السؤال
مشكلتي معقدة جدا، فأنا عانيت من الوسواس في العقيدة والدين لسنوات طويلة، ولم أكن أعرف حينها أنها تصيب أغلبية المسلمين، فلقد ظننت لسنوات أنني الوحيدة التي أفكر هكذا، وظللت أبكي وأدعو الله أن لا يدخلني النار، رغم الأفكار الغير لائقة بالله، والتي كانت تأتيني، بعدها حينما سمعت أحد المفتين يقول قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) اطمأن قلبي كثيرا، ونسيت الوسواس، وعشت سنتين بعدها وأنا قريبة من الله، وحين تأتيني الوساوس أني غير مصدقة بوحدانية الله أتذكر الحديث وأطمئن، لكن المشكلة أنني تذكرت أنني في إحدى المرات، وفي حالة يأس من الوسواس، قلت لا يهمني إن كنت كافرة أم مؤمنة، وحدث ذلك قبل سماع الحديث، بعدها استغفرت الله، ونطقت الشهادتين.
أنا الآن أتعذب، لأنني أعتقد أن الله لن يقبل توبتي وتشهدي، لأنه من يتشهد ويدخل الإسلام مجددا يجب أن يكون موقنا بالشهادة، أما أنا فمازلت تحت رحمة الوسواس، وحين أتشهد أحس أنني غير موقنة بها ومؤمنة بها من كل قلبي، أرجوكم ساعدوني، فأنا لا أستطيع العيش، وأنا أعتقد أني سأخلد في النار، أنا خائفة جدا، وأريد الخلاص.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.
إن داء الوسوسة من شر الأدواء التي إذا تسلطت على الإنسان أفسدت عليه دينه ودنياه، فنسال الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يذهب عنك هذا الداء، وأن يصرف عنك كل مكروه، ويكتب لك الشفاء العاجل، وخير وسيلة للشفاء من هذا الداء أيتها الكريمة هو الإعراض عنها بالكلية، وعدم الالتفات إليها أو الاسترسال معها، وهذه وصية النبي صلى الله لمن جاءته الوساوس، قال: (فليستعذ بالله ولينته) فهذان دواءان ربانيان نافعان - بإذن الله تعالى - إذا حزمت أمرك وأخذت بهما:
الأول: اللجوء إلى الله تعالى والاحتماء والاعتصام به وسؤاله سبحانه وتعالى أن يصرف عنك المكروه.
والثاني: الانتهاء عن هذه الوساوس بأن تصرفي ذهنك وفكرك عنها وتشتغلي بشيء آخر غيرها، ولا تسترسلي معها.
وإذا سرت على هذا المنهج فإنك ستشفين - بإذن الله تعالى - عن قريب، ولا تهتمي أبدا ولا تحزني، ولا تقلقي بسبب ما يحاول الشيطان أن يقذفه في نفسك بهذه الوساس، فإن كراهة الإنسان للوسوسة وبغضه لها وخوفه من التلفظ بها، كل هذا من علامات وجود الإيمان في قلبه، وبهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاء الصحابة يشتكون إليه أن الواحد منهم يجد في نفسه ما يفضل أن يحرق حتى يصير حممة - يعني كالفحم - ولا يتكلم بهذا الشيء الذي يجده في صدره، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم منهم ذلك قال: (ذاك صريح الإيمان) فجعل النبي صلى الله عليه وسلم كراهيتهم لهذه الوساوس وخوفهم منها، ونفرتهم منها صريح الإيمان.
فنحن لا نخاف أبدا عليك كفرا بهذه الوسوسة، بل ما رأيناه منك من بغض لها وخوف منها دليل على إيمانك بإذن الله تعالى، وقري عينا ولا تحزني أبدا لما تجدينه من هذه الوساوس، فادفعيه بالطريقة التي ذكرنا لك، ولن تحتاجي أبدا إلى تجديد الإسلام.
أما التشهد بكلمة الشهادة فإنه أمر مستحب على الدوام، لكن ليس لأنك خرجت من الدين ثم عدت إليه، فأنت أبعد ما يكون من ذلك بإذن الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل سوء ومكروه.