كيف أجعل عملي خالصاً لوجه الله؟

0 623

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من مشكلة في الإخلاص، وهو أني عندما أضع دراستي وحياتي العملية لله، تكون همتي ودوافعي على المذاكرة والعمل ضعيفة، وأكون غير فرح بالعمل الذي أعمله، لكن عندما أضع مذاكرتي من أجل الدنيا، مثلا من أجل جني المال، وأكون في مكانة مرموقة في المجتمع، ولا أحد أحسن مني، وأن أكون قويا، وأني عندما أتزوج أكون في نظر زوجتي كبيرا، أجد عندي دوافع كبيرة على العمل والمذاكرة، مع أني لا أجد مشكلة في الإخلاص في عبادتي وفي صلاتي وفي قراءة القرآن.

أرجو من سيادتكم أن ترشدوني، ماذا أفعل لكي أجعل عملي كله لله؟ ويكون هو الدافع للعمل والمذاكرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقك في دراستك، وأن يجعلك من المتميزين المتفوقين، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة. كما نسأله تبارك وتعالى أن يعينك على تحقيق رغباتك وأمنياتك، وأن يجعلك متميزا متفوقا حتى تستطيع أن تخدم دينك وأمتك، وأن تحيى حياة كريمة سعيدة، إنه جواد كريم.

هذه المسألة ليست كما تتصور، فإنك ما دمت تريد أن تخدم دينك وما دمت تريد أن تكون نافعا لأمتك، فثق وتأكد من أن هذا العمل في حد ذاته نية عامة فيه، لا يلزم أن تكون هناك نية خاصة ما دمت تشعر بأنك إذا عقدت النية على أن يكون الدافع هو خدمة الإسلام وأن يكون لله تضعف وإذا كانت للدنيا تقوى، فالعبرة بالنهاية، ما دامت رغبتك هذه وأنك لا تريد من التميز العلمي أو التميز المادي إلا أن تكون مسلما نافعا خادما لدينك، هذا يكفيك.

وكونك ترى الحافز في التعلق بالدنيا، لا حرج في ذلك، ما دام سيترتب على ذلك أن تكون متميزا وأن تكون متفوقا، لأنك ما دمت مسلما تحب الله ورسوله ونيتك خدمة الدين، فاعلم أن الله سيكرمك بذلك، حتى وإن تغيرت النية في بعض الأحايين فالعبرة بالبداية.

هذه اللحظات التي تأتيك والتي يترتب عليها أنك إن غيرت النية وجدت حماسا ونشاطا وقوة، هذه اجعلنا نستخدمها لخدمة الدين، لأن العبرة كما ذكرت لك بالبداية، ما دمت أنك تحب الله ورسوله وأنك رجل مسلم ملتزم تحافظ على الدين وتتمنى عزة الإسلام ورفع شأن المسلمين، فهذه نية عامة تكفيك في أمور الدنيا والآخرة معا، وكما ذكرت لك ما دمت ترى أنك إن علقت الأمر على أمور الدنيا ووجدت نشاطا وإحساسا بالرغبة في التميز، فاجعل هذه المسألة حفز وقتي حتى يتحقق لك ما تريد، والعبرة بالنهاية.

نعم قد يفوتك بعض الأجر في بعض الأوقات لأنك تريد أن يكون هذا الوقت كله لله تعالى، ولكن كما ذكرت لك: ما دام التعلق بالدنيا سيكون حافزا للتميز وفي النهاية يخدم الإسلام ويخدم الدين، فأنا أرى أن تستمر فيما أرى أنت عليه، ولا تشغل بالك بمسألة تغير النية كهذا، لكن اترك الأمر لله سبحانه وتعالى، والله أعلم بما استقر في قلبك، وحاول توظف هذا الدافع الدنيوي للتميز العلمي والتقني، وفي نهاية الأمر كما ذكرت ستكون مسلما متميزا، ستكون رجلا عاملا لخدمة الإسلام، ستكون رصيدا في مخزون هذه الأمة، ومن خلالك إن شاء الله تعالى سوف تخطو الأمة خطوات إلى الأمام نتيجة هذا التميز، لعل الله أن يمن عليك فتكون أستاذا في الجامعة، وتكون مثلا متميزا في عملك، فينفع الله بك البلاد والعباد.

إذن أقول: لا تشغل بالك بارك الله فيك بهذه المسألة، ما دمت ترى أن الهمة تزداد إذا كانت الأمور متعلقة بالدنيا، فهذا لن يؤثر بإذن الله تعالى في شيء، لكن أهم شيء في البداية: ما دامت لديك نية أن تخدم الإسلام وأن تخدم الدين، قل: (اللهم إنك تعلم أن نيتي خدمة دينك، وأني أتمنى أن تكون الأعمال كلها خالصة لوجهك، ولكن الشيطان يفسد علي هذه النية، فأسألك أن تعاملني بما أنت أهله وأن أحتسب عندك هذا الوقت الذي أبذله في التعلم وهذه الرغبة اجعلها خالصة لوجهك الكريم، وأعني على أن أحقق من خلالها التميز في أمور الدنيا).

هذا يكفيك كنية أولية أخي الكريم (عبد الله) ثم بعد ذلك ما دامت الدنيا ستكون حافزا فاستعن بالله، وحاول أيضا أن تستغل هذا التميز الذي يأتيك بسبب الرغبة أن تكون متميزا في الدنيا، استغل هذه الرغبة إن شاء الله ووظفها للتميز العلمي الذي يترتب عليه التميز المادي، والتميز الاجتماعي، والتميز الأخلاقي، والتميز الاقتصادي الذي يجعلك نافعا لدينك ونافعا لأمتك.

فأنا أرى أن لا تشغل بالك بهذه المسألة، وإنما العبرة بما استقر في سويداء قلبك من أنك تريد خدمة الإسلام، وكما ذكرت لك لا مانع أن تقول هذا الكلام لله تعالى: (اللهم إنك تعلم أني لا أريد بذلك إلا خدمة دينك، فأسألك اللهم أن تجعل كل وقت أقضيه في المذاكرة أو في الدراسة أو في التحصيل، أو كل مال أحصل عليه خالصا لوجهك الكريم) وهذه تكفيك، ثم بعد ذلك لا مانع أن تستفيد كما ذكرت لك من الرغبة الثانية وهي أن تكون متميزا حتى تكون متميزا في الحياة وتجمع الأموال، هذا كله كما ذكرت لك لا يؤثر في النية، ولكن اجعله حافزا للتميز، والعبرة بالخواتيم، وهذا لن يؤثر في علاقتك مع الله، خاصة وأنك لا تجد مشكلة بفضل الله تعالى فيما هو أعظم من ذلك، وهو العبادة والصلاة وقراءة القرآن.

ومع الإقبال على الله تعالى سوف تجد من الله تبارك وتعالى كل تأييد وتوفيق، أهم شيء عندي هو أن تجعل هدفك وغايتك أن تكون متميزا حتى تكون للإسلام نافعا وحتى ترفع راية الإسلام، ثم بعد ذلك استعمل هذه الوسيلة، وهي مسألة الدنيا والتميز فيها وجمع المال كحافز يتحقق من خلاله إن شاء الله تعالى رفع راية الإسلام، ولا تشغل بالك بهذه المسائل التي قد يقذفها الشيطان في قلبك، لأني أرى أن هذا نوع من وساوس الشيطان الذي من خلاله يريد أن يثبط همتك وأن يضعف عزيمتك وأن يفوت عليك التميز، وبالتالي يفوت على الأمة كلها أن يكون من أبنائها رجل متميز يرفع راية الإسلام ويحقق إنجازات لهذه الأمة في هذا العصر الذي قل فيه التميز بين أبناء الإسلام، وأسأل الله عز وجل أن يوفقك لكل خير، وأن يجعلك نافعا أين ما نزلت وأين ما حللت وأين ما كنت.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات