هل من حرج في قبول الزواج به من غير إذن والديه؟

1 469

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,

أنا فتاة أبلغ من العمر 27 سنة ونصف, تقدم لخطبتي شاب ممتاز جدا, ولأول مرة أرتضي خلق ودين شاب يتقدم لي, ولكن المشكلة تكمن في أهله, فهم لا يريدون تزويجه أبدا, الأب مختلف معه, ويريد تزويجه من بنت شخص يكون شريكا له في العمل, أو ما شابه ذلك؛ ليكون زواج مصالح بينه وبين شركائه, والأم تغار على ابنها, وهي لا تدرك ذلك, فكلما اختار هو عروسة, رفضت دون أن تراها, ولكي تريحه ترى العروسة وتخترع أسبابا للرفض, كل من يسمعها يقول: إنها مجرد عقبات, وهو لالتزامه, ولبره بهم, ظل طوال سنة ونصف يحاول أن يسترضيهم ليختار عروسه بنفسه, حتى إنه استقل ماديا عن الأب, ولكن كل محاولاته معهم باءت بالفشل, حتى إنه أدخل معارف وشيوخا كثيرين بينهم, ولكن للأسف لم يجد كل ذلك معهم, وكان آخر شيخ تدخل قال له: يا ولدي هما والداك, ولن تستطيع تغييرهم, ولا تغيير فكرهم, اختر عروسك بنفسك, وتزوج, فهذا حقك, ولكن برهم, ولا تقطع البر بهم أبدا.

ولقد بحثت كثيرا في الفتاوى, ووجدت أنه حقه فعلا, وليس للوالدين الحرية إطلاقا في اختيار عروسة الابن, طالما أنه اختار عروسة ذات خلق ودين.

حقيقة أنا أرضى تماما بهذا الشاب زوجا لي, وأرى فيه الزوج الصالح, هل من حرج علي وعلى أهلي في قبولي لطلب الزواج من هذا الشاب؟ خاصة أنه سيأتي إلى البيت لإتمام الخطبة بدون وجود والده ووالدته, علما أنني سأسكن معهم في نفس العمارة.

ثانيا: ما حكم الشرع لو أني ارتضيت بكل هذه الظروف, وقبلت به, ورفض والدي هذا الشاب لهذه الظروف؟

أريد أن أعرف حكم الشرع في ذلك, لكي يرى والدي أيضا حكم الشرع في ذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نسمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

مرحبا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب, نسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك, وتسكن إليه نفسك، وأن يقدر لك الخير حيث كان, ويرضيك به.

لا شك -أيتها البنت العزيزة- بأن طاعة الوالدين فضائلها كثيرة, وخيراتها عميمة, وآثارها جلية في دنيا الإنسان, وفي آخرته، ومن ثم رغب الشرع الحنيف في بر الوالدين, والإحسان إليهما بكل ما أوتي الإنسان من طاقة، بل وأمر بالإحسان إليهما عند مبالغتهما في الإساءة إلى الولد، فقال سبحانه وتعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعمها وصاحبهما في الدنيا معروفا}.

ولكن مع هذا كله يبقى لبر الوالدين حدود, ولطاعتهما حد حده أهل العلم، وليس من البر الواجب على الولد أن يتزوج من يأمره الوالدان بالزواج بها من الفتيات إذا كان لا يرضاها، ولذا فإذا كان هذا الشاب قد اختارك, ووالداه يرفضان أي بنت يخطبها, فإنه لا يجب عليه أن يبرهما بترك هذه الخطبة، أما إذا كانا يمنعانه من واحدة معينة, ويتركان له المجال بعد ذلك ليختار أي فتاة شاء, ففي هذه الحالة يتعين عليه النزول عند رغبتهما.

وبالجملة فإننا ننصحك -أيتها الكريمة -أن تستشيري العقلاء من أهلك, وتستخيري الله تعالى قبل القبول بهذا الشاب، ما دامت ظروفه على ما وصفت، فإن الزواج الذي يتم بهذه الطريقة كثيرا ما يتعرض لكثير من المشكلات, وتكدر الحياة الزوجية بعد الزواج، فنصيحتنا لك أن تستخيري الله تعالى, وتشاوري العقلاء، ويؤكدوا معرفتهم بحرص هذا الشاب على الزواج منك, وأنه ليس قرارا عابرا، فإذا رأيتم صدق الرغبة من الشاب في الزواج بك, مع إصرار والديه كما قلنا على منعه من اختيار أي فتاة، ففي هذه الحالة لا حرج عليكم في القبول به، وإذا رفض والدك الزواج من هذا الشاب لأسباب معتبرة, فنصيحتنا لك أن تنزلي عند رغبة والدك؛ فإن نظره في أمورك مصحوب بالرحمة, والحب, والتفكر في عواقب الأمور, والحرص على مصالحك على أتم الوجوه، وهو بلا شك أكثر منك خبرة, وأدرى منك تجربة, وأعرف منك بالناس, وحياتهم, ومشاكلهم، فلا ينبغي أبدا أن تغفلي رأيه، لكن إذا رأيت أنه يمنع لا لسبب مقبول, ففي هذه الحالة ينبغي أن تصارحيه برغبتك في الزواج بهذا الشاب، واستعيني بمن له كلمة مقبولة عنده لإقناعه، فإن أبى فإن هذا تعد على حقك, لا يجوز له أن يفعله ما دام الشاب كفؤا, وليس ثم ما يمنع من الزواج به، فلك الحق حينها أن ترفعي أمرك إلى القاضي الشرعي؛ ليجبر أباك على تزوجيك, أو يقوم بتزوجيك هو، هذا من حيث الحكم الشرعي، ولكن تبقى نصيحتنا هي أنه لا ينبغي لك أن تقدمي على زواج محل خلاف وشقاق في العائلتين، لتجنبي نفسك الوقوع في أي مشكلات في الحياة الزوجية بعد ذلك قد تؤدي إلى الفراق.

خير ما نوصيك به -أيتها الكريمة-: تقوى الله تعالى، والإلحاح في دعائه بصدق واضطرار أن يقدر لك الخير حيث كان, ويختار لك الزوج الصالح، ومشاورة العقلاء من أهلك، فإذا جمعت ذلك كله فإنك ستوفقين -بإذن الله تعالى- لما فيه الخير.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.

مواد ذات صلة

الاستشارات