ابني يخاف ويقلق كثيرا وخاصة في الليل، فهل هذا مرض نفسي؟ وما علاجه؟

1 656

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندي طفل عمره 10 سنوات، هذا الطفل نشأ في أسرة متدينة، وهو يذهب الصباح إلى المدرسة وبعد المغرب إلى المسجد يحفظ القرآن، ويلعب كرة القدم في الشارع، يدرس في مدرسة خاصة، ويتعلم اللغة الانجليزية، عنده جهاز كمبيوتر وبلاي استيشن، يستمع إلى النصائح، يحب والديه، نشيط طيب حنون وعطوف، ويحب كذلك إخوانه، متمسك بالصلاة، يطبق أشياء كثيرة من السنة النبوية.

ظهرت على طفلي بعض الأعراض، وهي الخوف في الليل يسأل كثيرا، وأغلب الأسئلة الذي يسألها هي عن عذاب القبر والنار، ويوم القيامة، والجنة، يخاف من أشياء كثيرة عنده نوع من الوسوسة لا يحب أن ينام وحده يطلب من والدته النوم بقربه، أو أخيه الأكبر منه بثلاث سنوات، عنده قلق، ويخاف كثيرا إذا أصيب بأي جرح أو أي إصابة يخاف من الموت، وأحيانا لا يعلم من ماذا يخاف؟

عنده بعض الشكوك إذا رأى أباه أو أمه يفكران في شيء يظن أنهم غاضبان عليه فيخاف من غضبهما، فيسأل ويبحث لماذا هما سارحان مثلا؟

في الليل يصاب بقلق ثم خوف، وينتهي بالبكاء، يغلق ويفتح عينيه كثيرا، يشم بطن يديه دائما، وبشكل ملحوظ تقريبا كل دقيقة.

لو سمع أن شخصا الله عاقبه يسأل كثيرا، ماذا عمل لماذا عاقبه الله؟
دائما الخوف يأتي وقت الليل، وقت النوم إذا عمل شيئا خطأ أو أغضب أحدا، لازم يكلم أمه، ويطلب النصيحة منها.

يحب يكون على صواب دائما، لا يحب الغلط لو قابل شخصا كبيرا في السن بأي مكان يجري يسلم عليه.

الله يرضى عليكم طمئنوني على وضعه، وما هو الحل؟ وهل هذا مرض نفسي؟ وما هو العلاج؟

وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ام حذيفة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنشكرك على ثقتك في إسلام ويب، ونشكرك على اهتمامك بأمر طفلك هذا، ونسأل الله تعالى أن يحفظه، وأقول لك أن هذا الطفل الذي يعاني منه نسميه بالمخاوف الوسواسية، وهي شائعة جدا وسط الأطفال واليافعين، وبما أن الطفل - حفظه الله - طفل متميز ومتدين وله مواهب ومقدرات، فهذا النوع من الأطفال دائما يريد أن يطلع على دقائق الأمور ويشرح الفكرة كما يقولون، وبما أن رصيده في الدين عالي فبدأ يسأل عن أشياء مثل يوم القيامة وعذاب القبر والجنة والنار، هذه دائما هي محتويات التفكير الوسواسي لدى الكثير من المتدينين، وهذا إن شاء الله خير، والمطلوب هنا هو طمأنة الطفل بقدر المستطاع، وأن نحاول أن نلفت انتباهه إلى أنشطة أخرى، مثلا دعوه ينخرط في الألعاب الرياضية، أعطيه بعض المهام في المنزل، إشعاره بأنه عضو فعال في الأسرة.

هذا حقيقة يساعده كثيرا، وفي نفس الوقت لا مانع أن يشرح له أن هذه الشكوك هي نوع من الوسوسة البسيطة تأتي للناس، واضربي له مثلا أن فلان وفلان قد مر بنفس هذا الوضع وهذا الأمر انتهى تماما.

كما أعتقد أن شيخ المسجد يمكن أن يطمأنه ويشرح له ما به؛ لأن الكثير من هذه الحالات كثيرا ما تعرض على الأخوة المشايخ والأئمة، فالموضوع كله يقوم على طمأنة الطفل، وأن نقول له أن هذه وسوسة، وأنها أفكار سخيفة يجب أن لا يهتم بها وأن يتجاهلها، ويجب أن نكون حذرين من موضوع الشيطان، نعم نحن نؤمن تماما أن بعض الوسوسة هي من الشيطان كما قال تعالى: {من شر الوسواس الخناس} لكن بعضها هي عبارة عن أفكار مرضية قلقية وليس أكثر من ذلك.

حتى وإن سأل الطفل عن دور الشيطان نقول له: نعم الشيطان يلعب دورا في الوسوسة، لكن أنت أكرم من الشيطان وأنت أقوى من الشيطان، ألم تعلم أن الله تعالى قال: {إن كيد الشيطان كان ضعيفا} وألم تعلم أن الله تعالى قال: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} وذلك لأن الشيطان يخنس ويصبح كالبعوضة عند قولنا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أي نستعين بالله تعالى على إبليس اللعين، وتستطيع أن ترد كيده وهو إن شاء الله سوف يخنس وسوف ينتهي، وأنت لأنك متدين وطيب ولطيف أتتك هذه الحالة البسيطة وهي سوف تنتهي تماما، وهي مرتبطة الآن بالقلق وليس بالشيطان.

هذا مهم جدا حتى لا نجعل الطفل يعيش في تناقض مع ذاته، أنا متدين وأتقي الله كيف يكون للشيطان سبيلا علي؟
كثيرا من الأخوة يسألون هذه الأسئلة، وأنا متأكد أن أحد المشايخ سوف يكون مقتدرا وأفضل مني في أن يوضح له الحقائق ويطمأنه تماما، ويمكنك أيضا أن تقومي بهذا الدور.

بقي أن أقول لك أن الأدوية تلعب دورا في علاج هذه الحالات. نعم أنا أعرف أن الطفل صغير، ولازال عمره عشر سنوات، لكن هنالك أدوية تناسب عمره. عقار يسمى تجاريا باسم (فافرين) ويسمى علميا باسم (فلوفكسمين) هذا الدواء نعطيه أحيانا في حالات الوساوس المطبقة، وهنالك عقار يعرف تجاريا باسم (بروزاك) ويعرف علميا باسم (فلوكستين) أيضا يعطى في مثل هذه الحالات، لكن أنا لا أريد حقيقة أن أقفز لاستعمال الدواء في حالته، في هذه المرحلة فقط يشرح له، يطمأن، وتحقر فكرة الوساوس، وإذا ظلت الوساوس معه والمخاوف هذه فهنا أعتقد أن الدواء يعتبر ضروريا، وعموما الأدوية سليمة جدا وفاعلة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات