السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب خاطب لبنت تقل عني بسنتين من العمر، حدثتني عنها زميلتي في العمل، قالت لي إنها حافظة لكتاب الله، وإنها متدينة, تحمست لرؤيتها.
بعد أسابيع التقيت بها وصحبت أخاها للقيام بالرؤية الشرعية, أعجبتني، وبعد أيام جاءتني زميلتي بالخبر المفرح, قالت لي إنها ترغب في الارتباط بي، مرت الأيام وتتالت, أصبحنا نتراسل عبر الإنترنت، وتزايدت مكالماتنا الهاتفية حتى أصبحت مدمنا، ولا أستطيع التخلي عنها.
جاءتني يوما لتعلمني أننا لا نستطيع القيام بالخطبة لأن أباها رافض للموضوع، لكنها وعدتني أن الأمر سيتم إثر حفلة تخرجها وكان الأمر كذلك.
بعد الخطبة تمادينا في الاتصال ببعضنا وأصبحنا نخرج إلى المقاهي وأماكن الترفيه، أصبحت موسوسا وأسيء الظن بها, خاصة عندما لاحظت أنها تعرف جيدا تلك الأماكن التي كنت أجهلها تماما.
بعد فترة من الزمن لاحظت أنها أصبحت لا ترغب في الاتصال بي، ألقيت عليها اللوم لكنها تمادت في لامبالاتها، وأعلمتني أنها لا تطيق الاتصال بي لأنني لا أثق بها وأشك فيها.
طلبت منها أن نحكم شرع الله بيننا، وكنت مستعدا أشد الاستعداد للقيام بذلك خاصة بعد التعب والشقاء الذي ارتابني طيلة تلك الفترة المريرة التي مضت في معية الله.
جاء رمضان والتزمت بحكم الله ولله الحمد، زرتها في عيد الفطر لاحظت أنها كانت متضايقة قليلا، لم أجد والدها هناك, قالوا لي بأنه ذهب إلى عقد قران أحد الأقارب, بعد أسبوعين تقريبا هاتفت أمي والدتها لتعلمها بأنا نريد استضافتهم في منزلنا، وأعلمتها بأن أبي سيتصل بزوجها ليحددان معا تاريخ الزيارة.
بعد لحظات أرسلت لي خطيبتي رسالة مكتوبة تطلب مني فيها عدم اتصال والدي بوالدها, وكان الأمر كذلك، بعد يومين أعلمت والدتها أمي بأنهم لا يستطيعون القدوم، بعد أيام أعلمتني خطيبتي أنه لا يمكننا التقابل في منزلهم بسبب أبيها الذي هو في خلاف معهم جميعا، وطلبت مني بأن نتقابل خارج المنزل! ضاق صدري لأني لا أرغب في الرجوع إلى الوراء.
أرجو من فضيلتكم نصحي وإرشادي وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Nebil حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يمن عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة، وأن يذهب عنك هذه الشكوك وتلك الوسواس وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة.
بخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل - فإن قضية موافقة والد خطيبتك على دخولك البيت وعلى الارتباط شرط أساسي في صحة العقد وصحة الارتباط، لأنك تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) وكون الأخت تطلب منك أن تلتقيا خارج المنزل لأن والدها على خلاف معهم، أرى أن هذه ليست حجة وليست مبررا، وإن كنت أنا أرى حقيقة أن الذي ورد في رسالتك من جرأة الأخت وتصرفاتها وشكوكك فيها أعتقد أن هذه المسائل لن تتركك حتى وإن تزوجتها بعد ذلك، لأنك بدأت تشك في تصرفاتها وفي هذه الأماكن التي تعرفها، وأصبحت في نظرك امرأة ليست إنسانة عادية حافظة للقرآن الكريم بقدر ما هي فاهمة ومدركة لهذه الأمور التي تجهل الكثير منها.
هذه الشكوك أخي الكريم (نبيل) قد لا تفارقك إلى فترة طويلة من الزمن، إن لم أقل قد لا تفارقك أبدا، ولذلك أنا أرى أن تضع النقاط على الحروف، وأن تصر على مقابلة والدها، فإذا رفضك والدها فاعتبر الموضوع انتهي وابحث عن غيرها، ولعل الله أن يمن عليك بأفضل منها.
أما إذا قابلت والدها وتكلمت معه وأخذت منه (كلمة رجل) على إنهاء إجراء الزواج فيبقى الأمر بالنسبة لك أنت، هل أنت فعلا هذه النقاط التي أخذتها على خطيبتك تستطيع أن تتخلى عنها وأن لا تسبب لك إزعاجا في المستقبل أم أنك من النوع الذي لا يمكن أن ينسى هذه الأشياء؟
مما لا شك فيه أن هذه الجراح حقيقة من الجراح التي لا تندمل أبدا، ولا تبرأ أخي (نبيل)، ولكن بعض الناس قد يتغلب عليها وقد يصبر عليها، وقد يتغاضى عنها، وبعض الناس لا يتحملها، فأنا أقول: انظر في حال نفسك، إذا كنت رجلا حساسا وهذه المسائل ستظل تقض مضجعك وسوف تمر بخاطرك ما بين الفينة والفينة، وبين وقت وآخر، فأرى من الآن أن تضع حدا لذلك وأن تترك الموضوع كله بحجة أن والدها لم يوافق على الموضوع.
أما إذا كان بمقدورك أن تتجاوز هذه العقبات وأن تتخطى تلك السلبيات فأرى بارك الله فيك أن تصر على مقابلة والدها، وإنهاء الموضوع معه، فإذا ما تيسر ذلك فهذه إرادة الله تعالى، ولعلك عندما تتزوجها وتصبح في بيتك تنسى هذه المسائل، خاصة وأنك تستطيع أن تتحكم في تصرفاتها لأنها ستكون في بيتك، وقطعا تعلم أن طاعتك واجبة عليها.
بخصوص عدم اتصالها بك وعدم كلامها معك أو عدم مبالاتها لك أو لمشاعرك، هذه كلها بسبب طول المدة في مسألة الخطبة، وكذلك أيضا لشعورها بأنك تشك فيها أدى إلى نوع من الفتور العاطفي تجاهها، إلا أن هذه المسائل من الممكن التغلب عليها لو تم الاتفاق حول هذه المسائل.
أرى بارك الله فيك أن تنظر في المسألة من نقطتين: النقطة الأولى كما ذكرت: هل تستطيع أن تتجاوز هذه السلبيات التي بدأت تؤلمك وأدت بك إلى الشك فيها؟
الأمر الثاني: أن تصر على موضوع موافقة والدها، وأن تنهي الموضوع معه، ولا تخرج معها خارج المنزل ولا غيره، وإنما تقطع الأمر مع صاحبه، فإن قبل بك فبها ونعمت، وإن لم يقبل بك فقل سلام عليكم لا حجة بيننا وبينكم، وبذلك تنتهي المسألة بإذن الله تعالى.
أرى أن لا تتعجل، وأرى أن تأخذ الأمور بحكمة وروية، وأن تعلم أن هذه الأشياء التي حدثت خلال فترة الخطوبة بلا شك لأنها من المعاصي فلها شؤم، ولعل عدم التوفيق هذا أو الوسوسة أو الشك إنما هو شؤم هذه المعصية، لأنك تعرف بأن المرأة المخطوبة لا يحق لك أبدا أن تتوسع معها بهذه الصورة أخي الكريم (نبيل) لأن هذا خلاف شرع الله تعالى، فالخطبة عبارة عن وعد بالزواج وليست زواجا، ولا يحل لها أن تتكلم معك، ولا تخرج معك إلى المقاهي والأماكن العامة، كل ذلك أخي الكريم مخالف للشرع إذا كان مجرد خطبة فقط، أما كنت تقصد بالخطبة العقد الشرعي (كتب الكتاب) فهي زوجتك والذي فعلته حلال ولا شيء في ذلك، ولكن كما ذكرت لك أتمنى أن تنظر في هاتين النقطتين لأنهما أهم شيء في استشارتك:
النقطة الأولى: نفسيتك بعد الارتباط بها وهذا الماضي، وهل لديك استعداد على أن تتخلص من آثاره وأن تتخطاه أم أنك من النوع الذي لا يسهل بسهولة؟
النقطة الثانية: إصرارك على مقابلة والدها وإنهاء الموضوع معه سلبا أو إيجابا، إن انتهيت من هاتين النقطتين أعتقد أن الأمور ستكون سهلة ميسورة بإذن الله.
أسأل الله تعالى أن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يمن عليك بالزوجة الصالحة الطيبة المباركة، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.