السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب جامعي، وعمري 20 سنة، أعاني من أفكار سلبية أو تشاؤم بالمستقبل، مثل أن يكون لدي بحث سوف أسلمه للجامعة، فأتوقع أن هذا البحث لن يحوز على رضا دكتور الجامعة، وأتوقع دائما أن الأمور سوف تكون سيئة، والسبب وراء ذلك هو أنني دائما أتوقع الأمور السيئة، بحيث أنها إذا كانت سيئة فهذا ما توقعته، ولا أحزن، وإذا أتت بعكس التوقع، وإن كانت جيدة أفرح لما سيأتيني.
ومع مرور الوقت أصبحت دائما أخاف، وأشكك في نفسي، أي أنني لو حللت واجبا مثلا أجلس أفكر كثيرا في بعض الأمور الصغيرة مثل هل أكتب الواجب باللون الأسود أم الأحمر، هل أكتب الواجب بالكمبيوتر أم باليد، هل أرسله بالإيميل إلى الجامعة أم أطبعه ورقيا .... إلخ).
أشكركم على فتح المجال للأسئلة، وأتمنى إيجاد الحل الأمثل للقضاء على مشكلتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عزاز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأنت حقيقة أصبت بما أسميته بالسلبية لأنك تعتقد أنك إنسان سلبي، وهذا هو لب المشكلة، فقد سيطر عليك ما نسميه بالفكر المعرفي السلبي بدرجة استحواذية، ومن الواضح أيضا أنه لديك جوانب وسواسية واضحة جدا، وفي الجزء الثاني من رسالتك أوضحت ذلك بكل جلاء، فقد ذكرت مثلا: هل أكتب الواجب باللون الأسود أم الأحمر؟ .. هذا النوع من التفاصيل يدل على النمط الوسواسي في التفكير، والوساوس كثيرا ما تدفع الإنسان دفعا نحو الفكر السلبي.
إذن هذا هو تشخيص حالتك، والعلاج يتمثل في الآتي:
- يجب أن تقتلع الفكر السلبي، الفكر السلبي فكر مكتسب، ليس أمرا غريزيا أو وراثيا أو جبليا، هو أمر مكتسب ولا شك في ذلك، والإنسان يقتلعه بأن يعزز التفكير الإيجابي، انظر إلى نفسك بإيجابية وللعالم من حولك ولماضيك وحاضرك ومستقبلك، هذه مهمة جدا، فكل فكرة سلبية تشاؤمية يجب أن تستبدلها بفكرة إيجابية مقابلة، وتردد وتكرر هذه الفكرة الإيجابية، مثلا أنت حين تتشائم حول المستقبل، فالإجابة واضحة جدا: (المستقبل بيد الله تعالى، وأنا الحمد لله تعالى لدي الكثير من السبل التي تجعلني أعيش مستقبلا سعيدا، هذا يتطلب مني أن أبذل المزيد من الجهد في دراستي وأن أطور من مهارتي وأن أزود نفسي بسلاحي الدين والعلم) انتهى الأمر على هذا.
أن تعزز هذا النوع من الفكرة، هذا مثال بسيط جدا، فكر تشاؤمي يقابله فكر إيجابي، وتحاول أن تعزز الفكر الإيجابي، وهذه ليست خديعة للنفس، هذا تغيير معرفي إيجابي. كثير من الناس يغلق على نفسه في ظلامية الفكر السلبي لأنه لم يفكر فيما هو إيجابي. هذا مهم جدا وضروري جدا، وهي طريقة العلاج الأساسية.
- الجانب السلوكي الآخر هو أن تقوم بتطبيقات عملية في حياتك، وذلك من خلال حسن إدارة الوقت، أن تكون منجزا، ضع لنفسك واجبات ومهمات حتى وإن كانت صغيرة، توزع ذلك على اليوم بصورة واضحة، وفي نهاية الأمر تأتي وتجرد وتحاسب نفسك: ما الذي أنجزته وما الذي أخفقت فيه؟ .. وفي المرة التالية تحاول أن تحسن، إذن التطبيقات العملية تفيد الإنسان.
- هنالك أمور تشعر الإنسان بالرضى: بر الوالدين له أثر إيجابي جدا وعائد كبير على النفس، زيارة المرضى لها فائدة عظيمة، الإحسان إلى الأصدقاء، صلة الارحام، ممارسة الرياضة وجدت أيضا ذات فائدة عظيمة جدا، الانخراط في العمل الخيري، والنشاطات الثقافية... هذه كلها تجعلك تحس بكينونة نفسك، وهنا ومن خلال ذلك سوف تقيم نفسك التقييم الإيجابي، وهذا يجعلك تفهم نفسك بصورة أفضل مما يجعلك تطورها أيضا بصورة أفضل.
- أنصحك كثيرا بمزاملة ومرافقة الصالحين والطيبين والمتميزين، الإنسان يحتاج للنموذج وللقدوة الحسنة دائما، هذا فيه دفع نفسي إيجابي وسلوكي كبير جدا، فكن حريصا على ذلك.
بالنسبة للأفكار الوسواسية الترددية: حاول أن تتخلص منها من خلال الاستخارة حتى في أبسط الأمور، الاستخارة مفيدة جدا، وقد ورد عن سيدنا جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، فإذن الاستخارة ذات عائد عظيم للقضاء على الترددات الوسواسية وعدم التأكد مما يريد الإنسان أن يقوم به.
أريد أن أنصحك بتناول دواء بسيط جدا، وهو عقار فافرين، هذا الدواء جيد جدا للقضاء على الفكر الوسواسي السلبي وتحسين مزاجك، وأنت تحتاج لجرعة صغيرة جدا، وهي 50 مليجراما ليلا، وهذه أقل جرعة، تناولها بعد الأكل لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها 50 مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والتوفيق والسداد.