السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا موظف متزوج منذ عامين، وأعيش في بيت العائلة في شقة منفصلة، ووالدي لا يعمل، وأنا وأخي الأكبر نخصص جزءا من راتبنا لوالدي، وإخوتي الأصغر ووالداي -الحمد لله- راضيان عنا تماما، وأحيانا يطلبان منا تقليص مصروفهما بسبب ما علينا من ديون بسبب الزواج، ولكننا نرفض بل وندفع للبيت أكثر، لأن البيت يحتاج لمصاريف كثيرة، وكل منا يتسوق بمفرده، بمعنى أننا مستقلون عن بعضنا.
المشكلة التي تواجهني أنني أحيانا أشتري لبيتي فاكهة، أو شوكولاتة، وأنا آكلها أشعر بتأنيب ضمير أن والدي اللذين قاما على تعليمي وتربيتي رغم فقرهما لا يوجد لديهما هذه الفاكهة، وفي نفس الوقت لا أستطيع كلما تسوقت أن أحضر لهما ما أحضر لبيتي! فأنا وزوجتي فقط في البيت، وهما مع إخواني وأخواتي، فهل علي إثم؟
علما أنني وزوجتي حتى الآن لم نرزق بأطفال، وأنا أؤجل العلاج حتى أنتهي من سداد ديوني، وزوجتي ترغب بإجراء عملية أطفال الأنابيب، وهي في فلسطين/ مدينة غزة مكلفة (تكلفتها تقارب الثلاثة آلاف دولار)، وأنا لدي وجهة نظر مختلفة أنه بإمكاننا استغلال هذا المبلغ في أوجه خير كثيرة، كمساعدة شاب محتاج على الزواج، أو كفالة طالب جامعي فقير، وليس شرطا أن يكون لدينا أولاد، فالله رزق البعض بالبنين والبنات وجعل البعض عقيما، وكلها لحكمة، فبماذا تنصحونني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ osama حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يمن عليك بذرية طيبة مباركة، وأن يوسع رزقك، وأن يعينك على بر والديك وإكرامهما والإحسان إليهما وإلى بقية أفراد أسرتك.
بخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم الفاضل – أقول لك أخي الكريم الفاضل: أسأل الله أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يوسع رزقك حتى تكرم والديك أكثر وأكثر، وأن يمن عليك بالذرية الصالحة.
أولا: بخصوص إكرامك لوالديك، اعلم أن هذا سيكون من أهم أسباب سعة رزقك، لأن رضا الله من رضا الوالدين، وسخط الله من سخطهما، وأعتقد أن دعوة واحدة من أحد والديك سوف يفتح الله تبارك وتعالى بها لك الحدود والسدود وقلوب العباد، فاطلب من والديك الدعاء لك بانتظام وباستمرار، لأن دعاء الوالدين لا يرد كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام.
أما قضية شعورك بالألم عندما تخص نفسك وزوجتك ببعض الأشياء، فأنا أرى أن تجتهد بين الحين والآخر إن استطعت أن توفر مثل هذه الأشياء للوالدين مع إخوانك الصغار الذين يعيشون معهم، فافعل ذلك على قدر استطاعتك ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
اجتهد بارك الله فيك على قدر ما تستطيع، لأنك الآن قد تكون لك رغبة فعلا لأكل شيء معين، ولكن لا يتيسر لك أن يكون ذلك بكمية كبيرة حتى تستطيع أن تطعم الكل، وفي نفس الوقت زوجتك لها عليك حق وهي أن تكرمها وأن تحسن إليها وأن تشعرها بأنك تقوم على كفايتها ورعايتها.
اجعل مسألة الفواكه والشكولاتا والحلويات من باب {فاتقوا الله ما استطعتم} على قدر ما تستطيع، إذا كان هناك نوع من البحبوحة والسعة، فأتمنى بين الحين والآخر أن لا تنسى والديك وإخوانك.
أما عن قضية عملية أطفال الأنابيب وأنك لم ترزق بأطفال؟
فأقول لك أخي الكريم: إن مسألة السنتين ليست كبيرة أو طويلة، فقد تحمل المرأة بعد ثلاث سنوات، بعد أربع سنوات بدون إجراء عمليات أو غير ذلك، إلا إذا كنتم قد قمتم بإجراء فحوصات وتبين لكم أنه يتعذر الإنجاب الطبيعي، فمن الممكن أن يكون هناك تفكير فعلا في عملية التي من خلالها يمكن أن يرزق الناس بأطفال كطفل أنابيب أو الحقن المهبلي أو غيره.
لكن أقول بارك الله فيك: أيضا هناك باب آخر، وهو باب إكرام الوالدين ودعاء الوالدين لك بالذرية الصالحة، لأني كما ذكرت لك آنفا أن هذا من أعظم أنواع تغيير الواقع، والدعاء أخي الكريم (أسامة) ليس أمرا سهلا، وإنما صدقني الدعاء أعظم من أي عملية من العمليات الجراحية التي تتم، بل وأعظم من قدرات العالم كله، لأنك تسأل مالك الملك أن يغير قضاء قضاه أو قدرا قدره، والله تبارك وتعالى جل جلاله هو وحده الذي يقدر أن يغير هذه الأمور، والدعاء من أهم أسباب رد القضاء كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: (لا يرد القضاء إلا الدعاء).
أرى بارك الله فيك فعلا أن تركز الآن على سداد الديون، وبعد نهاية سداد الديون من الممكن أن تفكر في محاولة إقناع زوجتك بالعدول عن هذه الرغبة، وإن كنت أرى أن هذه رغبة طبيعية، وأنه كونك تنفق على نفسك لترزق بذرية صالحة هو أفضل من الإنفاق على أي جهة أخرى، لأن الذي قال ذلك إنما هو النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أنه أخبر أن خير صدقة تنفقها ما تنفقه على أهلك، وجعلها النبي عليه الصلاة والسلام على رأس الأعمال التي تدر دخلا عظيما من الحسنات على صاحبها.
أرى بارك الله فيك: إذا كنت سوف تقوم بإجراء العملية بعد أن تنتظر حتى تنتهي من ديونك، فأرى أن ذلك أفضل من أي مشروع من المشاريع التي عرضتها، خاصة بأن وجود الولد امتداد لعملك، وهو ديمومة لذكرك في الحياة، وهو من أجل النعم، ومن أعظم الهبات التي أكرم الله تبارك وتعالى بها الإنسان.
لذلك أنا مع زوجتك في مسألة أنك فعلا تبحث عن علاج أنت وهي قطعا أو أحدكما، أي الذي لديه الظرف الخاص، وأرى أن ذلك فعلا يؤجل إلى ما بعد انتهاء الدين حتى تكون النفسية نفسية طيبة، لأنه أحيانا فعلا تتأثر الحالة النفسية بالحالة المادية أو بالحالة الاجتماعية أو بالظروف المحيطة، فإذا ما انتهيت من هذا الدين الذي يثقل كاهلك ستكون لديك القدرة على إكرام والديك أكثر مما أنت عليه الآن، وتكون لديك القدرة بالتالي أيضا على توفير نفقات العلاج إن شاء الله تعالى.
لكن كما ذكرت لك: فوق ذلك أنا أتمنى فعلا أن توظف دعاء والديك لقضاء حاجتك، لأن دعاء الوالدين من أعظم عوامل التغيير كما ذكرت لك أخي الفاضل (أسامة) وأعتقد أن دعوة والدتك ودعوة والدك خاصة عندما تقدم لهما بعض الهدايا التي أشرنا إليها في بعض الأوقات، أو حتى بدون تقديم هدايا، ولكن التركيز على هذه القضية سوف يمن الله عز وجل عليك ببركة هذا الدعاء في قضاء حاجتك، وفي أن تكون صاحب ذرية طيبة مباركة.
عليك أنت أيضا بالدعاء، وعليك بدعوة نبي الله زكريا عليه السلام حين قال: {رب هب لي من لدنك ذرية طيبة} وقال: {رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين}، ودعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام: {رب هب لي من الصالحين).
أسأل الله أن يرزقك من فضله، وأن يوسع رزقك، وأن ييسر أمرك، وأن يعينك على بر والديك وإكرامهما والإحسان إليهما، وأن يرزقك الذرية الصالحة الطيبة المباركة، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.