تعتريني حالة الكسل والخمول واللامبالاة، فما نصيحتكم؟

0 483

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في البداية أنا سعيد جدا أني ألجأ لهذه الشبكة الطيبة لطرح مشكلتي أمام نخبة من الدكاترة والأساتذة الفضلاء الذين أوجه لهم التحية هنا.

أنا شاب عشريني، توظفت حديثا، لا أدري في الحقيقة ما يعتريني من حالة الكسل والخمول، واللامبالاة في كل شيء من حولي، ألجأ إلى التسويف في كل شيء، لكم أن تتخيلوا في كل شيء! بدءا من الصلاة والاستحمام، ناهيك عن المواعيد الضرورية والهامة أقابلها بلا مبالاة غريبة، كل شيء أسوفه تقريبا ليس تسويفا وإنما دائما أطرحه في اليوم الذي يليه ثم الذي يليه وهكذا.

غرفتي منذ سنين لم أغير فراشي أو وسادتي رغم حاجتهم للتغيير، أتثاقل المهام التي توكل علي من قبل عائلتي حتى وإن كانت بسيطة، أعيش في حالة ربما أستطيع أن أعتبرها عدم منح قيمة للذات، وأنها رخيصة بالنسبة لي بالحد الذي لا أهتم بنفسي، بالمناسبة أنا أعاني أيضا من خجل شديد في مجتمعي، حاولت مرات ومرات التخلص من هذا.

لي تجربة مع طبيب نفسي، كنت أتناول عقار citalopram لكني قطعته بعد أشهر لاقتناعي أنه لن يفيد.

دائما أحس بأن الناس يضيقون بي، وأفترض ذلك حتى في علاقاتي مع الغرباء، فتجدني حذرا في الانفتاح عليهم، دائما لا أواجه الأمور برد الفعل الذي يناسبها، أبتسم فقط.

أما كل فعل حولي سواء من يمزح معي أو يسائلني أمام الآخرين على نحو المزاح، فلا أجد رد الفعل المناسب الذي يريده هو والآخرون أيضا، فقط أبتسم.

ليست هي صورة سوداوية جدا، لكن أنا منفتح بشكل مقبول نوعا ما على المجتمع من حولي لكن الانفتاح الحذر كما قلت لك، والله لا أدري، منذ فترات وحتى الآن لم أستطع التخلص من هذه المشكلة، وأكاد أشعر باليأس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإن الإنسان هو في الأصل فكر ومشاعر وسلوك، وهذه الثلاثة متداخلة جدا مع بعضها البعض، وإذا استسلم الإنسان للفكر السلبي تتحرك مشاعره أيضا في نفس هذا الطريق، وهذا كله يؤدي إلى سلبيات كثيرة في السلوك.

أنت مدرك إدراكا تاما لنوعية الصعوبات والعلل التي تعاني منها، وهذه نقطة جيدة جدا فيما يخص العلاج، أنت المطلوب منك ما يعرف بالتغيير المعرفي، والتغيير المعرفي يجب أن يبدأ بأن يقيم الإنسان بصورة متجردة جدا، وبموضوعية، ويضع الإيجابيات ويضع السلبيات، وبعد ذلك يبدأ في الإصرار على تغيير السلبيات إلى إيجابيات، كل ما هو سلبي يوجد ما هو إيجابي مقابل له، وهنا تتذكر الآية القرآنية: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} فاجعل هذه الآية شعارك، وتذكر أن الله تعالى قد استودع فينا طاقات وقوة داخلية مختبئة، متى ما تذكرناها وأردنا أن نستفيد منها لنكون فعالين ومنجزين هذا ممكن وممكن جدا.

إذن: الفكرة السلبية تقابلها فكرة إيجابية، والفكرة الإيجابية يجب أن تطبق، فحاول أن تحكم على نفسك بأفعالك وليس بمشاعرك، وإذا تبدلت الأفعال يمكن أن تتبدل المشاعر وحتى الأفكار سوف تتبدل إلى أفكار إيجابية.

الأفعال تنجز من خلال إدارة الوقت بصورة صحيحة وانضباط تام، الصلاة مثلا: حين أتكاسل عن الصلاة يجب أن أتذكر قوله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) أتذكر هذا فقط وأصر عليه، يعني أنت تحتاج لمحركات معينة، حاول أن تستنبطها في حياتك وتطبقها.

مثال الصلاة مثال ممتاز جدا، وهي عبادة عظيمة، فهي عماد الدين، وأول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، هذا كله جيد، لكن للقضاء على التكاسل يجب أن تتذكر قوله تعالى : (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) عظم هذا المبدأ وتحرك من خلاله، وكما قلت لك اجعل أفعالك تسبق مشاعرك، هذا مهم جدا.

أنت -الحمد لله- قد أنجزت وتخرجت من الصيدلة، وتعمل في مهنة محترمة، فحاول أن تطور نفسك من خلال مهنتك، ويكون تطوير النفس من خلال المهنة، وتطوير المهارات الاجتماعية يفيد الإنسان كثيرا، ويجعله أكثر حيوية وقبولا لذاته.

الرياضة تعتبر أمرا ضروريا جدا، فالرياضة تقوي النفوس قبل أن تقوي الأجسام، والإنسان الذي يحس بضعف في طاقاته النفسية والجسدية لا بد أن يتريض، لا بد أن يكون ملتزما بذلك، فاجعل لنفسك نصيبا من هذا.

اجعل في نفسك محطات تتحرك من خلالها، هذه المحطات نعني بها الأهداف، وتضع بعد ذلك الآليات التي توصلك للأهداف.

بالنسبة للخجل الاجتماعي وخلافه، هذا أعتقد ناتج من قلة ثقتك في ذاتك وعدم تقديرك لمقدراتك، دائما تذكر أنك لست بأقل من الآخرين، حاول أن تكون أنت البادئ بالسلام، طور هذه المهارات الاجتماعية البسيطة وسوف تجد الأمر بسيطا جدا.

بر الوالدين وصلة الرحم وجد أنها تؤطر وتقوي وتطور من الكفاءة والمهارة الاجتماعية، فكن حريصا على ذلك.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أعتقد أنك سوف تستفيد من دواء مثل سبرالكس، والذي يعرف علميا باسم (استالوبرام) هو دواء جيد جدا وسليم جدا، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة، يمكن أن تبدأ بخمسة مليجرام - أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام - تناولها يوميا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ارفعها إلى حبة كاملة يوميا لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

لمزيد الفائدة راجع منهج السنة النبوية لعلاج الأمراض النفسية: ( 272641 - 265121 - 267206 - 265003 )

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على ثقتك فيما يقدمه إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات