أعمل في التجارة وأرغب في أن أكون أستاذا... فماذا أصنع؟

0 365

السؤال

السلام عليكم.
أنا أعمل في التجارة في السوق، ولم أفلح في دخول الجامعة، مدخولي عادي لكن لم أستطع تقبل وضعي الجديد، فحلمي كان أن أكون أستاذا، لأنني كنت نجيبا في دراستي، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن!

فوضعي الحالي يسبب لي الاكتئاب، وإحساسي أني أعمل في عمل غير محترم، وأن هذا المكان لا يصلح لي، وأن هذا العمل لن يدوم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك إلى كل خير، وأن يقدر لك الخير حيث ما كان، وأن يرزقك الرضى به، وأن يجعلك من المتميزين المتفوقين من سعداء الدنيا والآخرة.

وبخصوص ما ورد برسالتك: أقول لك أخي الكريم الفاضل كما قال الشاعر: (إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجساد) فما دمت صاحب همة ورغبة في أن تغير واقعك فثق وتأكد من أنك سوف تتمكن من ذلك، ولكن حتى يتيسر لك ذلك أخي الفاضل (محمد) لابد أن تنظر في مقدراتك وما تملكه الآن من إمكانات وطاقات، لأن ترك العمل الذي في يدك الآن حتى وإن كان مدخوله عاديا وضعيفا، والجلوس بلا عمل ستكون هناك مشكلة أيضا، فينبغي عليك بارك الله فيك أخي الكريم أن تعلم أن تفرغك للدراسة يحتاج إلى نفقات ومصاريف، فهل أنت لديك من يقوم برعايتك والإنفاق عليك ومساعدتك حتى تنتهي من مشوارك التعليمي، وحتى تحقق حلمك الكبير في أن تكون أستاذا؟!

إذا كان لديك من يقوم برعايتك سواء أكان من مالك الخاص أو من مال الأسرة أو من أي جهة أخرى، فأنا أرى أن تستعين بالله تعالى وأن تدخل عملية التعليم وأن تجد وتجتهد، ومن يدري فقد تتحول بقدرة الله تعالى مع الأيام إلى مشروع عالم من كبار علماء الإسلام في أي مجال من المجالات.

أنا أعرف الكثير من الشباب كانت بداياتهم متواضعة جدا، بل إن بعضهم كان يعمل راعيا للغنم أو يعمل خادما في أحد البيوت، إلا أنه كانت لديه عزيمة كعزيمتك عندما وجد أبناء أهل البيت يدرسون ويذاكرون، بدأ ينتسب للتعليم، ثم مع الأيام أصبح أستاذا جامعيا كبيرا، في حين أن الذين كان يقوم على خدمتهم خرجوا أشخاصا عاديين، فما دمت صاحب همة وثابة ورغبة قوية صادقة فثق وتأكد أنك تستطيع أن تغير هذا الواقع، وأنا حقيقة لست مع الذين يستسلمون للواقع، لأن هذا الاستسلام أدى إلى تضييع فرص عظيمة جدا على أمة الإسلام.

فأنا أتمنى ما دامت لديك الرغبة وما دام هناك من يقوم على الإنفاق عليك وتأمين مصارفك الدراسية أن تستعين بالله تعالى وأن تبدأ رحلتك من جديد، وتقدم السن ليس عائقا أو مشكلة؛ لأن هناك كثير من جامعات العالم تستقبلك ما دمت ستكون مجدا وتلتزم بالشروط التي وضعتها تلك الجامعات أو الكليات أو المدارس.

فأنا أرى أن تبدأ مرة أخرى بهذين الشرطين: أن تكون لك الرغبة الجادة فعلا – وأرى أنها موجودة – والأمر الثاني أن يكون لديك من يؤمن وضعك المادي، لأن الدراسة تحتاج إلى تفرغ، خاصة إذا أردت أن تكون متميزا.

وهناك من يجمع بين الحسنيين، فأعرف الكثير من الشباب خاصة في أوروبا يتعلمون ويعملون، بل إن معظم أبناء المسلمين المهاجرين إلى أوروبا وغيرهم يفعلون نفس الشيء، يتعلمون ويعملون، واستطاعوا أن يحققوا إنجازات هائلة في مجال التعليم بجوار عملهم اليومي، ويستطيعون أن يأخذوا من العمل ما يتناسب مع ظروفهم، لأنهم يعلمون أن التعليم وأن الحصول على مؤهلات عالية سيفتح أمامهم آفاقا أوسع وأرحب وأكبر، وستكون حياتهم أكثر استقرارا، ولذلك يضحون بشيء من الدخل مقابل أن يكونوا متميزين في المستقبل.

فهذا الأمر أعتقد أنه ليس صعبا، ولكن هذا متوقف عليك أخي الفاضل (محمد)، فما دامت رغبتك وحلمك أن تكون أستاذا فأرى أن هذا حلم رائع وهو فعلا يستحق التقدير والبحث عن تحقيقه.

أما مسألة أنك تعمل في عمل غير محترم، فقضية التجارة في الواقع ليست عملا غير محترم، بل إنه عمل رائع، ولعلي أفضي إليك بسر أن أعظم الناس استزادة في الحياة وتمتعا بما وضع الله فيها من خير إنما هم التجار، لأن التجارة تنقل أصحابها نقلات عالية.

نعم أنت الآن دخلك عادي، ولكن لو أنك ركزت على تجارتك وحاولت أن تطور منها، وحاولت أن تبحث عن التجارة الأكثر دخلا، وأن تتعلم فنون العرض وغير ذلك من الأمور الضرورية لعملية التجارة، واختيار الموقع المناسب ودراسة الجدوى، فتستطيع من خلال عملك التجاري أن تكون رقما كبيرا، وأن تكون سعيدا جدا أفضل من ملايين الأساتذة حتى أساتذة الجامعات، فإني أعرف الكثير من الذين يعلمون في التجارة حتى وإن كانت تجارات بسيطة يعيشون بفضل الله تعالى نوعا من الوفرة، ونوعا من الترف، ويعيشون في نوعا من البحبوحة والسعة أكثر من موظفي الحكومة الذين يعملون أساتذة في الجامعات أو مدرسين في مراحل التعليم المختلفة.

فأنا أقول: شعورك بأن التجارة عمل غير محترم هذا شعور غير صحيح، لأن التجارة كما تعلم هي مهنة عظيمة جدا ومهنة راقية ومهنة رائعة وحرفة متميزة، وأصحابها كما ذكرت لك موفقون، الذين يأخذون بأسباب التميز، وهم أسعد الناس، وهم أكثر الناس استمتاعا بمتع الله التي أوضعها في الحياة.

فإذن لا نقل بأن التجارة عمل غير محترم، ولكن من الممكن أن يكون عملا غير مناسب، أقول نعم، هذا حق، ولذلك ما دامت لديك الرغبة في التغيير خذ القرار واستعن بالله، وابدأ مع بداية العام الدراسي بالتقدم إلى المستوى الذي يتناسب مع سنك ومع دراساتك السابقة، وابحث عن الجهة التي تؤمن لك مصاريف الدراسة والإعاشة اليومية، وأسأل الله لك كل خير، وأتمنى أن لا تتخاذل أو تتقاعس أو تضعف؛ لأن هذه الرغبة رغبة جيدة، والعمل في سلك التعليم والتوجيه شيء رائع لأنها مهنة الرسل والأنبياء.

أسال الله لك التوفيق والسداد، وأن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به، هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات