السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أسال الله العظيم أن يبارك في جهودكم ويجزيكم عليها خير الجزاء.
تعبت منذ قرابة التسعة أشهر تقريبا، أصابتني رجفة في جسمي بعد استيقاظي لصلاة الليل، وأغمي علي ثم أفقت ولله الحمد، وخفت خوفا شديد ( علما أنه كان لدي عمل في الصباح مهم جدا، وهو شرح درس أمام مجموعة كبيرة من المعلمات والمشرفات) بعد الفجر ذهبت للمستشفى، وتبين أني أعاني من جرثومة المعدة أخذت العلاج، وتناولته لكن الخوف ظل مسيطرا علي بعد فترة، ذهبت وأجريت تحليلا، وقال إن الجرثومة -الحمد لله- زالت بالرغم أنه لم يكن معي ألم في البطن نهائيا، فقط إغماء ورجفة في الجسم، وانتهى بلحظتها لكن ظلت آثار شدة الخوف.
وبعد قرابة الثلاثة الأشهر شعرت بالرجفة من جديد بدون إغماء واستمرت حتى رمضان بشكل متقطع، ذهبت في رمضان للطبيب قال ضعف عام وقولون أعطاني علاجا تناولته مدة ثم تركته لأني لم أقتنع بالتشخيص، وبدأ معي إسهال بعد الأكل، وعدم تقبل للأكل وأصبحت أخاف من القيام من سريري، وأخاف من الوحدة، ثم بدأ معي تسارع بضربات القلب ورجفة داخلية، أجريت تحليلا عند طبيب آخر، وذكر أنه قولون عصبي بسبب الضغط والخوف. أيضا لم أقتنع، وأصبحت أتنقل بين الأطباء، والجميع بعد التحليل يقول كل شيء ولله الحمد سليم.
حالتي الآن متعبه وأشعر أن الأمر نفسي خاصة أن هناك كوابيس ووسوسة شيطانية على أذني تخيفني من الموت ومن الأمراض الخطيرة، أصبحت أقرأ بالنت عن الأمراض الخبيثة، وأشعر أنها تصيبني، والآن أشعر بكتفي اليسار مع وخز تحت الإبط من جهة القلب، وعملت تخطيط قلب وقالوا سليم.
الآن تنتابني بعض الأعراض التي تشبه الخوف من رجفة ودوار بين الفترة والأخرى ثم أقول هذه النهاية.
ومما زاد مخاوفي أني أكتب أعراضي، وأبحث ثم أجد البعض يقول سرطان القولون، وآخر يقول يدل على قرب الأجل، فأشعر بخوف، وقد طلب الطبيب تحليل براز، وقمت بالتحليل أثناء الدورة، فقالوا إن هناك دما خفيا فزاد خوفي، وأخبرته أختي بوجود الدورة فطلب إعادة التحليل بعده، وفعلا أجريته، وظهرت النتيجة عدم وجود دم خفي، لكن لازالت خائفة أقول ربما التحليل الأول هو الصحيح، ودائما أود أن أعمل تحليلا.
أنفقت أموالا كثيرة على التحليل، والمستشفى، ولم أر تحسنا يذكر.
أثناء بحثي المستمر وجدت موقعكم، فاستبشرت خيرا مما وجدته بالردود، فأحببت مشاركتكم واطلاعكم على أمري.
هل تراني أعاني فعلا من القولون بالرغم أني غير عصبية لكني إنسانة كتومة، لا أتحدث عما يصيبني مع أحد، وأصارع حزني وحدي كثيرة التفكير بالمستقبل خاصة أني لم أتزوج بعد؟ وهل لدي أعراض القولون أم هذه توهمات، ولازال الإسهال معي؟ خاصة وقت الاستيقاظ ثم يتوقف، وهل لدي وسواس؟
جزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راجية عفو ربها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن رسالتك رسالة معبرة ودقيقة وهي واضحة جدا، وأنت أعطيتنا ما نسميه بالصورة الإكلينيكية المثالية لقلق المخاوف، ونجد الذين يعانون مثل حالتك يتنقلون من طبيب إلى آخر، تبدأ الأعراض بدايات بسيطة، يتم تفسيرها من الأطباء كل حسب تخصصه، فهذا قال لك إنك تعانين من جرثومة في المعدة، وآخر قال لك إنه إرهاق وتعب وقولون عصبي، وهكذا.
