السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 18 سنة، مهددة بحمل مسؤولية نفسي؛ لأني عائلتي تطلب مني ذلك خصوصا أمي أعيش فترة من الوحدة والعزلة، واليأس الذي يجعلني أفكر بعض الأحيان في الانتحار ليس لدي أي سبب أعيش لأجله لا أعمل، ولا أدرس، وأعيش في بلاد ليست بلدي.
وسبب تعقدي هو هؤلاء الناس الغريبون، أنا في أمس الحاجة لنصيحتكم فقلبي يكاد ينفجر باليأس أريد أن أعرف هل سبب تعاستي هو رحيلي من بلدي الأصلي؟
أرجوك لا تهمل رسالتي، فأنا بحاجة لأسمع رأيكم، وتوجيهكم.
وجزاكم الله خيرا، وأسأل الله أن يجازيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وداد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى أن يفرج همك ويقضي حاجتك.
لا شك أيتها البنت الكريمة أن الظرف الذي تعيشينه قد يكون فيه الشيء الكثير من الصعوبة والقسوة، ولكن كوني على ثقة بأن الله سبحانه وتعالى مع عباده المؤمنين يسهل لهم كل عسير، فأحسني الظن بالله سبحانه وتعالى، واعلمي أنه سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، وأنه بيده خزائن السموات والأرض، قادر على أن يقضي حاجتك، لا يعجزه شيء، يده ملئا لا تنقصها النفقة.
فهذه أوصاف الله تعالى العلي الكبير الذي خلقك ورزقك وأنت صغيرة، وسهل لك رزقك وأنت في بطن أمك، فهو سبحانه وتعالى قادر على أن يرزقك وأنت في هذا السن، وفيك ما فيك من القوة والسمع والبصر والقدرة على تدبير الأمور، فأحسني علاقتك بالله تعالى، وثقي به، والتزمي حدوده، وسيجعل لك مخرجا، فهذا وعده سبحانه وتعالى، فقد قال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
فنوصيك بتقوى الله تعالى، فعل ما أمر الله به واجتناب ما نهى الله عز وجل عنه، والتوبة إلى الله من الذنوب والمعاصي، فإنها سبب لحرمان الإنسان من الأرزاق، وسبب جالب للتعاسة والحسرة والندامة، فأدي الصلوات الخمس في أوقاتها، وأكثري من ذكر الله تعالى ومن الاستغفار، والتزمي الحجاب الشرعي الذي كلفك الله عز وجل به، وأكثري من دعاء الله تعالى في الليل والنهار في السجود وغير السجود، بأن يسهل لك أمرك كله، وستجدين حلاوة ذلك وآثاره باديا ظاهرا على حياتك إن شاء الله.
ومع ذلك لابد من الأخذ بالأسباب المتاحة والجائزة شرعا، فينبغي أن تبحثي عن عمل مناسب لك تستطيعين أن تجدي من خلاله كفايتك، وخير من يعينك على ذلك النساء الصالحات، فتعرفي على النساء الصالحات في البلد الذي أنت فيه بقدر الاستطاعة، وإذا كان هذا البلد هو غير بلدك الأصلي وكان لك أهل وأقارب في بلدك الأصلي فالخير كل الخير أن تعودي إلى بلدك إذا كان فيه إمكان إقامة الدين، وتتمكنين فيه من إقامة شعائر الإسلام، فهذا خير لك إن شاء الله تعالى.
مع محاولة أن تذكري أمك بواجبها تجاهك، وأن من واجبها الإنفاق عليك إذا كانت غنية وأنت فقيرة، وكذلك إخوانك الكبار إن كان لك إخوان، وتستعيني على إقناعهم بكل من له كلمة مقبولة لديهم من أهل الدين والصلاح.
فهذه جملة الأسباب المتاحة التي ينبغي أن لا تهملي شيئا منها مع القدرة عليه، وثقي بعد ذلك كله بأن الله عز وجل متول أمر عباده المؤمنين، فما من دابة في الأرض ولا في السماء إلا على الله رزقها، كما أخبر الله تعالى في كتابه.
وأما توهمك بأنه ليس ثم شيء تعيشين من أجله، فهذا خطأ أوقعك فيه اليأس والقنوط، وينبغي أن تعلمي بأن حياتك ثمينة وغالية وأنك وجدت في هذه الأرض لتستعدي لتعيشي الحياة الأبدية في الآخرة، تلك الحياة التي تبنى على هذه الحياة، ففي الآخرة الجزاء على عمل الإنسان في هذه الدنيا، فعمرك غال ونفيس فإن استثمرته في الخير والطاعة عشت بعده حياة النعيم، الحياة الأبدية التي لا تزول ولا تفنى، ومن عاش في هذه الدنيا حياة المعصية واللهو والغفلة فإنه يجني أيضا حياة الحسرة والندامة آماد طويلة في الآخرة.
فأزيلي عن نفسك هذا الوهم، وهو أنه ليس ثم شيء يدعو إلى الحياة، فأنت محتاجة للدقيقة الواحدة، بل والنفس الواحد في هذه الحياة لتغرسي فيه خيرا تجني ثمرته في الآخرة.
وأما اللجوء إلى الانتحار فإنه ليس حلا، بل المنتحر ينتقل من هم إلى هم أكبر منه وأعظم، فإن المنتحر يلقى الله تعالى، وقد ارتكب إثما عظيما وجرما كبيرا، وهو موعود بأن يعذب في نار جهنم بنفس الوسيلة التي قتل بها نفسه في الدنيا، كما وردت بذلك الأحاديث.
فاحذري من استدراج الشيطان لك، ودعوته إياك للوقوع في هذا الجرم الكبير، والذنب العظيم، الذي لن تجني من ورائه إلا الحسرة والندامة، وتجمعي فيه بين شقاء الدنيا وشقاء الآخرة.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مطالعة الاستشارات التالية أرقامها حو ل تحريم الانتحار والتفكير فيه: 262983 - 110695 - 262353 - 230518.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير ويسهل لك أمرك كله، ويغنيك بحلاله عن حرامه وبفضله عن من سواه.