السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أولا أن أشكركم على هذا الموقع المميز, بارك الله فيكم, وفي جهودكم الخيرة, وجزاكم عنا كل خير.
أنا أعاني من رهاب اجتماعي من الفشل في الحديث, أو التعبير عن نفسي في المقابلات الشخصية, أو في اجتماعات العمل, أو الحديث أمام الناس عن موضوع معين، وتظهر أعراض الرهاب, منها ما هو ملحوظ, مثل: احمرار الوجه، والتأتأة في الكلام ,ورجفة خفيفة في اليدين، ومنها ما هو داخلي, مثل: دقات القلب الخفيفة، أو مغص في المعدة لا أدري ما سببه؟
أرجو إفادتي عن سبب هذا المغص في أعلى المعدة, هل هذا بسبب القولون العصبي أم ماذا؟
وما الدواء المناسب للقولون العصبي إذا كنت أعاني منه؟
كما أريد أن أسأل عن الدواء أيهما أفضل لعلاج مثل هذه الحالة بشكل فوري الاندرال، أو دواء كندي اسمه (i stress eas)؟
كما أريد أن أسأل ما الفرق بين انديكاردين واندرال؟ وأيهما أفضل لحالتي؟ كما قرأت في النت أن هناك أدوية مثل: (rescue remedy) أو حشيشة القلب وهي أدوية عشبية ما رأيك بها؟
وهل تستدعي حالتي الذهاب إلى طبيب نفسي؟
بارك الله فيكم, أنتظر الإجابة بفارغ الصبر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ above moon حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إن القلق أو الرهاب الاجتماعي يعطي الإنسان فعلا الشعور أن مقدراته محصورة, وأنه أضعف من الآخرين, وأنه سوف يفقد السيطرة في الموقف عند المواجهة، والبعض يأتيه الشعور بأنه سوف يسقط أرضا، أو أنه مثار الاستهزاء, والاستخفاف من قبل الآخرين.
الذي يعاني أيضا من الرهاب الاجتماعي يستشعر الأعراض الفسيولوجية بصورة واضحة، وهذه تظهر في شكل شعور بالتلعثم، واحمرار في الوجه -كما ذكرت- وربما رعشة, وتسارع في ضربات القلب، أو التعرق.
هذه التغيرات الفسيولوجية هي موجودة حقيقة، لكن الإنسان يحس بها بشكل مبالغ فيه، لذا نحن دائما نطمئن الأخوة الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي أن مشاعرهم ليست كلها حقيقة، وأنهم ليسوا تحت الرقابة من قبل الآخرين, هذه تجربة إنسانية داخلية خاصة بالشخص نفسه، حتى ما يعتبره البعض تلعثما في الكلام فهذا ليس صحيحا.
من أجمل ما اطلعت عليه أن أحد العلماء السلوكيين قام بتصوير حوالي عشرين حالة من الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي، ثم قام بتعريضهم لمواقف اجتماعية شديدة، وفي نفس الوقت قام بتصويرهم دون أن يعلموا، وحين عرض عليهم صور الفيديو التي قام بها اتضح أن مستوى أعراضهم التي كانوا يشعرون بها ليست مطابقة أبدا للواقع، كان أداؤهم أفضل كثيرا مما يتصورون، فمن ظن أنه يرتعش في المواقف الاجتماعية فهذا لا وجود له، ومن كان يعتقد أنه يتلعثم كان اعتقاده غير صحيح، وهكذا.
إذن هذه التجربة العلمية يجب أن تكون مطمئنة أنك غير مفضوح أمام الآخرين، لا أحد يراقبك, هذه مهمة جدا.
نقطة أخرى مهمة وهي: أن الرهاب الاجتماعي ليس دليلا على ضعف الشخصية, أو على ضعف الإيمان، هي تجربة مكتسبة, قد تكون من مرحلة الطفولة، أو قد يكون الإنسان لديه استعداد, أو هشاشة نفسية بسيطة, ولذا تظهر هذه الأعراض.
أعراض القولون العصبي هي أعراض دائما سببها القلق، والرهاب الاجتماعي أصلا هو نوع من القلق، فالأعراض النفسوجسدية التي تعاني منها هي أعراض مفهومة ومفسرة.
بالنسبة للعلاج: أولا كما تلاحظ حاولت أن أوضح لك طبيعة هذه المخاوف، والتفاعلات المصاحبة لها، والمبالغة في الشعور, هذا مهم جدا لأن تفهمه فهما دقيقا, وتقتنع به؛ لأن ذلك سوف يجعلك لا تهتم بهذه الأعراض كثيرا.
ثانيا: العلاج بالتجاهل هو علاج مهم.
ثالثا: أريدك أن تعرض نفسك للمواقف الاجتماعية، لا تتجنبها أبدا, هنالك نوع من التعريض الإيجابي جدا, مثل: ممارسة الرياضة الجماعية، الصلاة في المسجد مع الجماعة في الصف الأول، الانضمام لحلقات التلاوة, ومراكز التحفيظ، الانخراط في الأنشطة الثقافية, والاجتماعية, هذه كلها أنواع من التفاعلات الاجتماعية المفيدة جدا, والإيجابية والتي تعالج الرهاب الاجتماعي في نفس الوقت.
هنالك أيضا حقيقة مهمة جدا وهي: كل من تقابله، كل من تتفاعل معه من الناس عامله بكل تقدير واحترام، لكن لا تجعله في مقام أعلى من نفسك، فأنت مثله، هو بشر وأنت بشر، ويجب أن لا يتعدى التفكير أكثر من ذلك.
بالنسبة للعلاج الدوائي: العلاج الدوائي مفيد, وهو مطلوب, وسوف يريحك -إن شاء الله- كثيرا، وأفضل دواء لعلاج حالتك هو عقار (زولفت), هذا اسمه التجاري, ويعرف تجاريا أيضا باسم (لسترال) , ويعرف علميا باسم (سيرترالين).
حشيشة القلب ليست ذات فعالية حقيقية في علاج الرهاب الاجتماعي، هي تساعد قليلا في علاج القلق والاكتئاب البسيط.
سؤالك حول الـ (انديكاردين) و(الإندرال)؟ أقول لك هما نفس المركب، والمكون العلمي هو بروبرانلول، فقط إندرال اشتهر لأن تصنيعه تم عن طريق الشركة الأم صاحبة براءة الاختراع، لكن الدوائين سيان.
أرجع مرة أخرى وأتحدث عن الزولفت: أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة، تناولها ليلا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة ليلا لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء, هو دواء سليم وفاعل، والجرعة التي وصفناها لك صغيرة، تناول الدواء بعد الأكل، ويجب أن تلتزم تماما بالجرعة في وقتها.
تطبيق تمارين الاسترخاء أيضا سوف يفيدك، فأرجو أن تحرص على ذلك.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.