السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,
بعثت لكم منذ 5 شهور عن موضوع الخوف من الموت، ونصحتموني بتناول عقار (سبرالكس)، وما زلت أتناوله، و-بفضل الله- تحسنت كثيرا من الناحية الجسدية، ولكن ما زال التفكير يؤلمني كثيرا، ومن فترة لأخرى تحدث لي مثل النوبة: بأن يحدث رعشة في جسدي، وتزداد ضربات القلب بشدة، وأحس بأني انتهيت، أحاول دائما شغل وقت فراغي، وهي لا تأتي لي وأنا مشغولة ذهنيا.
أدعو الله تعالى كثيرا جدا، وثقتي فيه بأنه سيستجيب لي بفضله وكرمه، ودائما ما أحلف بأني لن أخاف ثانية، ولن أكون ضعيفة؛ لأني مع الله وأدعوه، ولكن سرعان ما يلازمني الخوف من غير اختيار مني -والله-، أحس أن إرادتي ضعيفة، أو أني لا أتعلم مما حدث.
دائما عندما ينتابني هذا الشعور بالخوف من الموت أسرع إلى الصلاة والدعاء، ويجب أن أدعو، وإن لم أدعو أحس أنه سيحدث لي شيء، وفي كل مرة أقول نفس الدعاء، مع أني أعرف أني لو دعوت أو لم أدع فالذي كتب قد كتب، وأن ربنا إن كان سيستجيب لي فمن 6 سنوات مضت.
أحب الدعاء، ولكن ساعات كثيرة أدعو كثيرا، وأحلف أني لن أخاف وأثق فيه سبحانه، ولكن في النهاية يحصل الذي حصل كل مرة.
تعلمون مدى صعوبة هذا التفكير وسيطرته علي، وهل تكرار الدعاء من الوسواس القهري؟
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ براءة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته/ وبعد،،،
من المفترض الآن أن تبنى لديك قناعات ثابتة وقوية بأن هذا الخوف من الموت الذي يعتريك لا مبرر له أبدا، والخوف من الموت إن كان يسيطر على الناس بهذه الطريقة، لكان كل واحد حضر نفسه للموت، وأصبحت حياة الناس معطلة إلى درجة كبيرة.
إذن يجب أن تبني قناعة تامة أن الشعور بالخوف من الموت من هذا النوع الذي يحدث لك هو ليس بخوف منطقي، ليس بخوف صحيح، هذا ليس بخوف من الموت الحقيقي، هذا خوف وسواسي مرضي، والموت لا يعطي الناس إنذارات، ولا يعطيهم تنبيهات، ولا تأتيهم جرعات من المخاوف بهذه الصورة حين يدنو أجل الناس.
ناقشي الأمور من هذه الزاوية، عسى ذلك أن يفيدك، والدعاء والصلاة هي أمور مطلوبة في جميع الأحيان، والعبد حين يدعو ربه عند الرخاء يجده -إن شاء الله- في وقت الضيق والابتلاء.
لا أعتقد أن تكرار الدعاء هو من الوسواس، بل إن الله يحب الملحين في الدعاء، لكن كوني متعقلة في دعائك، واحرصي على أذكار الصباح والمساء، والدعاء بعد الصلوات، وفي وقت رجاء الإجابة مثل حال السجود، وفي وقت السحر، وبعد منتصف الليل، ويوم الجمعة فيها ساعة يستجيب الله للعبد دعائه.
يجب أن تكون هنالك معقولية في هذه الأمور، وتكون هنالك وسطية، ليس من المفترض أن يتأرجح الإنسان في عبادته، الاستمرارية حتى ولو كانت بالقليل دائما هي الأفضل.
أما بالنسبة للأوضاع العلاجية الأخرى: فأقول لك: إن التحسن الذي طرأ عليك لابد أن يكون شيئا إيجابيا، ويتم استذكاره على هذا النسق، ويكون دافعا وحافزا لك.
جهودك مقدرة جدا بأنك تحاولين أن تملئي فراغك، وأنك تلفتي انتباهك، وتصرفيه إلى أنشطة أخرى، وكما ذكرت أنك حين تكونين مشغولة ذهنيا فهذه المخاوف لا تأتي، وهذا دليل على أنها مخاوف مرضية، وليست مخاوف منطقية.
سيري على هذا النهج، وأنا أرى أنه قد أتى الوقت الذي تصلي فيه إلى قناعة مطلقة أن هذا الخوف خوف مرضي، والخوف المرضي على الإنسان أن يتجاهله، ولا يتبعه، ولا يعيره اهتماما، وهذا أحد طرق إضعاف مثل هذه الأفكار الوسواسية المتسلطة.
بالنسبة للعلاج الدوائي: كما ذكرت لك في المرة السابقة -الاستشارة التي أرسلتها قبل خمسة أشهر- أنك لا تحتاجين لأن ترفعي جرعة السبرالكس أكثر من عشرة مليجرامات، لكن الآن لدي قناعات أنه من الأفضل أن ترفعي جرعة السبرالكس إلى عشرين مليجراما، هذه جرعة صحيحة ومعروفة أنها تساعد أكثر من جرعة العشرة مليجرامات في حالة أن جرعة العشرة مليجرامات لم تستأصل الأعراض.
إذن تناولي السبرالكس يوميا بجرعة عشرين مليجراما لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى عشرة مليجرامات لمدة أربعة أشهر، ثم خمسة مليجرامات يوميا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هذا يعني أننا قد قمنا بزيادة المدة المقررة للعلاج، وهذه ليست زيادة كبيرة أبدا، وأعتقد أنك في حاجة لها.
بالنسبة للخفقان المتسارع والزائد والمزعج: تناول عقار إندرال سوف يكون أيضا مفيدا.
تناولي هذا الدواء بجرعة عشرة مليجرامات صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم اجعليها عشرة مليجرامات صباحا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله.
تمارين الاسترخاء مهمة جدا، خاصة تمارين التنفس البطيء والمتدرج بقوة -شهيق وزفير- مع استرخاء ذهني، هذا يفيدك كثيرا.
ولمزيد الفائدة انظري علاج الخوف من الموت سلوكيا (259342 - 265858 - 230225)
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.