السؤال
بسم االله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛
كثير من الألم ينهش نفسي ، ويزري حالي ، فأنا طالبة في كلية العلوم ، بعيدة عن أهلي ذهبت لغزة لإكمالي الدراسة الجامعية ، مشكلتي أن طموحي وأهدافي عاليه جدا ! لكنني كثيرا لا أصل للحلم أو للهدف فأبكي بحرقة ، وكثيرا ما تضيق السبل وأنا في وسط الطريق ، فينهار كل شيء بسبب الإحباط ، حلمت بدخول كلية الطب ، وذلك لهدف ما ينفع أمتي في المستقبل البعيد ورميت أحلامي بعيدا حيث الطب ، ولكن قدر الله أن تكون نتيجة الثانوية العامة 96 ، وقبول الطب مافوق 97 ، رضيت بما قسمه الله لي ، ولكن حبي لتحقيق الهدف الذي رسمته يوما ، بات يشغل تفكيري فقررت بعد الاستخارة أن أدخل كلية العلوم ، وأحصل على تقدير عال من ثم يتم قبولي في كلية الطب ، وها قد بدأت المشوار في كلية العلوم ، لكنني متعبة كثيرا فبعدي عن أمي وأبي يؤثر في كثيرا ، كما أنني رأيت درجاتي في الامتحان النصفي الأول دون المستوى الذي أريد ، فشعرت بخيبة أمل كبيييرة ، أعاني من الخجل الزائد ، فللآن لا أستطيع الاحتكاك بمن حولي من الطالبات ، الصالحات ..!
حتى أصبحت أفكر كثيرا في التغيير ودخول كلية الهندسة ، أصبحت حائرة من جديـــد! بسبب خوفي من عدم استطاعتي لتحقيق الامتياز مع مرتبة الشرف في كلية العلوم خلال العام الأول..
والمشكلة الأخرى أن لدي رغبة كبيرة في حفظ القرآن ، وقد حفظت نصفه خلال رحلة الثانوية ثم الآن تلاشى كالغبار ، وزاد ذلك كثيرا من معدل الاحباط والأسى، بل والحرقة على ما يفوتني من عظيم حفظه، أحاول جاهدة أن أراجع ما تيسر لي، لكن الوقت يسرق مني دون علم ، كم أحببت أن ألتحق بمراكز للتحفيظ لكن والدي يرفض ذلك لكونه بعيد عني، وأنا لا أعلم كيف أبدأ بالحفظ من جديد والمراجعة دون وجود من أسمع له !!
والأعظم من ذلك أن تلك الأفكار بدأت تغزو صلاتي فما عدت أتفكر فيها، بل أصبحت أسهو كم صليت فيها !
متعبة جدا من حالي المتردي ، همتي دائما عالية لكن المنغصات حولي تخنقني ولا أدري كيف أتجنبها !
فساعدوني بتوجيهاتكم بارك لكم الله .. وجزيتم خيرا وسامحوني على الإطالة ..
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بنت فلسطين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه لشيء جميل ومقدر أن يكون الإنسان له طموح، لأن الطموح يحرك إرادة الإنسان ويحسن من درجة انفعالاته الإيجابية التي تساعده على إنجاز ما يمكن أن ينجزه.
لكن في ذات الوقت الطموح يجب أن لا يدخل الإنسان في درجة عالية من القلق واليقظة والانفعال السلبي، وأعتقد أن هذا هو الذي حدث لك.
أيتها الفاضلة الكريمة: فوضي أمرك إلى الله، وهذا هو النهج الصحيح، واجتهدي وأنت لست مسئولة عن النتائج. الإنسان الجيد المتميز يستطيع أن يصل إلى ما يصبو إليه إن شاء الله تعالى.
كانت أمنيتك الطب، قدر الله أنك انضممت إلى كلية العلوم، وهي كلية محترمة جدا، والآن أصبت بشيء من الإحباط لأن درجات النصف الأول دون المستوى.
هذا كله يجب أن لا يؤثر عليك سلبا، لأنك قد رسمت خارطة طريق، خططت للطب، لم تدخلي كلية الطب، بعد ذلك أتيت كلية العلوم، الآن الدرجات ليست بالمستوى الذي ترغبين فيه، وأنت قمت بكل ما تستطيعين أن تقومي به، فعسى أن تكرهي شيئا ويجعل الله لك فيه خيرا كثيرا، فما سوف تحصلين عليه من درجات ويؤهلك إلى أي موقع تعليمي هذا يجب أن تقبلي به، ومن الذي قال أن الطب هو أفضل العلوم أو الهندسة هو أفضل العلوم؟ هذا الكلام ليس صحيحا الآن، أفضل العلوم هي التي يبدع فيها الإنسان وينجز فيها ويكون له الرغبة الحقيقية في أن يستثمر وقته بصورة صحيحة من أجل الدراسة.
فهذا هو الذي أنصحك به، وأنصحك أيضا أن تتواصلي مع أحد الأساتذة في كلية العلوم، هنالك بعض الأساتذة لهم خبرات كبيرة جدا في التوجيه الطلابي، في التوجيه المنهجي من أجل اختيار التخصص المناسب. هذا إن شاء الله تعالى أيضا يساعدك.
بالنسبة للرفقة والصحبة: لا شك أن الرفقة الصالحة مطلوبة، وهذا الأمر أمر اختياري جدا. أنت ذكرت أنك لا تستطيعي الاحتكاك بمن حولك من الطالبات الصالحات. يجب أن تسألي نفسك هذا السؤال، ويجب أن تلومي نفسك على أنك لا تستطيعين، لأن الأمر تماما بيدك وتحت إرادتك، ويجب أن تنظري إلى من تخالليه. أنت سوف تستفيدي كثيرا حقيقة وفي أشياء كثيرة من الصحبة والرفقة الطيبة الصالحة.
بعدك عن أهلك يجب أن يكون دافعا لك من أجل الإنجاز ومن أجل الإبداع ومن أجل استثمار الوقت بصورة صحيحة ومن أجل النجاح، يجب أن لا يكون أمرا محبطا لك. أهلك في انتظارك لترجعي إن شاء الله تعالى لهم غانمة وظافرة، وفلسطين كلها في انتظارك. هذه محركات إيجابية، هذه دوافع إيجابية، يجب أن تستفيدي منها تماما.
حاولي أن تنظمي وقتك، ليس من الضروري أن تقضي ساعات طويلة في الدراسة، أبدا، تنظيم الوقت، تحين الأوقات الطيبة كفترة الصباح للدراسة، ممارسة الرياضة مطلوبة، أن تأخذي قسطا كافيا من الراحة، هذا أيضا مطلوب، وهنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، أريدك أن تتدربي عليها، هي ممتازة جدا للقضاء على الانفعالات والقلق والتوتر الزائد.
للتدرب على تمارين الاسترخاء والإلمام بتفاصيلها والتعليمات حول التدرب، تصفحي أحد المواقع على الإنترنت. هنالك طريقة تسمى طريقة جاكبسون للاسترخاء، هي من أفضل الطرق وأسهلها، فأرجو أن تطلعي عليها.
بالنسبة لموضوع حفظ القرآن: جزاك الله خيرا على هذه النية الطيبة الصادقة، وما دامت هذه هو مقصدك فإن شاء الله تعالى تصلي إلى ما تصبو إليه.
بالنسبة للأفكار التي تغزو صلاتك، هي أفكار قلقية، لكن ارتفعي وارتقي بصلاتك إلى مقامات عليا، وذلك بأن تتذكري أن الصلاة هي عماد الدين، وأنك تقفي أمام رب العالمين. الارتقاء بالصلاة يجعل الإنسان أكثر خشوعا وأكثر تركيزا وأكثر انتباها.
لا أعتقد أنك في حاجة لعلاج دوائي. عيشي على الأمل، عيشي على الرجاء، أنت لديك الحمد لله تعالى الأسس القوية والمتميزة من حيث المقدرات المعرفية والقدرة على الاستيعاب، ومستشعرة أيضا أهمية العلم، وهذه سوف تساعدك كثيرا، وحرصك على دينك أيضا إن شاء الله تعالى يأتيك من خلال ذلك خيري الدنيا والآخرة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.
لمعرفة طرق حفظ القرآن راجعي الاستشارات التالية فستجدي فيها الدواء الشافي إن شاء الله( 1415 – 54429 - 1601 )