كيف أعيش واقعي في ظل أحلام اليقظة؟

0 539

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من بداية المراهقة وأنا أجد متعتي في أحلام اليقظة، وأنا على مشارف الثلاثين، لا تفصلني عنها إلا ثلاث سنوات (27 عمري).

ما زلت أحلم وأمضي الساعات الطوال أبتكر قصصا وأعيش أحلام يقظة، لدي مساحة حرة أمارس فيها جنوني وغضبي، وأحلام تهاوت على أرض الواقع، ما لبثت أن دبت فيها الروح في مخيلتي.

أبتكر قصصا وأخترع شخصيات عالم كامل، بمختلف انفعالاته وشخوصه في خيالي! ولا أجد صعوبة في الخروج من شخصية والدخول في أخرى.

حتى إني أحيانا أكذب على الآخرين وأحكي لهم أمورا لم تحدث، ولا أجد مشقة في اختراعها ويصدقها الجميع، أصبحت متمرسة في الكذب لكن ليس الكذب الذي فيه إضرار بالآخرين، بل أقول لهم مثلا: الجمعية الفلانية كرمتني واتصلت علي تثني على إنجازي، وإن خطبني شخص ولم أقبل أجد متعة رائعة في الخيال لا أجدها في واقعي البائس!

أسبغ الله علي نعما كثيرة حمدا لله، لكن الحزن استوطنني فإن لم أوفق بوظيفة ترضي طموحي وتسكت أزيز أمنياتي.

صاحبة طموح عالي جدا، وهذا هو سبب تعاستي، ما زلت العازبة الوحيدة بين صديقاتي، ولدي مشاكل أسرية معقدة، أشعر بنقص شديد إن كان بسبب تأخر زواجي، أو لاعتقادي أني غير جميلة، اعتزلت الناس وبقيت شهورا طويلة في المنزل لا أخرج.

وحدها أحلام اليقظة تسكن جرعات ألمي، ولو أحصيت عدد الساعات التي أمضيها أبحر في خيالي لتراكمت وتحولت إلى سنوات.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن أحلام اليقظة ترتبط بالمراحل العمرية لدى الناس، وهي أمر عادي في مراحل اليفاعة والشباب، هذه الأفكار تتفاوت من شخص إلى آخر، وأود أن أقول لك أن أحلام اليقظة ليست كلها شر، فإن هنالك إيجابيات كثيرة في أحلام اليقظة إذا استطاع الإنسان أن يتحكم فيها، وأن يهذبها وأن يتخير منها ما هو معقول، وأن يطبقه وينزله إلى أرض الواقع.

كثير من الذين أفلحوا ونجحوا وأبدعوا كانت تقودهم أفكار أو أحلام يقظة في أول الأمر، بعد ذلك استطاعوا أن ينجزوا إنجازات عظيمة ومنشودة.

نصيحتي لك أن تتخيري واحدا أو اثنين من هذه الأفكار، وكرري نفس الفكرة كل يوم، حاولي أن تستدعي الفكرة إذا لم تحضرك مباشرة، وبعد ذلك ضعي الآليات التي من خلالها تستطيعين أن تحققي هذه الفكرة حتى ولو جزئيا. هذا أولا.

ثانيا: عليك باللجوء إلى الكتابة، فإن كثيرا من الذين ألفوا وكتبوا كتابات رائعة كانت أيضا تساورهم أحلام يقظة في بداياتهم، ومنهم من يضع القلم والورقة بالقرب منه دائما ليكتب فكرته، وحين يستيقظ من النوم هذا هو وقت الكتابة، فلماذا لا تلجئين إلى هذا الأسلوب، خاصة وأنك بفضل الله تعالى معبرة ومجيدة، فأرجو أن توجهي طاقاتك هذا الاتجاه.

ثالثا: التمارين الرياضية تقلل من القلق، ويقال أن أحلام اليقظة كثيرا ما تكون مرتبطة بالقلق، وكذلك ممارسة تمارين الاسترخاء هو أمر مرغوب فيه، فأرجو أن تتدربي على هذه التمارين، وإن شاء الله تعالى سوف تجدين فائدة منها.

يمكنك تصفح أحد المواقع الإنترنت التي توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء.

رابعا: يجب أن تحسني إدارة الوقت، يمكن أن تخصصي وقتا معينا، تقولين لنفسك (هذه الساعة سوف تكون لأحلامي اليومية وسوف أتعايش معها، لكن لن أعطيها فرصة أبدا) وفي نفس الوقت ضعي برامج ونشاطات مختلفة تطبقينها أثناء اليوم. هذه طريقة جيدة وتساعد على صرف الانتباه من أحلام اليقظة.

خامسا: قراءة القرآن الكريم بتركيز تساعد في إزالة القلق وكذلك الفكر المشوش والمشتت.

سادسا: لا تصفي نفسك بالفاشلة، ولا تصفي نفسك بالتعيسة، هذا ليس صحيحا، وهذه أحكام قاسية جدا، إذا ألصقتها بنفسك فسوف تجدين من الصعوبة أن تطوري ذاتك وأن تفهمي ذاتك وأن تقبلي ذاتك. راجعي نفسك وسوف تجدين أن لديك إيجابيات كثيرة، حاولي أن تطوريها، وإن شاء الله تعالى تجدي فيها ما يلبي رغباتك.

سابعا: أرجو أن تلجئي إلى الأنشطة الاجتماعية والثقافية كما ذكرنا. التواصل الاجتماعي فيه خير كثير جدا للإنسان.

ثامنا: سلي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، وهذا يكفي.

تاسعا: ربما يكون من الجيد أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للقلق، والبعض يعتقد أن أحلام اليقظة المفرطة ربما تكون مرتبطة بشيء من الوساوس البسيطة، لذا أرى أن عقار فافرين والذي يعرف علميا باسم (فلوفكمسين) بجرعة خمسين مليجراما ليلا بعد الأكل لمدة ثلاثة أشهر سيكون دواء مناسبا ليساعدك في هذه الحالة.

يراجع علاج أحلام اليقظة سلوكيا: 281321.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات