السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
فتاة عمرها 24، عندما يأتيها خاطب في البداية يكون شعورها عاديا، وبعد أيام, وبعد الاستخارة وعندما يقارب الموضوع أن يكون جديا تشعر بضيق, وعدم راحة, وبالتالي ترفض.
خطبت مرتان وحدث لها مثل هذه الحالة, تقول: إن سبب ذلك أنها استخارت, ولم تشعر بالراحة, وأحيانا أخرى تقول: قد يكون السبب نفسيا؛ لأنها لم تجالس الرجال أبدا, فوالدها متوف, ونادرا ما تجالس إخوتها، وإن جالستهم يكون وقتا محددا ساعة أو ساعتين, وبسبب موضوع معين فقط, فحياتها كلها مع المجتمع النسائي, وأحيانا أخرى تقول: بأنها تخشى بأن تنصدم من هذا الرجل, فهي لا تعرفه, ولا تعرف طباعه، وكذلك لديها أهداف وطموح, لم تستطع تحقيقها عند أهلها, وهذه الطموح تنفع الأمة الإسلامية -بإذن الله- فأملها بأن تحققها عندما تتزوج, فتخشى أن يمنعها الرجل من ذلك.
فنأمل بأن تساعدوا هذه الفتاة في حل هذه المشكلة, حتى لا يذهب عمرها, وهي ترفض كل من يأتيها؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنشكرك كثيرا على اهتمامك بأمر هذه الفتاة، وأسأل الله تعالى أن يقيض لها الزوج الصالح والزواج الطيب.
هذه الفتاة من الواضح أنها تعاني من حالة قلقية وسواسية.
الوسواس يؤدي إلى ما نسميه بالقلق التوقعي، حيث يضع الإنسان افتراضات سلبية جدا, ويكون مترددا في اتخاذ القرارات، وتجده دائما يلجأ إلى التشاؤم بصورة نمطية جدا.
من الواضح أن هذه الفتاة حصرت نفسها في هذا النطاق من التفكير الضيق، ولذا وجدت نفسها مترددة لقبول الرجال.
الشعور العادي في بداية الأمر - أي حين يأتيها الخطيب - هو تفاعل إنساني طبيعي في هذه المرحلة، لكن بعد ذلك, بعد أن تراجع نفسها تبدأ الوساوس, وتبدأ عملية التردد.
وحتى مفهومها عن الاستخارة ليس مفهوما صحيحا، وهي تقول أنها استخارت ولم تشعر بالراحة، وأمر الاستخارة هو أن تكون مقدما على أمر وتستخير، بمعنى أن تفوض أمرك إلى الله تعالى إن كان في هذا الأمر خير أن يتمه لك، وإن كان فيه شر أن يصرفه الله عنك, ويجعل لك الخير حيث كان.
مفاهيم الناس خاطئة جدا عن الاستخارة، وأعتقد أن هذه الفتاة, ربما تكون وقعت في شيء من هذا، فأرجو أن توضحوا لها هذا الأمر، ويا حبذا لو جلست مع إحدى الداعيات لتراجع معها أمر الاستخارة.
أعتقد أنها بالمساندة والشرح, وأن تضع شروطا أساسية بسيطة في الزوج، وبعد ذلك لا تهتم لما تبقى، والشروط الأساسية أن يكون رجلا معقولا, صاحب دين, وصاحب خلق، وله وسائل العيش المعقولة، هذا يكفي تماما، أما أن تستكشف في الزوج أشياء لم تكن تتوقعها، فالزوج أيضا يمكن أن يستكشف فيها أشياء لم يكن يتوقعها، وهذه أمور تأتي بوقتها, ويعرف دائما أن السنة الأولى والثانية كذلك في الزواج هما للاستكشاف، وبعد ذلك تأتي سنين الدعم والمؤازرة والمحبة -إن شاء الله تعالى-.
أنا أعتقد أن تصحيح مفاهيمها عن الزواج يعتبر أمرا مهما, وسوف يساعدها.
قضية أنها لم تجالس الرجال فيما مضى، لا أعتقد أن ذلك أمرا سلبيا، البعض قد يرى أن ذلك سببا في تحفظها حول الرجال، لكني لا أرى ذلك.
جزاها الله خيرا فتاة وقورة، مؤدبة، وملمة بحقائق الحياة أن الرجل لا يستغني عن المرأة, والمرأة لا تستغني عن الرجل، وهذا يتم في النطاق الشرعي المعروف، هذه أيضا حقيقة يمكن أن توضح لها على هذا المنوال.
وما دامت تعيش في المجتمع النسائي فيمكن أن تستفيد من النساء المتزوجات، وإذا تحدثت معها امرأة أو امرأتين من النساء المتزوجات عن أهمية الزواج, وعن الحياة الزوجية, وأن الاشتراطات والشروط الشديدة حول الزوج هذه ليس منصوح بها، أعتقد أن ذلك سوف يساعدها.
طموحها حول نفع الأمة الإسلامية: لا أعتقد أنه تفكير مرضي، هذه قد تكون فكرة تراودها, ولكن لا بأس في ذلك، لكن هذا النوع من التفكير يجب أن تحد منه حتى لا يكون عائقا نحو اتخاذ قرارات أخرى.
في بعض الأحيان ننصح باستعمال أدوية مضادة للوساوس والقلق، ومنها عقار ممتاز جدا يعرف تجاريا باسم (فافرين), ويعرف علميا باسم (فلوفكسمين) هذا يساعد في مثل هذه الحالات، لكن لا أعرف إن كانت هذه الفتاة سوف تقبل به أم لا.
جرعة الفافرين في مثل حالتها جرعة صغيرة جدا، وهي أن تبدأ بخمسين ملجيراما، تتناولها ليلا بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك ترفعها إلى مائة مليجرام ليلا, وتستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى خمسين مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
سيكون من الجميل أيضا لهذه الفتاة أن تطلع على بعض الكتب الإرشادية الأسرية، هذه -إن شاء الله تعالى- سوغ تفيدها.
ساعدوها أيضا في أن تكون لها أنشطة اجتماعية, وتذهب إلى أماكن تحفيظ القرآن, وتتواصل مع المجتمع النسائي الذي تستفيد من خبرتها، وتجد -إن شاء الله تعالى- فيه النماذج والقدوة الطيبة التي يمكن أن تقتدي بها.
وانظري مشكلة الضيق عند تقدم خاطب:(2110548).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.