هذه الحقيقة كلها تدور في دائرة ما نسميه الحالات النفسوجسدية، فأنت تعانين أيتها الفاضلة الكريمة من حالة قلق نفسي، هذا القلق له تشعبات وجزئيات بسيطة تتمثل في المخاوف، تتمثل في الوساوس، ولا أقول التوهم المرضي، إنما نسميه بالمراء المرضي، أي أن الإنسان حين تأتيه الأعراض الفسيولوجية يبدأ في تفسيرها بما هو أسوأ، وبما أن الأمراض السيئة كثرت في هذا الزمان فأصبح الناس يوسوسون حولها.
حالتك إذن هي حالة نفسية، والحمد لله تعالى أنت لديك قناعة بذلك، وأنا لا أقول لك إنه مرض نفسي، إنما هي ظاهرة نفسية يمكن إن شاء الله تعالى التخلص منها.
الوسوسة الشيطانية حول الموت هي جزء من حالة الخوف القلقي الذي تعانين منه.
أود أن أنصحك بأمور معينة: أولا أنت الحمد لله من الواضح أنك بخير.
ثانيا: أرجو أن لا تترددي بين الأطباء.
ثالثا: سوف تستفيدين كثيرا من العلاج النفسي. هنالك دواء يعرف تجاريا باسم (سبرالكس) ويعرف علميا باسم (إستالوبرام) يعتبر هو الأفضل لعلاج مثل حالتك.
أرجو أن تبدئي في تناول هذا الدواء بجرعة خمسة مليجرام - أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام - تناوليها يوميا بعد الأكل لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ارفعيها إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم اجعليها عشرين مليجراما يوميا كجرعة واحدة، استمري على هذه الجرعة لمدة شهرين، وهذه هي الجرعة العلاجية، بعدها انتقلي إلى الجرعة الوقائية وهي أن تتناولي السبرالكس بجرعة عشرة مليجرام يوميا لمدة خمسة أشهر، ثم خففي الجرعة إلى خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
وهنالك دواء آخر مساعد بسيط يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول) ويسمى علميا باسم (فلوبنتكسول) أريدك أن تتناوليه بجرعة حبة واحدة في الصباح، وقوة الحبة هي نصف مليجرام، تناوليها يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقفي عن تناوله.
إذن السبرالكس هو العلاج الرئيسي من حيث العلاج الدوائي، ويعتبر الفلوناكسول هو العلاج المساند. هذه الأدوية سليمة، فاعلة، بسيطة، ولا تحتاج لوصفات طبية في معظم الدول، يمكن الحصول عليها من الصيدلية مباشرة.
أنا أؤكد لك سلامة الدواء، وأؤكد لك أنك في حاجة إليه، وإن شاء الله تعالى بعد شهرين من بداية العلاج سوف تحسين بتغيرات كثيرة جدا، تغيرات إيجابية: سوف تحسين إن شاء الله بالاسترخاء، سوف تقل المخاوف والوساوس، ونسأل الله تعالى أن يشرح صدرك وأن تكوني على أفضل ما يكون.
من الضروري جدا الالتزام التام بتناول الدواء في وقته، وبالجرعة المطلوبة، وبالمدة التي حددناها، هذه هي المعايير الرئيسية لنجاح العلاج الدوائي.
أريدك أن تطبقي تمارين الاسترخاء، وهذه ننصح بها كثيرا لأنها مفيدة، تصفحي أحد المواقع على الإنترنت التي توضح لك كيفية ممارسة هذه التمارين.
فيما ذكر أنه قولون عصبي: أقول لك نعم لديك بعض أعراض القولون العصبي، وهي منتشرة جدا، وأعراض القولون العصبي في معظمها ناشئة من القلق، هذا القلق قد يكون قلقا مقنعا، قد يكون قلقا بسيطا وليس أكثر من ذلك.
تناول الدواء، وممارسة تمارين الاسترخاء، ولو استصحبت ذلك أيضا بتمارين رياضية تناسب الفتاة المسلمة أعتقد أن ذلك سوف يكون أمرا مفيدا جدا بالنسبة لك.
أريدك أن تكوني فطنة وحاذقة في إدارة وقتك بصورة صحيحة، وأن تكوني فعالة في وظيفتك، وأن تطوري نفسك، ومن حيث الزواج سلي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح.
هذا هو الذي أود أن أذكره لك، وبالنسبة لسؤالك: هل لديك وساوس؟ أقول لك: نعم لديك درجة بسيطة من الوساوس، وكما شرحت لك مسبقا فهي جزئية من جزئيات القلق وليس أكثر من ذلك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.