السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أود أولا أن أشكركم على موقعكم, وعلى نصائحكم القيمة.
موضوعي باختصار أني أحس أن حياتي متأخرة جدا، فقد مر من عمري الكثير، من غير إنجازات تذكر في حياتي! بلغت من العمر 35 عاما، ولم أتزوج بعد، وليس لي وظيفة، وأحس أن حياتي غير منتظمة، ولا أعرف كيف أخطط لحياتي, أي بمعنى ليس لي هدف محدد في الحياة, أحس أن حياتي عشوائية.
رغم اجتهادي في الدراسة لكني دائما أحصل نتائج أقل من توقعاتي! ودائما أحس أن هناك بعض العوائق في حياتي تحول دون نجاحي وتفوقي، حتى في أبسط الأمور، وهذا الشيء جعلني أفقد الثقة في نفسي, رغم أني منتظم في أداء واجباتي الدينية ومحافظ - والحمد لله -.
أريد نصيحتكم وتوجيهي, هل أنا مريض نفسي أحتاج لعلاج أم ماذا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فالجواب على سؤالك الأخير فيما إذا كنت مريضا نفسيا، فمما ذكرت في السؤال لا يشير إلى مرض نفسي، وإنما قد يشير إلى بعض التحديات أو الصعوبات النفسية، وليس مرضا نطلب علاجه.
هناك عدة طرق للتعامل مع هذا السؤال، وهذه الجوانب التي وردت في سؤالك، وإحدى هذه الطرق هي أن نفكك هذه الجوانب التي وردت في سؤالك، ونحاول أن نرى فيما إذا كانت مقلقة أم لا.
تقول إنه مر من حياتك الكثير ولم تنجز إنجازات تذكر، فلا زواج ولا وظيفة، ومن قال إن النجاح في الحياة لا يتم إلا عن طريق الزواج والوظيفة، نعم الزواج نعمة وسنة من سنن الكون والحياة، ومن سنن الإسلام أيضا، ولكن هل أنا لا يمكن أن أحقق غاية وجودي في الحياة إلا بالزواج؟ الجواب لا، فهناك الكثيرون ممن نجح في الحياة وهو سعيد، ولكنه لم يتزوج، سواء من الرجال أو من النساء.
هذه ليس دعوة للتقليل من أهمية الزواج، بل على العكس أنا أدعوك لاتخاذ خطوات عملية للزواج، بالحديث مع بعض الأقرباء والأصحاب، وهناك الكثير من الناس من يتزوج وقد تجاوز السن التي أنت فيها وبكثير، ولكني أقول إن عدم زواجك حتى الآن لا يعني الفشل أو التعاسة.
هناك الكثير من الناس من غير الموظفين هم في حال أحسن بكثير من الموظفين، وهؤلاء من المزارعين والحرفيين والتجار والباعة، ومهن أخرى كثيرة، وهناك الكثير من الموظفين ممن يتمنى لو يستطيع التخلي عن وظيفته، وأن يعيش حرا كغيره من أصحاب المهن الحرة.
ذكرت أنه ربما كان هناك بعض الأمور التي تحول دون نجاحك وتحقيقك للنتائج التي تريد، نعم هذا ممكن، ولكن السؤال ما هي هذه الأمور؟ فهي إما أمور ليست تحت سيطرتك، ويصعب أو يستحيل تغييرها، فربما علينا القبول بها، ومحاولة إيجاد طرق تعوض عنها، وإما أنها أمور تقع تحت سيطرتك، وبالتالي عليك تحديد ما هي هذه الأمور، ومن ثم تسعى لتجاوزها، واحدة واحدة.
هناك قول جميل لأحد الفلاسفة أنه ليس القدر هو الذي يصنع الإنسان، وإنما الإنسان يصنع قدره، وأن من لا يجد الظروف المواتية، فإنه يوجد هذه الظروف في حياته، والله تعالى يقول: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} ويقول سبحانه: {إن تنصروا الله ينصركم}.
جميل أخي أحمد أنك مواظب على عباداتك، فبارك الله فيك، وسدد خطاك، ومن يدري أن الله يبتليك بما وصفت في سؤالك ليرى منك ما يسره تعالى {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا} ولم يقل تعالى أكبر عملا، وإنما طلب الإحسان، أي أن نقوم بالعمل بالشكل الأفضل الذي نستطيع عليه، وأن نقوم به وكأننا ننظر إلى الله تعالى، ونتذكر أنه إن لم نكن نراه فإنه يرانا.
حدد لنفس بعض الأهداف الواضحة التي تريد تحقيقها، مهما كانت هذه الأهداف صغيرة، وأنا أفضل أن تكون هذه الأهداف بسيطة قابلة للتحقيق، ومن خلال الزمن ستتمكن من تحقيق أهداف ما ظننت أنك تستطيعها، وهكذا، فالنجاح يولـد نجاحا آخر، والله لا يضيع أجر المحسنين، ممن يحسنون العمل والأداء.
وفقك الله، وإن شاء الله نسمع أخبارك الطيبة.