أفقد حنان أمي فألجأ لمعلمتي!

1 968

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا بنت عمري 19 سنة، عندما ولدتني أمي كان معي توأم أتوقع أنه ولد، المهم أمي ولدتني في الشهر السابع، لكن توأمي توفي، وأنا الآن أفكر فيه أغلب الوقت، وأحس أنه عايش لكنه بعيد عني، وأحس أن هذه ليست أمي، أحسها تبنتني حتى أن تعاملها معي مختلف عن أخواتي الباقيات، تعاملني كأني شغالة عندها، وبعض الأحيان إذا قالت يا الله اعملي كذا، وانتبهي لإخوانك، فأجيب وأرد عليها وأعاندها لدرجة أنها تهددني، وتقول سآخذ عليك الجوال واللابتوب وأفصل النت، أشعر أنها لا تحب أن تراني سعيدة، لازم تأتي تخرب علي في أي شيء، حتى لما نجحت في الثانوية بنسبة واحد وتسعين، لم يعجبها! تذهب وتقول لأخواتي تعالوا ننظر من أعلى واحدة أتت نسبة عالية فهي الذكية، وتقارن بيني وبينهم، ولما أقول لأبي لماذا أنا؟ تقول عني: أنت عنيدة.

والله لدرجة بعض الأحيان أفكر أهرب من البيت، ودائما أفكر في إحدى معلماتي في الثانوية -الله يذكرها بالخير- أحسها أمي على طيبتها وضحكتها معي، وتعطيني اعتبارا وأهمية، والله إني لما أتعب أفكر أذهب عندها، أريد أن أقول لها أن تحضني من أجل أن أحس بحنان الأم الذي عمري ما أحسست فيه إلا منها، وبعض الأحيان أفكر أن أمي توفيت.

أحس أني أطلت عليكم في الكلام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ remo حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأنا أقدر تماما ما ورد في رسالتك وعدم الارتياح الذي يشوب مشاعرك، خاصة في التعامل مع أسرتك ومع والدتك على وجه الخصوص.

أريد أن أوضح لك حقائق مهمة جدا، وهي أن ارتباطك بتوأمك هو ارتباط طبيعي جدا، والسبب في ذلك هو الفضول: أنت كنت تودين أن تريه وأن يكون له اسم، ما هو شكله؟ كيف سوف تكون طباعه؟ هذه مشاعر عادية جدأ، لكن اعرفي أنه قد توفي إلى رحمة الله، وإن شاء الله يكون فرطا لوالديه.

وهنالك حقيقة علمية أيضا: أن ولادة التوأم كثيرا ما تكون مبكرة، وحين تكون هذه الولادة في الشهر السابع غالبا أحد التوأمين لن يعيش، وها نحن نرى الآن أنك الحمد لله بخير وعلى وخير وقدر لأخيك أن يتوفاه الله، فأرجو أن تتعاملي مع هذا الأمر على هذا النسق، وتقبليه إن شاء الله تعالى.

فالاستحواذ الفكري الذي يمر بك حيال الولادة وما حدث وموضوع التوأم هي مشاعر عادية جدا، وبمرور الزمن إن شاء الله سوف يتم تخطيها.

الأمر الآخر: أنت من الظاهر أنك حساسة جدا، وكتوأم لابد أنك قد نشأت في ظروف فيها الكثير من الأريحية وأعطيت الاهتمام التام حين كنت صغيرة، هذا أمر طبيعي جدا، لأن التوأم دائما يعتبر ضعيفا خاصة أنك قد ولدت في حمل سبعة أشهر، وربما يكون اهتمام والدتك الشديد بك في تلك الفترة جعلك تكونين أكثر التصاقا بها، ومن ثم حين رأت الوالدة أنك بخير وأنه قد قوي عودك ولست في حاجة لكل الإيثار والاهتمام الشديد، هنا بدأ هذا الوضع -وعلى مستوى اللاشعوري- غير مريح بالنسبة لك.

أنا حقيقة أثمن كثيرا على هذه النظرية وهي أننا نحن كآباء وأمهات نحب أبناءنا حبا جبليا وغريزيا وفطريا، ولكن في بعض الأحيان ربما تتفاوت مشاعرنا وتختلف مناهجنا التربوية، وهذا قد يفسره الأبناء تفسيرا غير صحيح.

الذي أريد أن أصل إليه هو أن والدتك لا تكرهك أبدا، والدتك تحبك حبا جما، هذه الفكرة الوسواسية كأنك متبناة يجب أن لا تجد مدخلا إلى نفسك أبدا، والدتك حين تقول لك انتبهي لإخوانك هذه رسالة عظيمة من الأم، هي تثق في مقدراتك، وربما تكون لاحظت صفاتك وسماتك القيادية، كما أن البنت خاصة في مثل عمرك يمكن أن تكون راعية تماما لإخوانها وأخواتها الأصغر منها، فأرجو أن تغيري مفاهيمك حول علاقتك بوالدتك.

وموضوع العناد حتى وإن وجد لديك أو حتى إن اتهمك والدك أو والدتك بأنك معاندة، هذا يحدث في كثير من البيوت، وأنا أقول لك أيتها الفاضلة الكريمة: إن درجة معقولة من العناد مطلوبة، لأن العناد أيضا يقوي الشخصية، وهذا نحن نقبله من الناحية التربوية، لكن يجب أن لا يكون العناد الشديد أو ما يسمى بالعناد الشارد، هذا يؤدي إلى كثير من التفاعلات والانفعالات والفورات النفسية السلبية التي قد تسيء علاقة الأسر.

أمرك طبيعي جدا، وأنا أريدك أن تغيري مشاعرك، وأريدك أن تتقربي إلى والدتك أكثر، تلاطفي معها، كوني مشاركة في رعاية إخوتك، قدمي مساهمات إيجابية لتكون أسرتك أسرة فعالة وأسرة متماسكة وأسرة قوية، وأنا مطمئن تماما عليك من الناحية الأكاديمية، ولا شك أيضا أنك حريصة على دينك، وأنت تعرفين مقام بر الوالدين، هذا -إن شاء الله تعالى- يعطيك دفعات إيجابية كثيرة.

ولا بد من جلسة مصارحة تجلسينها مع أمك، تخيري فيها الوقت المناسب، والمكان المناسب، والحالة المناسبة، جلسة تذكرين لأمك شعورك الذي تجدينه، وتتفهمين منها سبب ذلك، وتبدين لها مدى حبك وتقديرك لها، وما الذي دعاها لذلك، ثم تبدئين صفحة جديدة تغيرين من خلالها المفاهيم لديك.

هذه الكلمة "أنك تودين أن تحسي بحنان الأم" أنا أقدر مشاعرك في هذه المرحلة، وأؤكد لك مرة أخرى أن والدتك تحبك حبا شديدا، هذا أمر لا أشك فيه مطلقا، وهي تريد أن تراك إن شاء الله أفضل زوجة وتحب أن تراك أفضل متعلمة، فأرجو أن تتخلصي من هذه المشاعر السالبة، واجتهدي في دراستك، وكوني منجزة.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات