السؤال
أنا طالبة بالثانوية، عمري 16 سنة، معروفه بالهدوء والجدية، من فترة شهر تقريبا صارت تأتيني حالة اكتئاب، ولا أعرف ما السبب!
لما تأتيني هذه الحالة أحس أني نفسي أموت، ولا أقدر أعمل شيء ..
واجباتي المدرسية لا أقوم بها، وأبكي طول الوقت، وأكلي صار زيادة عن المعتاد، حتى اختباراتي لست قادرة أذاكر لها، وأكره شيء ممكن أفكر فيه أني أذهب المدرسة.
ستقول السبب البعد عن الله، أقول لك الحمد لله أنا أصلي الفروض مع سننها، وأقرأ القرآن يوميا، ومرات أصلي قيام الليل، ومحافظة على الأذكار.
رجاء محتاجة أعرف ما هي الحالة التي تأتيني؟ وماذا أعمل من أجل أتخلص منها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ faten حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على سؤالك.
ومن قال لك بأنني سأقول لك أنه بعد عن الله؟! نعم القرب من الله يعين كثيرا على تجاوز صعوبات الحياة، إلا أننا بشر، وأحيانا تضغط علينا الحياة ضغطا شديدا يشعر فيه الإنسان بما وصفت في رسالتك. فحتى الرسل والصالحون تأتيهم لحظات صعبة وكما يقول الله تعالى "حتى إذا استيأس الرسل وظنوا...".
وأحيانا يعظم ابتلاء الصالحين من الناس، فمن أشد الناس ابتلاء الأنبياء والصالحون. فهنيئا لك صلاتك، وتلاوتك، وتهجدك، وسائر عباداتك.
ولربما تعتبر هذه الحالة التي تأتيك هي حالة من الاكتئاب، مع الكثير من الأعراض التي ذكرت، من فقدان الرغبة بالعمل، وفقدان المتعة بالأمور، والنظرة السوداوية المتشائمة للأمور، وربما البكاء والتفكير بالأمور السلبية، وأحيانا عدم الشعور بنعمة الحياة، بل حتى تمني الموت. وقد يفكر الإنسان حتى بإنهاء حياته، ليس نتيجة ضعف الإيمان، وإنما بسبب هذا الشعور القوي من الاكتئاب والشعور بالدونية واليأس، وطبعا لا أقول إن هذا موجود عندك، وإنما من باب معرفة تفاصيل الاكتئاب.
وفي مثل هذه المشاعر ليس غريبا أن تجدي صعوبة كبيرة في الذهاب إلى المدرسة ومقابلة صديقاتك ومعلماتك.
وفي كثير من الأحيان قد لا نحسن تشخيص حالات الاكتئاب عند الشباب والشابات، لافتراض خاطئ أن بعض الاكتئاب هو مرحلة عادية من العاطفة والمزاج عند هؤلاء الشباب والشابات.
صحيح أن هناك بعض الحالات "الطبيعية" من اضطراب المزاج والعاطفة عند المراهقين والشباب، حيث يبدأ المراهق بالشعور بالوعي الزائد عن نفسه وعن مظهره وإمكاناته وعلاقاته بالآخرين، فقد تأتيه حالات ومشاعر مشابهة لما وصفت في الرسالة.
والأمر يحتاج لبعض الخبرة والتخصص في التفريق بين المشاعر السلبية "الطبيعية" وبين حالات الاكتئاب السريري، والذي قد يرافقه ضعف الشهية للطعام أو زيادتها، كما هي الحال عندك، وكذلك نقص الوزن وهو الغالب، وأحيانا زيادة الوزن وهو الأقل حدوثا.
فما العمل الآن، والحالة كما وصفت؟
أرجو التنبه أنك تمرين في مرحلة المراهقة، وأنك تستعدين لمواجهة الحياة، والتعامل معها بكل ما تأتي به عليك، وأنك ستخرجين من هذه الحالة وأنت أقدر على فهم نفسك، وفهم مشاعرك الذاتية، مما سينمي عندك "الذكاء العاطفي"، والذي يمكنك القراءة عنه في أحد كتبي واسمه "الذكاء العاطفي والصحة العاطفية" وهو متوفر في المكتبات الكبيرة كمكتبة جرير.
أنت الآن أمام تحدي، هل تستسلمين لهذه المشاعر من الاكتئاب، أم تحاولين تجاوزها والتعامل معها بالطريقة الإيجابية؟
وأسألك لو أن صديقة عزيزة عليك مرت بمثل هذه المشاعر، وسألتك النصيحة ما يمكنها أن تعمل؟ فلا شك أنك ستقترحين عليها بعض الأنشطة والأعمال التي من شأنها أن تحسن مزاجها وعاطفتها كالرياضة والتدريبات الجسدية، أو بعض المواهب الفنية، وغيرها من الأنشطة.
وستلاحظين بعد فترة وجيزة، وليس مباشرة الكثير من التحسن والنظرة المتفائلة لنفسك والحياة والآخرين.
أيضا يا ترى ما هي هواياتك التي تحبين؟
هل هناك صديقة أو معلمة أو موجهة ممن ترتاحين للحديث إليها، فهذا من شأنه أن يخفف الكثير من هذه المشاعر، ويتيح لك فرصة الانطلاق والفعالية.
والمهم هنا أن لا تعاني بصمت ولوحدك، وإنما تشاطرين هذا مع من تثقي بها وترتاحي إليها.
وإذا طال الأمر، ولم تشعري بالتحسن الواضح، فأنصحك بمراجعة اختصاصية نفسية ممن يمكن أن تقوم معك بجلسات للعلاج المعرفي السلوكي، مما يبشر عادة بالتحسن الكبير في معظم الحالات.
وحتى في حالة عدم التحسن من هذه الجلسات، فهناك العلاج الدوائي حيث يمكن أن يصف لك الطبيب أحد الأدوية المضادة للاكتئاب، والتي أيضا تبشر نتائجها بالفائدة.
كل هذا بالإضافة لبعض النصائح والتوصيات المذكورة في الإجابات المختلفة على هذا الموقع.
وللمزيد يمكنك مطالعة الاستشارات التالية حول العلاج السلوكي للاكتئاب: (237889 - 241190 - 262031 - 265121).