كيف أعزز ثقتي بنفسي وهل يتعارض ذلك مع ديننا الحنيف؟

1 500

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود أن أعرف عن الثقة في النفس (معناها - خطواتها- كيف أحسها - وسائلها)؟

وهل الثقة في النفس تتعارض مع الثقة في الله؟

وكيف أثق في نفسي، ونفسي أماره بالسوء؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته/ وبعد،،،

نشكر لكم هذا السؤال الرائع الذي يدل على نفسية رائعة متطلعة إلى الإيجابية والثقة بالنفس.

أخي الكريم: الثقة بالنفس مطلب شرعي سلوكي نفسي، والتكاليف الشرعية تؤيد هذا المنحى، فالذي لا يثق بنفسه لن يستطيع تحمل أي مسئولية قانونية أو أخلاقية، وقد ورد ما يشير إلى تحمل هذه المسئولية في قول النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته)، وقوله: ( لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع...الحديث)، فتحمل مسئولية النفس ومسئولية الأسرة والوظيفة والدولة؛ كلها مهام لا يمكن أن يقوم بها على وجهها الأكمل رجل فاقد الثقة في نفسه!

بل كل التكاليف الشرعية مبنية على هذا الأساس، أساس الثقة بالنفس، لذلك نجد أن الشخص المصاب بالوسوسة لا يؤدي الصلاة بسهولة، وكذا بقية العبادات؛ بسبب نقص الثقة في نفسه وفيما يفعل.

إذن مطلب الثقة بالنفس مطلب شرعي مهم، وهو مبثوث في ثنايا شريعتنا العظيمة، وموجود في كل أمر وتكليف فيها، ولكن -حديثا- بعد تشعب العلوم، وسهولة تصنيفها وفهرستها وفرزها، تبين هذا المطلب أكثر في الناحية النظرية والعلمية، أما الناحية التطبيقية فالمسلم هو أكثر شخص يثق بنفسه في العالم، لذلك تجده إذا دخل معركة القتال مع عدوه لا يهاب ولا يفر!

أما مطلب تحصيل الثقة بالنفس فيمكنك تحصيلها إجمالا في رضى الله عز وجل وطاعته، فالراضي يعيش في ثقة من نفسه، مطمئنا بما قسم الله، لا يتزعزع ولا يتسخط، ولا يحتاج لزيارة العيادات النفسية، لأن هرمون الثقة كفيل بإعطائه مصل وقاية بقية عمره.

لكن يمكن وضع خطوات إجرائية تساعدك على الوصول إلى هذه الثقة أو نيل قسط كبير منها، ومن هذه الخطوات على سبيل المثال:

1- الاستعانة بالله، وتفويض الأمر إليه، بعد اتخاذ السبب المشروع، وفي الحديث: (استعن بالله ولا تعجز).

2- صلاة الاستخارة من العوامل الحاسمة في إحباط أي تردد، لذلك احرص عليها في الأمور التي تهمك.

3- انظر إلى نفسك بإيجابية، وأن عندك الكثير من النعم التي وهبك الله إياها، والمهارات التي تجيدها، لا تقارن نفسك أبدا بشخص في مخيلتك، وتجعله مقياسا لنجاحك، فقد يكون ذلك الشخص بارعا في مجال، وأنت بارع في مجال آخر، فليس ذلك الشخص مقياسا لك.

4- اسع في تنمية مهاراتك التي تحبها، فهذا أدعى لأن تبرز فيها، ولا تشتت نفسك كثيرا، وحاول التركيز على ما تحسن فقط.

5- لا تسمع لكلام الناس فيك قدحا أو ذما، واجعل كلام الناس مقياسا للفشل والنجاح فقط، ولا تجعله عامل تأثير في اتخاذ قراراتك.

6- نظم وقتك، ورتب أولوياتك، واعلم أن من يفشل في التخطيط ، فهو يخطط للفشل.

7- لا بأس بتلقي دورات في التنمية البشرية، ومبادئ العلوم النفسية التي تبصرك بكثير من هذه الخطوات، وتدربك على اتخاذ القرارات، وعلى التواصل مع الآخرين بدون خوف أو وجل.

أما سؤالك: هل تتعارض الثقة بالنفس مع الثقة بالله؟
الجواب: لا تعارض، بل هما متكاملتان، فثقتك بنفسك إنما تستمدها من ثقتك بالله، لذلك قالوا: من كان لله أعرف، كان له أخوف، وحاصلها أن من خاف الله، لم يخف غيره، وهذه هي الثقة بعينها.

أما قولك: كيف أثق بنفسي ونفسي أمارة بالسوء؟

فهذا هو التحدي الحقيقي، وهو أن تجد من يستفزك ويعاندك ويغالبك، ولولا العدو ما عرفنا الصديق، ولولا الإقدام ما عرفنا الشجاعة، ولولا البخل ما عرفنا الكرم، فبضدها تتبين الأشياء كما يقال، وهكذا نفسك التي بين جنبيك التي تغالبك، فعليك بمغالبتها وثق أنك منصور، طالما قمت بأسباب الطاعة التي أمرك الله تعالى بها، وهذا وعد الله تعالى لعباده: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وإن الله لمع المحسنين)
فهل نثق بوعد الله!

وهكذا نرى أن الدائرة تعود إلى النقطة الأولى: من كان لله أعرف كان منه أوثق!

بارك الله فيك ويسر الله أمرك.

مواد ذات صلة

الاستشارات