تريد أن يمشي مع غيرك، وأصبحت هذه مشكلتك منذ خمس سنوات، تريد أن تمتلكه لك وحدك، ولكنك بعقلك الراجح تقول بأنه إذا كان في موقعك وأراد أن يمنعك فإنك لم ترد عليه، ورغم ذلك فإن الغيرة ما زالت تعمل فيك عملها رغم أنه من المفروض أنك تتفرغ لدراستك باعتبار أنك في سنة مهمة، إلا أن الشيطان – لعنه الله تعالى – يحرك لديك هذه المشاعر حتى يفسد عليك الوقت الذي من الممكن أن تستثمره في دراستك والتركيز على معلوماتك، وتقول: هل هذا الدعاء يحبب خلق الله بنا (يا غياثي عند كربي، ويا ولي نعمتي، ويا خالق السموات والأرض ومن فيهن ارزقني مودة فلان)؟

أقول لك ولدي الكريم الفاضل: إنه مما لا شك فيه أن مسألة الرغبة في التملك من جهتك لهذا الأخ هي نوع من أنواع التربية الخاطئة، ومع الأسف الشديد هذه خصلة بدأت معك منذ نعومة أظفارك، وهي مسألة حب التملك، هذه مسألة تأتي نتيجة خطأ تربوي من قبل القائمين على أمر التربية في الأسرة، أو في المدرسة أو في المجتمع المحيط بك مما يجعلك تشعر فعلا بنوع من الأنانية والأثرة، وترى أنك لست على استعداد أن تضحي من أجل الطرف الآخر بأي صورة من صور التضحية، وإنما تريد الخير كله لنفسك، حتى وإن كان ذلك على حساب الطرف الآخر.

هذه – ولدي الكريم يحيى – كما ذكرت لك خصلة تربوية خاطئة، وهي ذميمة وغير حميدة، لأنك بنفسك أنكرتها، قلت لو منعك أن تمشي مع فلان فلن ترد عليه.

أنا أتمنى أن يكون هذا الموقف النظري هو الموقف العلمي، وقطعا نفسك لن تدعك في حالك، وإنما ستظل تلح عليك، لأنها ستعتبر هذه قضية كبرى، ومن خلالها يستطيع الشيطان أن يشغلك عن دراستك وعن مذاكرتك.

هذا دور الشيطان حقيقة سوف يلعبه، ونفسك الأمارة بالسوء سوف تعينه، ولذلك أنا أوصيك – ابني الكريم الفاضل (يحيى) – أن تكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، والإكثار من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بنية أن يصرف الله عنك كيد نفسك والشيطان، والاستعاذة بالله من شر نفسك، وبهذا النص الذي ثبت على النبي عليه الصلاة والسلام: (اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي)، فعليك بذلك أيضا، وكذلك دعاء: (اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها) اجتهد في ذلك، وكلما بدأت هذه الفكرة تمر بخاطرك حاول أن تطاردها كما ذكرت معك في الاستشارة السابقة، ولا تجعل هذه الفكرة تسيطر على عواطفك أو مشاعرك أو تتسلل إلى قلبك أبدا، وإنما عند أول ما تشعر بنزعة الغيرة هذه والشك والميل إلى هذا الأخ حاول أن تصرف هذا بأي شيء، ولو أن تشتت الفكرة بالنظر من النافذة، أو أن تنظر في التلفاز أو في النت أو تقرأ في كتاب أو غيره، لا تستسلم لهذه الفكرة، وإن شاء الله تعالى سوف تعافى من الارتباط به والتعلق به، وسيصبح شخصا عاديا كأي شخص آخر من أصدقائك العاديين الذين تتعامل معهم، لأن الحب - يا ولدي – نوع من أنواع العبودية، وهو يستعبدك وأنت لا تدري، والعبودية ينبغي أن لا تكون إلا لله تبارك وتعالى وحده، وقطعا هذه المحبة جاءت على حساب محبتك لله، ونسيت يا ولدي أن الله قال: (والذين آمنوا أشد حبا لله).

حاول أن تطارد هذه الأفكار، وأتمنى أن تضع لنفسك برنامج مذاكرة قوي جدا وجيدا، وأن تجعل المذاكرة عادة لا تجعلها حسب الظروف أبدا، وإنما اجعلها عادة يومية كعادة الأكل والشرب، وكذلك المحافظة على الصلاة، اجعل أوقات المذاكرة محددة أمامك بتحديد، وإن طلبك أي أحد كائنا من كان في وقت المذاكرة فاعتذر له بكل شجاعة وقوة، فإذا ما انتهت وقت المذاكرة فمن الممكن أن تتواصل معه أو مع غيره.

إذن لا بد أن من تحديد أوقات معينة للمذاكرة، والتوجه إلى الله بالدعاء أن يفتح الله عليك وأن يوفقك الله، وتوجه إلى الله تعالى بالدعاء أن يعافيك الله تعالى من الارتباط بأي شيء سواه، ولذلك أنا أقول لك: لا داعي لهذا الدعاء (اللهم ارزقني حب فلان) لأنك لا تدري هل هي في صالحك أم ضد مصلحتك، والذي يعلم السر وأخفى إنما هو الله، وأوصيك بوصية النبي صلى الله عليه وسلم: (أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

وفقك الله وأيدك الله وسددك الله وأكرمك الله ورفع ذكرك الله وشرح صدرك الله.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات