السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا امرأة لدي (8) أبناء، (4) إناث، و(4) ذكور، طبعا الإناث هم الكبار، والذكور هم الصغار، المهم مشكلتي: أن ابنتي - وهي الثانية بين أخواتها - تعرفت على مجموعة سيئة في المدرسة، وعن طريق زميلاتها تطورت العلاقة إلى مكالمات مع شباب، إلى أن اكتشفت أنها وقعت في حب أحد الأشخاص، والذي تقوم بمكالماته عن طريق المسن وعن طريق الجوال - طبعا خفية عني - وبعد أن قمت بكشفها حاصرتها، وقمت بمراقبتها ومنعها عن كل وسائل الاتصالات، وحاولت أن أقنعها بأن الذي تفعله محرم وغير صحيح.
المشكلة أنها تعرف ذلك، ومتجاوبة معي، ولكن أعود وأكتشف أنها ترجع وتكلمه، فإذا واجهتها بذلك تنكر، حتى أثبت عليها أدلة، وهي غامضة معي إلى أبعد حد، وتثق في صاحباتها ثقة عمياء.
هنا السؤال: كيف أحل مشكلتي معها، وأنا لم أخبر أباها بذلك؟ وهل تصرفاتي معها صحيحة أم لا؟
أرجو إرشادي إلى الحل الصحيح، وجزيتم عني كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يعينك على مساعدة أبناءك وبناتك على سلوك الطريق المستقيم، كما نسأله جل جلاله أن يجنبنا وإياك وأبناءك وأبناءنا وأبناء المسلمين جميعا الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه جواد كريم.
بارك الله فيك وفي حسن تدبيرك وفي حسن توجيهك، وإن ما قمت به فعلا هو نوع من العلاج الموفق، حيث إن المشكلة الآن ما زالت منحصرة بينك وبينها، ومن الممكن عن طريق الإقناع المستمر والمتابعة الدقيقة أن يتوقف هذا الأمر - بإذن الله تعالى - ولكن أتمنى - بارك الله فيك - مزيدا من التواصل والحديث معها بصفة شبه يومية، حتى وإن كانت غامضة معك، فإنك تستطيعين الآن انتشالها من هذا المنزلق أو المنعطف الخطير الذي قد يؤدي إلى فساد دينها وقيمها وأخلاقها.
لذلك أتمنى مواصلة النصيحة والتوجيه، والحديث في هذا الموضوع كلما أتيحت الفرصة، والتهديد أيضا بأنك ستخبرين أباها، قولي لها: (أنا إلى الآن مازلت مصرة على أن أحل المشكلة معك أنت وحدك بعيدا عن أي تدخل أي أحد حتى وإن كان والدك، لأنك قد لا تتوقعين النتيجة عندما يعلم والدك بأنك تفعلين هذه الأشياء، فقد يمنعك من التعليم تماما، وأنا لا أريد حقيقة أن أحرمك من ذلك، وأريدك أن تواصلي تعليمك بسهولة ويسر، ولا أريد حقيقة أن تحبسي في داخل البيت وتنقطع علاقتك مع الحياة كلها).
حاولي - بارك الله فيك - بالترغيب والترهيب والرفق، مواصلة الحديث معها، وتعاهدي معها على أن تكون صادقة معك، ومن الممكن أن تأخذي عليها عهد الله تعالى، على اعتبار أن هذا الأمر قد يكون أحيانا مخيفا بالنسبة لبعض الأبناء والبنات عندما تمد يدها لتضعها في يدك وتقول: (أعاهدك بأني لن أفعل شيئا مرة أخرى) فهذا الكلام من الممكن أن يكون له دور في صرفها ومنعها.
ثم بعد ذلك أيضا حاولي التعرف على صديقاتها والتواصل معهن، وأيضا نصيحة لهذه المجموعة كلها، فإذا كانت ابنتك لا تقبل النصيحة وتحاول أن تخفي عنك هذه العلاقة، فقد تجدين في صديقاتها من تقبلها ومن تتبناها بل ومن تكون سببا في إنقاذ ابنتك إن استطاعت إلى ذلك سبيلا.
أنا أتمنى مواصلة هذا الأسلوب، ولكن كما ذكرت مع التلويح بإخبار الوالد بهذا الأمر إذا لم تتوقف، ثم التذكير أيضا بالآثار المترتبة على هذه العلاقة، وأنه إذا تقدم لك أحد للزواج للارتباط بك والزواج منك وعلم أن لك علاقة بشخص آخر فهل تتصورين أنه سوف يقبلك زوجة له؟! ثم بيني لها أن هذا نوع من الخيانة، وأن التي تخون في هذا الأمر قد تخون في غيره، وأن مواصلة الحديث مع الشباب بهذه الكيفية سيؤدي إلى رقة الدين وإلى سهولة الوقوع في المعاصي التي لا تحمد عقباها.
ذكريها أيضا بالخوف من الله تبارك وتعالى، وأن الله عندما حرم الخلوة بالنساء وحرم التواصل بين الرجال والنساء إنما فعل ذلك صيانة لعرض المرأة المسلمة، حتى لا تكون ألعوبة في أيد الذئاب من الرجال.
حاولي - بارك الله فيك - بالنصح والتذكير، وعليك أيضا بالدعوة والدعاء، فعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يجنبها الله الفواحش ما ظهر منها وما بطن، واجتهدي بارك الله فيك في قطع كل وسائل الاتصال عن هذا الشاب في المرحلة الأولى، حتى تستطيعي أن تجعلي معظم الأوقات تمر دون أن تتكلم معه، لأن وجود وسائل الاتصال في يد البنت أو قريبا منها يجعل التواصل بينها وبين أي إنسان سهلا ميسورا، أما لو قطعناها ولو بنسبة خمسين أو ستين أو سبعين أو ثمانين بالمائة فإننا سنقلل فترة الخطر، لأن تكرار التواصل سيؤدي إلى مزيد من التعلق وإلى مزيد من الحب وإلى مزيد من الارتباط، وبالتالي يكون من المتعذر عليها التوقف عن ذلك في المستقبل، حتى وإن أعطيتموها أنتم فرصة للتواصل معه.
لذا أقول: لا بد فعلا من قطع وسائل الاتصال في المرحلة الأولى، ومن الممكن إذا كانت تذهب إلى المدرسة أن تمنعيها من الذهاب في أحد الأيام، وقولي لها: (لا تذهبي اليوم إلى المدرسة، أنا من الممكن أن أمنعك من الدراسة نهائيا، ولكن أنا عاهدتك وتكلمت معي ووعدتني بأنك لا تتواصلين معه، إلا أنك ما زلت تخالفين وتنقضين العهد وتخلفين الوعد، ولذلك لا تذهبي اليوم إلى المدرسة) سوف تبكي وتبكي وتحاول أن تفتعل أعذارا، ولكن قولي لها: (لن تذهبي اليوم إلى المدرسة، فلم ولن تذهبي إليها) حتى تشعر بأنه من الممكن فعلا أن يتم تطبيق عقاب عليها أكبر، ولكن هذه النقطة نجعلها بعد استنفاد الوسائل الميسورة في عملية النصح والتوجيه والدعوة والدعاء.
توجهي إلى الله عز وجل بالدعاء أن يحفظها الله تعالى وأن يحفظ إخوانها وأخواتها، وألحي على الله تبارك وتعالى بذلك، لأنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، أي ينفع في تغيير الواقع وفي تغيير المستقبل، فأكثري من الدعاء لأبنائك وبناتك كما دعا الأنبياء والمرسلون.
أسأل الله تعالى أن يحفظها من كل مكروه وسوء، وأن يجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظها من كيد شياطين الإنس والجن، هذا وبالله التوفيق.